دراسة تجد أنّ الذكور ممثلون أربع مرات أكثر من الإناث في الأعمال الأدبية
استخدم باحثون من مدرسة USC Viterbi للهندسة تكنولوجيا الذكاء الصناعي ليخلصوا إلى أنّ الشخصيات المذكّرة أكثر انتشارًا بأربع مرات من الشخصيات المؤنثة.
ألهمت حالات التحيز الجنسي المخفية في الأدب الباحث مايانك كيجريوال، وهو باحث رائد في معهد علوم المعلومات في USC، بالإضافة إلى خبراته في مجال معالجة اللغات الطبيعية NLP، للقيام بهذا العمل. بينما تتحرّى وتحلّل العديد من الدراسات المنشورة حاليًا الحالات النوعية لتمثيل الإناث في الأدب والإعلام، استغلّ بحث كيجريوال نقطة قوّة هذه الدراسات من خلال جمع بيانات كميّة باستخدام خوارزميات التعلّم الآلي الحالية. في سبيل الحصول على هذه النتائج وكمحاولة إضافية لتقليل الانحياز عند الباحثين، توصّل الباحثان كيجريوال وناغاراج إلى البيانات من خلال مدونات مشروع غوتنبرغ، والذي يحتوي على 3000 كتاب باللغة الإنكليزية. تتنوّع هذه الكتب من مغامرات وخيال علمي، إلى ألغاز وقصص رومنسية، وتأتي بأشكال مختلفة كروايات وقصص قصيرة وأشعار.
أكارش ناغاراج، مساعد في تأليف هذه الدراسة وهو مهندس تعلّم آلي في شركة ميتا، كان قد ساعد في الكشف عن عدم التكافؤ الأدبي بين الإناث والذكور.
يقول كيجريوال، وهو بروفيسور وباحث مساعد في قسم الهندسة الصناعية وهندسة النظم في جامعة Daniel J Epstein <<التحيّز الجنسي حقيقة واقعة، وعندما نرى الإناث أقل عددًا بأربع مرات في الأدب، فإنّ ذلك سيترك أثرًا لا شعوريًا عند الناس الذين يقرؤون هذا الأدب>>.
يضيف كيجريوال <<أظهرنا بشكل كمّي الطريقة غير المباشرة التي ينتشر من خلالها التحيّز في الثقافة>>.
يشير ناغارج إلى أهمية الوسائل التي اتبعوها ونتائج دراستهم، إذ منحتهم فهمًا أكبر للتحيّز وعواقبه في المجتمع <<تُعد الكتب نافذة على الماضي، وترينا كتابات أولئك المؤلفين لمحة عن مدى فهم الناس لهذا العالم وكيف تغيّر هذا الفهم>>.
الرجال في كل مكان وبشخصيات رئيسية:
تلخّص الدراسة عدة طرق لتحديد انتشار الإناث في الأدب. استخدم الباحثان التعرّف على الكيان المسمّى Named Entity Recognition، وهي طريقة معروفة في مجال معالجة اللغات الطبيعية، في استخراج سمات مميزة للجنس. يقول كيجريوال <<إحدى الطرق التي اتبعناها كانت عبر التدقيق بأعداد الضمائر المؤنثة الموجودة في الكتب مقارنة بعدد الضمائر المذكرة >>. التقنية الأخرى هي إحصاء عدد الشخصيات الرئيسية المؤنثة من مجمل عدد الشخصيات، الأمر الذي ساعد فريق البحث في تحديد إذا ما كانت الشخصيات المذكرة محورية في القصّة أم لا.
أظهرت نتائج الدراسة أنّ التفاوت بين الشخصيات المذكرة والمؤنثة يتناقص في كتابات المؤلفات الإناث. يضيف ناغاراج <<لقد أظهرت لنا الدراسة بوضوح أنّ النساء كانت في ذلك الوقت تمثّل نفسها أكثر ممّا كان يقوم به الكتاب الذكور>>.
لم تكن الطرق المتنوعة التي اتبعها الفريق في قياس وتحديد تمثيل الإناث في الأدب دون قيود، وذلك فيما يخصّ المؤلفين غير الذكور وغير الإناث. يقول كيجريوال <<انتقدنا المراجعون عندما نشرنا الورقة الخاصة بمجموعة البيانات، وذلك لأنّنا كنّا قد أهملنا الأجناس غير الثنائية. نحن نتفق معهم نوعًا ما. نعتقد أنّ الأمر مجحف للغاية فنحن لن نستطيع إيجاد العديد من الشخصيات المتحولة جنسيًا أو غير ثنائية الجنس>>.
تحدّي الثنائية الجنسية:
اعترف كيجريوال بأنّه لا توجد بعد أدوات في الذكاء الصناعي خاصّة بتحديد كلمات الجمع، مثل الضمير <هم>، والذي يشير إلى أفراد عديمي الثنائية الجنسية. ومع هذا، تؤسّس نتائج هذه الدراسة الإطار لمقاربة هكذا مواضيع اجتماعية وبناء التكنولوجيا التي ستتناول هذه النواقص.
تقدم أيضًا هذه الدراسة مخططًا للعمل مستقبلًا على تكملة النتائج النوعية التي اكتشفها الباحثان، وذلك من خلال المنهجيات المتبعة في هذه الدراسة.
من دون وجود التحيّز في الاستبيانات التي يجريها أشخاص عاديون، فإنّ تقنية معالجة اللغات الطبيعية مكّنت الباحثين أيضًا من إيجاد روابط بين الشخصيات المحددة الجنس، الأمر الذي أدى إلى تعميق فهمهم للتحيّز وتغلغله في المجتمع. يقول ناغاراج <<حتى بوجود الإسناد الخاطئ، فإنّ الكلمات المرتبطة بالنساء كانت صفات مثل: <ضعيفة> و<لطيفة> و<جميلة> وأحيانًا >غبية>. بينما تضمنت الكلمات التي تصف الشخصيات المذكرة<قيادة> و<نفوذ> و<قوّة> و<سياسة>>>.
بينما لم يستطع الفريق في نهاية المطاف إحصاء هذه الناحية من الدراسة الخاصة بهم، يقدم هذا الاختلاف في التوصيفات النوعية بين الشخصيات المحددة جنسيًا مجالًا مستقبليًا من أجل تحقيقات نوعية أكثر شمولية عن ارتباط الكلمات بالجنس. يضيف كيجريوال <<تظهر لنا الدراسة التي قمنا بها أنّ العالم الفعلي معقّد ولكن هنالك فوائد عائدة على كل المجموعات المختلفة في مجتمعنا والمشاركة في النقاش الثقافي. عندما نقوم بذلك، سيبدو ذلك نظرة أكثر واقعية على المجتمع>>.
يأمل كيجريوال أن تساعد هذه الدراسة في إبراز أهمية البحث متداخل الاختصاصات، إذ تستخدم تكنولوجيا الذكاء الصناعي لإبراز القضايا الاجتماعية الملحّة وقضايا عدم المساواة والتي يمكن تناولها. يستطيع أصحاب المصالح من ذي الخلفيات التخصصية لما في ذلك علماء الحاسوب تقديم أدوات لمعالجة البيانات والإجابة عن الأسئلة، وبالمقابل يمكن لصانعي القرار استخدام هذه البيانات لإحداث التغيير.
- ترجمة: محمد حلاق
- تدقيق علمي ولغوي: نور عباس
- المصادر: 1