مرض السكري: قد يساعد دواء تجريبي في استعادة الخلايا المنتجة للأنسولين

العنوان: مرض السكري: قد يساعد دواء تجريبي في استعادة الخلايا المنتجة للأنسولين

تحرى الباحثون ما إن كان بإمكانهم إعادة برمجة خلايا البنكرياس الشبيهة بالخلايا الجذعية، لتكون خلايا بيتا المنتجة للأنسولين بأمل أن تصبح علاجًا لمرض السكري. ووجدوا أنه يمكن إعادة تنشيط الجينات التي تنظم تعبير الأنسولين باستخدام دواء جرب لعلاج مرضى الأورام اللمفاوية والورم النخاعي المتعدد. وتشير نتائج البحث إلى خيار علاجي جديد محتمل لمرضى السكري الذين يعتمدون على حقن الأنسولين اليومية.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقارب 422 مليون شخص مصاب بمرض السكري في العالم، ويقدر بعض الباحثين أن الرقم سيصل إلى 700 مليون بحلول عام 2045. وفي الولايات المتحدة، أصيب ما يقرب من شخص من عشرة أشخاص بمرض السكري في عام 2018، مما يجعل مرض السكري السبب الرئيسي السابع للوفاة في البلاد.

يوجد نمطان رئيسيان من مرض السكري:

النمط 1 (المعروف سابقًا باسم مرض السكري المعتمد على الأنسولين أو الشبابي): لا ينتج الجسم هرمون الأنسولين أو يصنع القليل منه. وهذا النوع أشيع عند الأطفال والشباب.

النمط 2 (المعروف سابقًا باسم مرض السكري عند البالغين): لا ينتج الجسم ما يكفي أو لا يمكنه استخدام الأنسولين بنحو صحيح. وهذا أشيع نوع لمرض السكري (90-95٪ من الحالات) وغالبًا ما يبدأ في وقت متأخر من حياة الشخص.

تشكل خلايا بيتا المنتجة للأنسولين عادةً 50-70٪ من جزر البنكرياس (مجموعات الخلايا في البنكرياس). وفي كلا النمطين من مرض السكري، هناك انخفاض كبير في خلايا بيتا بسبب تدمير المناعة الذاتية في المرتبة الأولى.

يستوجب على الأفراد المصابين بداء السكري من النمط 1، والأشخاص المصابين بداء السكري من النمط 2، أخذ حقن الأنسولين يوميًا للبقاء على قيد الحياة. والعلاج البديل هو زراعة البنكرياس الكامل أو الجزئي، وهو أمر محدود بسبب نقص المتبرعين بالأعضاء، والآثار الجانبية المرتبطة بأدوية مثبطات المناعة (الموصوفة بعد زراعة الأعضاء لتقليل رفض الجسم للعضو الجديد).

من الممكن أن تؤدي الأبحاث في تجديد خلايا بيتا المفرزة للأنسولين إلى تطوير علاج جديد للأفراد الذين يعتمدون على حقن الأنسولين.

وفقًا لدراسة حديثة، وجد فريق علم التخلق البشري في جامعة موناش في ملبورن في أستراليا، أن الدواء الاستقصائي GSK-126 يمكن أن يستعيد خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في مرضى السكري من النمط 1 عن طريق تثبيط أنزيم EZH2 في البنكرياس. ونشرت الدراسة في دورية Nature.

استعادة إنتاج الأنسولين

يثبط أنزيم EZH2 المورثات المسؤولة عن تطوير خلايا بيتا المنتجة للأنسولين. لذا افترض الباحثون أن منع نشاط EZH2 قد يعيد إنتاج الأنسولين.

أجرى الباحثون فحصًا عن تأثير تثبيط EZH2 الانتقائي باستخدام دواء GSK-126 في مورثات محددة مرتبطة بإنتاج الأنسولين، باستخدام أنسجة البنكرياس البشرية السابقة من ثلاثة متبرعين، اثنان غير مصابين بمرض السكري ومتبرع مصاب بمرض السكري من النمط 1.

وعندما حلل الباحثون البنكرياس من متبرع مريض بالداء السكري من النمط 1 لاحظوا -كما هو متوقع- التدمير التام لخلايا بيتا. إذ تم «إسكات» أو إبطال تفعيل المورثات التي تنظم تطور خلايا بيتا وإنتاج الأنسولين في خلايا البنكرياس.

