تشير الأبحاث إلى أن موظف سيء واحد قد يُفسد الفريق بالكامل

يبدو أن المثل القائل تفاحة فاسدة تفسد الصندوق كلّه ينطق على الموظفين أيضًا.

إن أبحاثنا عن إمكانية انتشار عدوى الفساد الوظيفي تخبرنا أنه حتى أكثر موظفيك صدقًا وإخلاصًا يرتفع احتمال سلوكه السيء إذا كان يعمل جنبًا إلى جنب مع موظفين كاذبين، وكم سيكون جميلًا الاعتقاد بأن الموظف الجيد سيؤثر بشكل إيجابي على خيارات الآخر السيء، لكن للأسف هذا شيء نادر الحدوث.

إذ إن احتمال تعلم السلوك السيء بين الزملاء أعلى وليس العكس.

بالنسبة للمديرين، من المهم أن ندرك أن تأثير الموظف المثير للمشاكل لا يقتصر على النتائج المباشرة لسلوكه السيء، بل يمتد ويشمل سلوك الموظفين الآخرين من خلال ما يسمى بتأثير الأقران أو peer effect.

لذلك عدم التقدير الكافي لهذه التأثيرات يتيح لقلة من الموظفين الخبيثين بأن يؤثروا على ثقافة الشراكة الصحية.

يمتلئ التاريخ وكذلك الوقت الحالي بسوء السلوك بين الزملاء، وخير مثال على ذلك: شركات تأمين الرهن العقاري التي أدت إلى الأزمة المالية، وسماسرة البورصة في الغرف المكتظة من أمثال Stratton Oakmont ، والبيع عبر الحدود من قبل مندوبي Wells Fargo.

وقد أردنا في بحثنا أن نفهم الكيفية التي يكون السلوك السيء مُعدي فيها.

ولفعل ذلك، فحصنا تأثيرات الأقران في السلوك السيء من خلال المستشارين الماليين، مع التركيز على توحيد شركات الاستشارة المالية التي تملك عدة فروع، حيث يقابل المستشارون الماليون زملاء جدد من فروع الشركة الأخرى، فيتعرضون لأفكار وسلوكيات جديدة في عمليات الدمج هذه.

وجمعنا بيانات شاملة حيث تحتوي على التفاصيل من الملفات التنظيمية المتوفرة للمستشارين الماليين، كما عرّفنا سوء التصرف بأنه يشمل الحالات التي يقدم فيها المستشار المالي تسوية بقدر $10000 على الأقل بسبب شكوى العميل، أو عندما يخسر قرار التحكيم.

مع ملاحظة متى تأتي الشكاوي لكلّ مستشار مالي ومتى تكون هذه الشكاوى من زملاؤه.

لقد وجدنا ارتفاع بنسبة 37% في احتمال تصرف المستشار المالي بشكل سيء إذا اجتمع مع زميل لديه سوابق سوء التصرف، وهذه النتيجة تقتضي أن عامل المضاعفة الاجتماعي للسلوك السيء هو 1.59، أي وسطيًا لكل حالة سوء سلوك ينتج بشكل إضافي 0.59 حالة بسبب تأثير الأقران.

ومع ذلك، تبقى ملاحظة سلوك مشابه بين الزملاء لا تشرح لماذا يحدث هذا التطابق أساسًا.

إذ يستطيع الزملاء التصرف على نحو مُماثِل بسبب تأثير الأقران، والذي من خلاله يتعلم الموظفون من بعضِهم البَعض معايير السلوك، ولكن قد يظهر التصرف المشابه لأن الموظفين يملكون نفس المُحفِزَات، أو لأنهم عرضةً لاختيار نفس الخيارات بشكل طبيعي بسبب اختيارهم للعمل معًا.

لقد أردنا أن نفهم في بحثنا كيف يسهم تأثير الأقران في انتشار سوء السلوك، فأجرينا مقارنة بين المستشارين الماليين في الفروع المختلفة لنفس الشركة، وهذا ما سمح لنا بالتحكم بأثر المحفزات الذي يواجهها كل المستشارين الماليين في الشركة، وركزنا مرة أخرى على التغيير في عملية الدمج بين الزملاء، لأن هذا ما جعل بإمكاننا إزالة تأثير اختيار المستشارين الماليين لزملائهم، وباختصار شديد لقد تمكنا من عزل تأثير الأقران.

كما أجرينا اختبارات شملت فقط المستشارين الماليين ممن لم يغيروا مشرفيهم خلال عملية الاتحاد، وأتاحت لنا هذه الاختبارات أن نُرجِع كل التغييرات في السلوك إلى تأثير الأقران من الزملاء من نفس الرتبة.

فوجدنا أدلة على تأثير الأقران في هذه العينة المحدودة بنفس قوة الأدلة في تلك الرئيسية، ويمكننا القول من خلال هذه النتائج أنه بصرف النظر عن تأثير المديرين، يبقى تصرف الموظفين يتغير بأثر الأقران.

وثقت الدراسات السابقة أن تأثير الأقران يكون أقوى بين الموظفين من نفس المجموعة العرقية، وبناءًا عليه استعملنا الانتماء العرقي للمستشارين الماليين، وقد بدا أن تأثير الأقران في السلوك السيء أقوى بين الزملاء الذين يتشاركون العرق نفسه.

إن معدل انتقال السلوك يتضاعف مرتين تقريبًا عند الاجتماع مع زميل لديه تاريخ سوء سلوك، ومن نفس المجموعة العرقية أيضًا.

إذًا، الأفراد المتشابهون الذين احتمال تفاعلهم معًا أكبر، لديهم تأثير أكبر على سلوك بعضهم البعض.

قد يُوجِهُ فهمُ الأسبابِ التي تؤدي إلى اختيارات متماثلة بشأن ارتكاب الموظفين السلوك السيء المديرين إلى طرق منع هذا السلوك.

كما يتوجب علينا نشر الوعي والمعايير الاجتماعية التي تُحدِدُ السلوك السيء بالطرق غير المباشرة من خلال التفاعلات الاجتماعية، ولأن فهم لِمَ يتصرف الزملاء بشكل متشابه عمومًا له تداعيات هامة على كيفية فهمنا لثقافة الشراكة، و كيف يمكن للمديرين أن يشكلوها.

  • ترجمة: نور مخلوف
  • تدقيق علمي ولغوي: متولي حمزة
  • المصادر: 1