4 استراتيجيات للتغلب على تشتت الانتباه
الملخص: في ظلِّ كثرة الإحصائيات المنتشرة حول الإنتاجية الشخصية، هناك إحصائية على وجه التحديد أجدها مُقلِقة: يتشتت انتباه الشخص العادي أو ينقطع كل 40 ثانية بينما يعمل أمام شاشة جهازه الحاسوبي. عندما يتشتت انتباهنا بالكامل، تظهر الأبحاث بأن الأمر قد يستغرق حوالي 29 دقيقة لاستعادة التركيز. كيف يمكننا استعادة السيطرة؟ إبدأ بخلق طقسٍ دون إلهاء، تحديد ثلاثة أهداف يومية، العمل على إنجاز مشاريع أكثر تحدياً، وتحديد موعد نهائي تقريبي للمشروع.
في ظلِّ كثرة الإحصائيات المنتشرة حول الإنتاجية الشخصية، هناك إحصائية على وجه التحديد أجدها مُقلِقة: يتشتت انتباه الشخص العادي أو ينقطع كل 40 ثانية بينما يعمل أمام شاشة جهازه الحاسوبي. بعبارة أخرى، لا يمكننا العمل حتى لدقيقة واحدة متواصلة دون أن نوجه تركيزنا نحو شيءٍ آخر. بالتأكيد، من السهل أحياناً العودة إلى المسار الصحيح ولكن عندما ينحرف انتباهنا تماماً عن مساره، فإن الأبحاث تُظهر بأنَّ الأمر قد يستغرق أكثر من 20 دقيقة لاستعادة التركيز.
لماذا؟ البشر مُبرمجون لتشتت الانتباه. تمت برمجة نظام الانتباه في دماغنا للاستجابة لأي شيءٍ ممتع أو مهدد أو جديد. حتى أنَّ لدينا تحيزاً للتجديد والحداثة، حيث يُغمَر دماغنا بمادة كيميائية تمنحنا الشعور بالمتعة هي الدوبامين، وذلك كلما ركزنا على شيءٍ جديد.
بالنظر إلى تاريخ تطورنا فإن ذلك يعتبر منطقياً. على سبيل المثال، بدلاً من التركيز فقط على إشعال نار، كان أسلافنا القدامى مشتتين بتهديداتٍ جديدة مثل اقتراب نمرٍ ذي أسنان حادة ونجوا ليعيشوا يوماً آخر كنتيجة لذلك.
على الرغم من أن حالتك قد تختلف، فأنا شخصياً لم أعد أواجه الكثير من النمور ذات الأسنان الحادة في حياتي اليومية. المُلهيات الجديدة والممتعة والمهددة لم تعد تساعدنا على البقاء، وإنما بدلاً من ذلك فإنها تصرف انتباهنا عن ما هو مثمر وذو مغزى. سيكون الفيسبوك أكثر جذباً للاهتمام والانتباه من جدول بيانات Excel على الدوام؛ مراجعة البريد الإلكتروني سيتسبب دوماً بتحرير جرعةِ دوبامين أكبر من التقرير الذي نكتبه.
إذن، كيف يمكنك استعادة السيطرة؟ بعد قراءة مئات الدراسات، وإجراء مقابلات مع العشرات من الخبراء، والقيام بسلسلةٍ كاملة من التجارب الذاتية (بما في ذلك حضور خلوات التأمل والعمل المجهد لقضاء فترة شهر من الملل المحرض ذاتياً)، تعلمت أن هناك عدداً لا حصر له من الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدنا في التخفيف من الإلهاء. فيما يلي أربعةٌ من استراتيجياتي المفضلة.
اصنع طقساً دون إلهاء. مع وجود الكثير من عوامل التشتيت التي تتنافس على جذب انتباهنا، ينبغي علينا ترويض أكبر عددٍ ممكن منها بشكلٍ مسبق. الوضع الخالي من الإلهاء – بيئة مثالية لتجنب تشتت التنبيه والتركيز على أكثر مهامك المعقدة أهمية – سيساعدك في ذلك. بالنسبة للوضع الخالي من الإلهاء الخاص بي، أقوم بتمكين مانع تشتيتٍ على جهاز الكمبيوتر الخاص بي (أستخدم تطبيقاً يسمى Freedom)، وأضع سماعات رأس لتخفيف الضجيج، وأترك هاتفي المحمول وجهازي اللوحي في غرفة أخرى، وأحضر فنجاناً من القهوة، وأحدد ما أريد أن أنجزه. بعد التركيز لمدة 45 دقيقة، أمنح نفسي مدة 10 دقائق للاستمتاع بوسائل الترفيه والإلهاء التي أريدها.