وأيضًا وجد الباحثون أن تحفيز خلايا البنكرياس عن طريق دواء GSK-126 يمكن أن يعيد الجينات المميزة المسؤولة عن تطوير السلائف للبنكرياس (خلايا تشبه الخلايا الجذعية) إلى خلايا بيتا المنتجة للأنسولين. ولاحظ الباحثون أن GSK-126 أعاد أيضًا التعبير عن مورثة الأنسولين في الخلايا المأخوذة من المتبرع بمرض السكري من النمط 1، على الرغم من التدمير التام لخلايا بيتا.

تعد الدراسة أول مثال مبلغ عنه لنسخ مورثات الأنسولين المستعادة وتوفر دليلًا قويًا على تجدد خلايا بيتا.

علاج جديد محتمل لمرض السكري

وصف البروفيسور سام الأوستا، رئيس مختبر علم التخلق في صحة الإنسان والأمراض بجامعة موناش والمؤلف الأساسية للدراسة، هذه الطريقة لاستعادة إنتاج الأنسولين أنها «سريعة وفعالة من ناحية التكلفة».

وقال لـ MNT: «كشفت دراساتنا الأولية تعبير الأنسولين الحيوي في وقت مبكر بعد تناول العلاج بيومين عندما مقارنته بفترة علاج من 3 إلى 4 أشهر مع طرائق بديلة باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية البشرية».

من خلال تجنب استخدام الخلايا الجذعية الجنينية، تجنب مؤلفو الدراسة أيضًا المخاوف الأخلاقية التي ترتبط عادة بمثل هذه التقنيات. وأضاف أن ميزة أخرى لهذا العلاج المحتمل لمرض السكري هي أنه «أقل عرضة للمخاطر المرتبطة بزراعة الأعضاء».

القيود والبحوث المستقبلية

تعليقًا على قيود دراستهم، نوه الباحثون إلى أنهم استخدموا خلايا من متبرع واحد من النمط 1 من مرض السكري. وهناك حاجة إلى دراسات إضافية لتحديد ما إذا كان النهج ناجحًا في مجموعة أوسع من مرضى السكري النمط 1.

تعد مهاجمة خلايا المناعة الذاتية على خلايا بيتا المنتجة للأنسولين عقبة أخرى أمام تطوير علاج جديد، وفقًا للدكتور ماتياس فون هيراث، الأستاذ ومؤسس مركز السكري من النمط 1 في معهد لاجولا لعلم المناعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول الدكتور فون هيراث: «في النمط 1 من مرض السكري (وبعض حالات مرض السكري النمط 2)، هناك تفاعل مناعي قوي (تلقائي) مع جزر لانغرهانس وخلايا بيتا المنتجة للأنسولين، والتي لن يتم تجنبها عن طريق صنع المزيد منها. وبالتالي، على الرغم من التقدم المثير للاهتمام، لا يزال علينا التعامل مع تقليل رد الفعل الذاتي الطبيعي من دون تثبيط المناعة جهازيا (دوائًيا)، وهو ليس إنجازًا سهلا».

في حين أن علاج السكري الجديد المحتمل هذا يوفر الأمل للأفراد المصابين بداء السكري من النمط 1، إلا أنه «غير مستهدف بنحو مثالي» لمرضى السكري من النمط 2، وفقًا للبروفيسور جون بوس، مدير مركز السكري في جامعة نورث كارولينا.

يقول الدكتور بوس لـ MNT: «في مرض السكري الأكثر شيوعًا النمط 2، تكمن المشكلة الأكبر بشكل عام في أن الأنسولين لا يعمل بشكل جيد».

عندما سئل الدكتور بوس عن سرعة طرح العلاج التي قد يصبح فيها خيار العلاج هذا متوفرًا للجميع (المرضى)، أجاب «مع التركيز الكبير والتمويل والحظ، يستغرق العلاج البشري من الأدوية بالاعتماد على أي عارض مبكر للفائدة كما في هذه الورقة عمومًا من 7 إلى 10 سنوات. وفي هذه الحالة، فإن الطريق إلى تطوير الأدوية معقد بسبب الحاجة إلى إخراج الخلايا من الجسم إلى المختبر ثم العودة إلى المريض».

  • ترجمة: رهف ناصر البشر
  • تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
  • المصادر: 1