سوف يعتمد العمل في المستقبل على هذه الأمور الأربعة

أصبحت المنظمات غير محدودة أكثر، قادرة على التصرف بسرعة، عالمية وجلية أكثر-وسيزداد الأمر في المستقبل- سيكون العمل والعمال (نعم البشر) دائماً ضروريين للمنظمات، لكن المنظمات ستصبح متنوعة أكثر، والعمل سيكون منظماً ومنجزاً بطرقٍ جديدة، من خلال الخطط التي توضع خارج أوقات العمل الكامل الاعتيادية. كيف يمكن للقادة قيادة هذا النظام الجديد المتشابك من العمل الرقمي؟ كيف يجب أن تخطط منظمتك للتغيرات القادمة؟

العديد من المعلومات المهمة بدأت بالظهور من قبل مجموعة مميزة من مديري الموارد البشرية بالإضافة لقادة آخرين. اجتمعوا معاً من خلال CHREATE (التجمع العالمي ل Reimagine HR, Employment Alternatives, Talent, and the Enterprise) لوضع تفاصيل كيفية تطور المنظمات ليتوافقوا مع تحديات المستقبل، للتعرف على المبادرات المحورية للتسريع من التطور، ولتصميم الأعمال اللازمة لجعل المستقبل حقيقة.

من أجل توضيح وجهة عالم الأعمال، قام قادة CHREATE بتحديد خمس أمور رئيسية تقود للتغيير:

إعادة التشكيل الاجتماعي والتنظيمي. ستصبح المنظمات جلية أكثر مع أصحاب المصالح وأكثر مرونة وتوجهاً باتجاه أشكال العمل متوازنة القوى وعلاقات العمل المعتمدة على المشاريع. ستكون الموهبة موجودة لأهداف متناسقة وليس للاقتصاد فقط. ما وراء الترتيبات والعقود التقليدية، سوف تجعل الشبكاتُ والتعاونُ الاجتماعي الخارجي القيادةَ أكثر توحيداً، ومشاركةً وجماعيةً.

سوق العمل العالمي الشامل للجميع. تشكل النساء وأصحاب البشرة غير البيضاء النسبة الأعظم من المواهب، وإن طول البقية يزيد من القوى العاملة متعددة الأجيال. السياسات الاجتماعية تدعم العمل غير المحدود بدلاً من العمل التقليدي بوقتٍ كامل. تجزئة العمل والعاملين تسمح بوجود مختلف السياسات والأعمال وتصاميم العمل والفوائد ووسائل الدفع، والعمال يختارون المنظمات اعتماداً على آراء أقرانهم المرتبطين اجتماعياً وعلى قادة الآراء.

عالم مترابط بحق. أصبح العمل افتراضياً بشكلٍ متزايد ويحدث في كل مكانٍ وكل زمان، من خلال الهواتف الجوالة الخاصة والتواصل العالمي على أرض الواقع. تزيد شراكات العمل غير المحدودة والشبكات من القدرات وتعيد تعريف المهن والتعليم وعوامل الإنصاف والجذب في العمل.

التغير التكنولوجي المتسارع. تقوم الروبوتات والعربات ذاتية القيادة وكشافات السلع والذكاء الاصطناعي والإنترنت بإعادة تشكيل نظام العمل للسماح لقوى العمل المرنة والمصنفة والمؤقتة بالتأقلم مع التجديد المتسارع في مجالات العمل.

تقوم المنظمات والعمال بموازنة الرهانات طويلة الأمد مع المرونة بنوع من الشك من خلال استخدام الوسائل المؤتمتة للتأقلم مع التغيرات المتكررة والمهارات المتقدمة بسرعة.

التعاون البشري المؤتمت. تقوم التحليلات والخوارزميات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي بشكل متزايد بإلغاء العمل المنجز سابقاً من قبل البشر بالإضافة لإنشاء عمل جديد يتشاركه البشر والوسائل المؤتمتة. تقوم المنظمات والعمال بتحديد وتصميم أعمالهم لتقابل هذا التشارك لا أن تقاومه.

