هل تشعرين بالاختلاف عن الأخريات؟

«نحن نحتاج لوسائل اختبار تشخيصيّة أفضل للتوحّد عند النساء».

«لقد تمّ تطوير مقاييس ومعايير تشخيصيّة مستخدمين رجالاً وأولاد من العرق الأبيض، ولكنهم فشلوا في خدمة العديد من حالات التشعّب والتنوّع العصبي والعقلي لدى النساء والفتيات».

«أنتِ لا تبدين متوحّدة انطوائيّة» …

هذا مايقوله الناس عندما أخبرهم لأول مرّة بأنّني في طيف التوحّد، لكن في الحقيقة أنا أبدو متوحّدة، خاصّة أنّ المشكلة هي أن المهنيين الطّبيين لا يعرفون عن ماذا يتوجب عليهم أن يبحثوا عنه عندما يرتبط الموضوع بتعريف وتحديد وتشخيص التوحّد لدى النّساء والفتيات.

«أنا أستاذة وكاتبة سيناريو ومنتجة، أمّ وامرأة لديها توحّد، التّحديّات التي واجهتها للحصول على تشخيص هي التي قادتني للاعتقاد بأنّه يتوجّب علينا تطوير معيار مقياسي تشخيصي دقيق للتوحّد، وأفضل معيار تشخيصيّ خاصّة للنساء والفتيات.

هذا الاختبار وهذه المعايير يجب أن تُنشَأ بواسطة النّساء المصابات بالتوحّد وعلماء النّفس الذين يفهمون كيف التوحّد يظهر بطرق مختلفة في النساء والفتيات.

التّقدير المتداول هو المثال الرّئيسيّ على التّحيّز الجنسيّ في الطّب ومثال عن كيفيّة انتشار التّشخيص مع التّحيّز الجنسيّ والعرقيّ.

آخر المعايير التشخيصيّة للتوحّد حُدِدَت في 2013 في دليل الإحصائيّات والتّشاخيص للاضطرابات العقليّة(DSM_5) هذهِ النّسخة لديها متطلبات مقيّدة جدّاً لتشخيص التوحّد مثل: العجز في التّواصل اللا لفظيّ، العجز في عرض القضايا الاجتماعيّة باستخدام أحاديث متكرّرة، صعوبة المداومة على العلاقات والحفاظ عليها، ومتطلبات التّشخيص هذه أصبحت قديمة وخاصّة تجارب التوحّد الخاصّة بالذكور البيض المتوحّدين وحتى الآن.

أغلب الاختبارات النّفسيّة المشخّصة للتوحّد تم تطويرها بالاعتماد على تجارب وأعراض الذكور البيض المتوافقين مع الجنس، الDSM لايميّز بين الأنواع الفرعيّة للتوحّد، وهي تشمل متلازمة اسبيرجر ، ومتلازمة اسبيرجر هي اضطراب في النّموّ مرتبط بالتوحّد، يتميّز بقدرة ذهنيّة أعلى من المتوسط وضعف مهارات اجتماعية وأنشطة مقيّدة متكرّرة. هذا يعني عندما يزرن النساء والفتيات أطباءهنّ مع أعراض تقودهنّ للاعتقاد بأنّ لديهنّ توحّد، أعراضنا لا تتناسب مع معايير التّشخيص مما يقود إلى عدم تشخيص أو تشخيص غير صحيح.

تطوير اختبار أكثر دقّة في التّشخيص هي قضيّة تتعلّق بالسلامة وجودة ونوعيّة الحياة، بالنسبة للعديد من النّشاء هو صراع صامت لماذا هنّ مختلفات، ويتضمّن هذا أنا، ترعرعت في التسعينات كنت مختلفة عن بقيّة الفتيات لكن لم أفكر أبدا وبشكل محدّد بأنّ لديّ توحّد، طبعًا أنا دخلت في مجالات مختلفة، انجذبت للفلسفة والكتب التي شرحت معنى الحياة، كنت حرفيّة للغاية، مفتونة بالرياضيات والأرقام. وكما هو شائع في التوحّد، أنا لم أحبّ أن يلمسني أحد، أضحك في أوقات غير مناسبة، أكل نفس الطعام كلّ يوم، وكانت المنسوجات والرّوائح والأصوات تثيرني دائمًا، لقد بدأنا باكتشاف بأنّ هذه السّمات هي أقرب لتحديدها في النساء والفتيات المصابات بالتوحّد».