أميل إلى العمل من المنزل؛ قد يحتاج أولئك الذين يعملون في مكتب مفتوح إلى العمل بشكلٍ جاد على تغيير الظروف حولهم من أجل تحقيق الوضع الخالي من الإلهاء. في النهاية يحدث التشتت أكثر بنسبة 64٪ في المكاتب المفتوحة، وكثيراً ما تتم مقاطعتنا من قبل الآخرين في تلك البيئة أيضاً.
حدد ثلاثة أهداف يومية. عندما تعمل بعزمٍ أكبر، فإنك تركز على ما هو مهم حقاً. لتحقيق ذلك، لدي طقس مفضل يُدعَى بقاعدة الثلاث. أولُ شيءٍ في الصباح، اسأل نفسك: ما الأشياء الثلاثة التي أريد تحقيقها بحلول نهاية اليوم؟ ضع مهامك الأخرى الأقل أهمية في قائمة مهامٍ منفصلة. جزءٌ مما يجعل هذه القاعدة قوية للغاية هو أن ثلاثة أشياء تلائم انتباهنا في وقتٍ واحد وبشكلٍ مريح، وتحديدها كأولوية يضمن أنها ستبرز من اللائحة الطويلة للأشياء الأخرى الأقل أهمية.
على سبيل المثال، حددت اليوم ثلاث نوايا: إنهاء مسودة هذه المقالة، والاستمتاع بمقابلتين إعلاميتين تم جدولتهما مسبقاً، ووضع اللمسات الأخيرة على شرائح العرض لخطابٍ الأسبوع المقبل. سأتعامل مع أشياء أخرى على مدار اليوم، ولكن بسهولة ستكون هذه هي الأشياء الثلاثة الأكثر أهمية والتي سأركز عليها.
اعمل على تنفيذ الأشياء الصعبة، وأنجز المزيد منها. يميل عملنا إلى التمدد لملء الوقت المتاح لدينا لإكماله، وعادةً أيُّ وقت زائد متبقي يكون مليئاً بالمُشتتات. في الأوساط الإنتاجية، تُعرف هذه الظاهرة بقانون باركنسون. تأتي المشتتات في بعض الأحيان من عوامل داخلية وخارجية، ولكنها تحدث في أحيان أخرى لأن إنجاز عملنا لا يمثل تحدياً كافياً بالنسبة لنا. حدد كمية الأعمال غير المهمة التي لديك. إذا كانت كبيرة، فهذه عادةً دلالة على أنك تملك القدرة على تولي مشاريع أكثر صعوبة، وربما المزيد من العمل بشكل عام.
لقد لاحظت هذه الظاهرة بنفسي عندما بدأت في القيام بالمزيد من الأعمال الغير مهمة بشكل ملحوظ بعد أن قدمت مخطوطة كتابي السابق؛ كنت أميل إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني والتطبيقات التافهة على هاتفي الذكي أكثر من المعتاد. عندها أدركت أن عملي ببساطة يتمدد ليتناسب مع مقدار الوقت المتوفر لي. في هذه المرحلة، بدأت أتولى عملاً أكثر تحدياً والمزيد من المشاريع بشكل عام. كان الإلهاء إشارةً إلى أنني أمتلك متسعاً لها.
حدد موعداً نهائياً مُتصوَراً للمشروع. الأمر يعتمد عليك لإدخال عاملٍ جديد ومهدد خلال تنفيذك للمشروعات طويلة الأمد الغير مستعجلة. هل لديك فترة ما بعد الظهيرة بأكملها لكتابة تقرير رتيب؟ امنح نفسك 50 دقيقة. إن تحويل مهمة إلى لعبة يجبرك على أن تصرف مزيداً من الاهتمام والطاقة على هذا المشروع لأنه لم يعد يشغل ساعات من وقتك.
أنا شخصياً أقوم بهذا لمعظم المقالات التي أكتبها. فبدلاً من منح نفسي فترة ما بعد الظهيرة كاملة لكتابة هذه القطعة، على سبيل المثال، قمت بضبط مؤقت وأعطيت نفسي 60 دقيقة. نظراً لأنني منحت نفسي وقتاً محدوداً، فقد أجبرت نفسي للتركيز عليه بدلاً من التركيز على الملهيات المتاحة الأكثر متعة وتهديداً.
لا يمكننا أن نفعل أي شيءٍ حيال عقولنا التي تتوق إلى الإلهاء. ولكن ما يمكننا فعله هو تجهيز أنفسنا للنجاح من خلال اعتماد استراتيجيات لمنع تشتت انتباهنا في وقت مبكر، والعمل بإصرار أكبر، واستعادة انتباهنا، مرة واحدة وبشكلٍ دائم.
- ترجمة: مجدي عوكان
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1