هذه الاتجاهات لن تؤثر في جميع المنظمات على نحو متساوٍ، لذا على القادة فهم موقع منظمتهم حالياً وإلى أين تتوجه، وفهم كيف سيتغير نهجهم عن الاستراتيجية والتنظيم والمواهب من أجل الاستمرار. قامت الفرق في منظمة CHREATE بتطوير أرضية العمل القائمة على مدى ديموقراطية هذا العمل (تأثير الاتجاهات الثلاثة الأولى المذكورة أعلاه على منظمة ما) ومدى التمكين التكنولوجي (تأثير الاتجاهات الثلاثة الأخيرة) وهذه الأرضية موضحة في الشكل أدناه.

تصف كل من الأرباع الأربعة طرق تنظيم مختلفة، مع وجهات نظر مختلفة تجاه الاستراتيجية والموهبة والعمل:

الوضع الحالي. يتشابه العمل اليوم مع الاتصالات التكنلوجية المشابهة وتنظيمات العمل بكونه يعتمد بقوة على التوظيف الاعتيادي بوقت عمل كامل. قد يتضمن هذا الربع العمل الذي يتشارك فيه العمال مكان العمل ويمكن الوصول للعمال والعمليات بسهولة من خلال الاتصالات المادية. قد يمثل هذا الأمر العمل الذي يتطلب وقتاً ومكاناً معينين (مثل رعاية المسنين) أو العمل الذي يكون فيه ربط العمال بالشبكة أمراً باهظ التكاليف وغير قانوني، مثل العمل التقني في المرافق السرية، والغرف السرية، ومحطات النفط، ومواقع البيع بالتجزئة، إلخ… وقد تشمل أيضاً تنظيمات العمل التي تُطلب من قبل الأعراف السياسية والاجتماعية والتنظيمية. يعتبر هذا الربع مفضلاً حين يكون العمل مستقراً وتكون القيم التقليدية وأنظمة الأداء مقبولة.

اليوم، المشحون بالسرعة. التكنولوجيا في تطور، لكن الإدارة وأماكن العمل تتطور على نحو أبطأ. يتم دعم علاقات العمل التقليدية بالتكنولوجيا والأنظمة الأفضل والأسرع والأرخص كالهواتف الذاتية ومصادر المعلومات البشرية القائمة على الإنترنت. قد يتضمن هذا الربع مكاتب الاتصال التي يعمل بها العمال التقليديون، لكنهم يعملون في أماكن متباعدة أو من المنزل مثل شركة JetBlue’s. تتعاون شركة IBM’s “Watson” AI مع أطباء الأورام العاملين لمساعدتهم في الأبحاث. العديد من منتجات تكنولوجيا الموارد البشرية تركز على جعل أنظمة التوظيف التقليدية وعلاقات العمل مؤتمتةً من خلال الأجهزة والتعليم القائم على الشبكة وتطبيقات الهواتف الذكية ومراقبة الأداء عن بعد إلخ…

إعادة تصور العمل. هنا، تتطور أنماط التوظيف الجديدة لتشمل المنصات والمشاريع والأعمال قصيرة الأمد والأعمال المستقلة والتنافسية والعقود وجولات العمل وكذلك الأعمال بوقتٍ جزئي، لكنها كانت مدعومة بالتكنولوجيا بطيئة التطور. يمكننا ملاحظة هذا الأمر في منصات العمل المستقل مثل UpWork, Tongal, Gigwalk. وتشمل أيضاً الأفكار الجديدة في أنظمة التوظيف، كأن يتم شمل أصحاب العمل المستقل ومتعهدي العقود وأصحاب العمل الجزئي في أنظمة التوظيف الخاصة بالمنظمة، وأن يتم تعزيز أنظمة إيجاد العمال التقليدية حتى تقوم بتتبع العمال المرغوبين والتواصل معهم باستمرار باستخدام وسائل اجتماعية موجودة مسبقاً، أو أن يتم تنظيم مسابقات ابتكار باستخدام منصات التواصل الاجتماعي الحالية.