«بلا شك كنتُ مختلفة عن الفتيات الأخريات المصابات بالتوحّد حيث كانت صفاتي أكثر دقّة من شخص عادي مصاب بالتّوحّد، ولأنّني أصبحت معتادة على إخفاء هذه المراوغات -الفتيات االمتوحّدات والمصابات باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بارعات بالقيام بذلك- لم يشتبه أحد بأنّني كنت أعيش في طيف التوحّد، حتى عام 2020 عندما كنت في الثلاثينات وأبحث عن التوحّد من أجل ابني، حيث بدأت أشتبه بأنّني كنت في طيف التوحّد، هنا حيث بدأت مشاكلي، لقد استغرقني عام كامل للعثور على الطبيب النّفسي يقوم بعمل اختبار على البالغين ولديه اطلاع وفهم على النساء المتوحدات والذي لن يتقاضى مني 5000$ أو أكثر للتقييم، لأنّ ضماني الصحّيّ لن يغطّي تكاليف ذلك الاختبار، معظم الأماكن التي اتصلت عليها كانت جاهلة عندما يتعلّق الأمر بتشخيص النّساء البالغات، هؤلاء الأطباء النّفسييّن كانت لديهم خبرة قليلة بتشخيص الفتيات أيضًا، بعد عام من البحث عن طبيب نفسيّ مؤهل، متاح، ميسور التكلفة، وجدته وأخيراً ذلك الطّبيب، حصلت على تشخيص بالتّوحّد 2021، وأخبروني بأّني مصابة بمتلازمة اسبيرجر، ولكن منذ اطلاق DSM5 (الدليل التّشخيصيّ والإحصائيّ للاضطرابات النّفسيّة) المصطلح قد دخل في التّعريف عام لاضطرابات طيف التّوحّد، وبسبب معايير التّشخيص الجندريّة والضّيقة غالباً يخبرنا الأطباء عوضاً عنه، بأنّ لدينا اضطراب المزاج المتعلّق بالحيض أو قلق وضيق وخوف، كما أخبروني مسبقاً. أو نُصفَع بشكل صارخ بتسميات غير دقيقة.

عبر التّاريخ ضُللت التّسمية (كهستيريات)، أعتقد أنّ العديد من تلك النساء كنّ فقط (متشعّبات في الحالة العقليّة والعصبيّة) ويحاولن أن يتلاءمن مع عالم عصبيّ نمطيّ، وبسبب هذه التّسميات الخاطئة ونقص الاختبارات، تمّ تجاهلنا، وتشخيصنا بشكل خاطئ، أو عدم تشخيصنا بشكل كامل، فينتهي الأمر بالعديد مننا بالتشخيص الذّاتي لحالتنا لاحقاً في حياتنا، بعد سنوات من التّساؤل لماذا نشعر بأننا خارج هذا العالم ولكن أجسادنا موجودة، القلق والاكتئاب شائعة جداّ في حالة التشعّب العقليّ والعصبيّ لدى النّساء وخاصّة اللاتي بقين دون تشخيص، النساء المتوحّدات يرتفع لديهنّ خطر المحاولة للانتحار من 3 إلى 4 مرّات مقارنة مع النّساء ذوات الطّابع العصبيّ النموذجيّ، الأمراض المرافقة شائعة جداً عند النّساء المتوحّدات حيث تزيد بشكل كبير من المخاطر، تشير الأبحاث بأن النّساء المتوحّدات والمصابات باضطراب فرط حركة ونقص انتباه يملكن فرصة أعلى لمحاولة الانتحار. وفجأة نجد أنفسنا نكافح لتجنّب الانهيار، وأنه أمر مرهق، إذا لم يكن لديك فهم لماذا تشعر هكذا وبهذه الطريقة، فسيصبح جنوناً، معرفة أنّك مصاب بالتّوحّد، إلى جانب حالات التنوّع العصبيّ والعقليّ المرافق، و مُعرَّض للقلق والاكتئاب والإرهاق، ربما يساعد النّساء اللواتي يعانينَ، للوصول للعلاج والدّعم الذي يحتاجونه، لكن أفضل معايير التّشخيص هي «البداية»، نحن أيضاً بحاجة لبرامج أكثر مثل مجموعات للعلاج الجماعيّ ومجموعات دعم للنساء اللاتي تمّ تشخيصهم بالتوحّد في مرحلة البلوغ.

تدريب المعلمين والأطباء وعلماء النّفس على مايجب البحث عنه في النّساء والفتيات وكيفيّة استيعابنا، هو الذي يجب أن يصبح المعيار الجديد، فهم التّوحّد في الفتيات هي أيضاً مسألة تتعلّق بالسّلامة، حيث أنّ هؤلاء الفتيات أكثر عرضة لسوء معاملة جنسيّة ب3مرّات، نحن نميل لنكون أكثر ثقة وسذاجة لأننا نحن مباشرين وصريحين ونتوقع بأنّ النّاس الآخرين مثلنا تماماً، من الصّعب علينا إدراك النّوايا السّيئة والمريضة والدّوافع الخفيّة للآخرين، وهذا يجعلنا غير محصنين وسريعي التأثّر بشكل كبير بالتّعاطيّ.

كلّ شخص يستحق فرصة للنّجاح والإرتقاء لعظمته بما في ذلك النّساء المتوحّدات، بازدياد عدد الفتيات والنّساء المدركات لحالة التنوّع العصبيّ والعقليّ لديهم فإنّ الحصول على اختبار صحيح ووسائل الرّاحة المناسبة يعني بأنّ لدينا فرصة أفضل لتقديم أفضل ما لدينا».

  • ترجمة: نغم الحمادي
  • تدقيق علمي ولغوي: علياء أحمد
  • المصادر: 1