توكيل شركة أوبر. تقوم تنظيمات العمل الديموقراطية والحلقات المتسارعة من التطور التكنلوجي بدعم بعضها بعضاً. نماذج التكنولوجيا والنمط الجديد من العمل تعتمد على الذكاء الاصطناعي والحرية الشخصية التامة ومخازن المعلومات الشبكية الآمنة وسهلة الوصول. ستكون هذه المخازن بجانب كل موظف وستوفر له مكاناً للبحث يكون فيه العمل والعمال محددين ومتصلين فيما بينهم بمعجم مشترك. ستتضمن أيضاً قدرات ومؤهلات العمال، متطلبات عمل المنظمة، سجل أعمال محدث باستمرار، مصادر للتعليم والمعرفة وأنظمة للمكافئات. تسمح منظمة IBM’s Open Talent Marketplace للمديرين أن يقوموا بتجزئة العمل إلى أعمال صغيرة قصيرة المدى، وأن يقوموا بتقديم هذه العمال إلى مجموعات داخلية وخارجية من الناس الذين يستخدمون هذه المنصة لكي يقدموا على فرص العمل ولكي يشكلوا مجتمعات تساعدهم على إكمال العمل، ولكي يلاحقوا قدراتهم وسجلات أعمالهم، مستفيدين من دعم لغة عمل عامة تتطور باستمرار من خلال العلاقة ما بين الذكاء الاصطناعي والمحاكمة البشرية.

ستكون هذه الأرباع جزءاً من بيئة العمل لما لا يقل عن عشر سنوات، وسوف تتنقل المنظمات بين هذه الأرباع معتمدة على قوة ودقة القوى الخمسة وتأثيرها على المنظمة.

من طرق استخدام الخطة هي أن تطبقها على جميع أركان المنظمة، من خلال سؤال أسئلة مثل «هل هناك ربع أفضل يمكنني تطبيق محتواه؟» أو «هل علينا أن نطمح لتحقيق مضمون الربع العلوي الأيمن؟»

على أية حال، تحظى منظمتك في الغالب على أرضية تتضمن أنواع مختلفة من الأعمال كل منها يناسب ربعاً معيناً. فالعمل التصنيعي قد يدل بقوة على ربع “الوضع الحالي”. والعمل التوزيعي قد يدل بقوة على ربع “اليوم، المشحون بالسرعة”. طاقمك المحترف والعمل المتعلق بتطوير البرمجيات قد يدلون بقوة على ربع “إعادة تصور العمل”. والعمل الإبداعي قد يدل بقوة على ربع “تمكين شركة أوبر”. قد تكون تجزئة منظمتك هي الطريقة الأمثل لكشف الأنماط المختلفة.

كيف يمكنك استخدام هذه الخطة لتقود بيئة العمل المتطورة؟ قم بتحديد موقعك الحالي بالنسبة لهذه الخطة، ثم قم بتحديد موقعك المحتمل في غضون سنة إلى ثلاث سنوات. ثم اسأل نفسك “أين يمكننا صنع القيمة الأعظم (أو يمكننا تلافي الخطر الأكبر) من خلال التطور من اليوم نحو المستقبل؟

بالاستدلال بصفحة من كتاب Beyond HR يمكنك استخدام الخطة للإجابة على هذه الأسئلة في كل مرحلة من مراحل استراتيجيتك وعملك:

  • ما الذي سيحدد النجاح الاستراتيجي وقيم أصحاب المصلحة؟
  • ما هو التوظيف الاستراتيجي الذي يجب علينا أن نعرّفه، ننفذه ونحميه؟
  • ما هي العمليات الحيوية والتحولات التي يجب علينا تنفيذها؟
  • ما هي المصادر الحيوية التي يجب علينا اكتسابها، النفوذ إليها، رعايتها وحمايتها؟
  • ما هو الهيكل المحوري للمنظمة، الشبكات، العلاقات، الأعمال، ومنصات المواهب التي سيؤثر فيها التطور والتغير التأثير الأكبر؟
  • كيف يجب أن تتطور مناهجنا حول العمل، ثقافتنا، مشاركتنا وتنظيمنا للموارد البشرية؟

إن وتيرة تطور العمل تزداد يوماً بعد يوم، ومضامينها قد تكون شاقة. ابدأ بإنشاء أنظمة القيادة الخاصة بك وابدأ بسؤال الأسئلة الصعبة الآن لتقوم بقيادة أرضية التغيير.

  • ترجمة: فارس علي
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1