مركب موجود في الطماطم والبطاطس قد يقودنا لأدوية جديدة للسرطان

العديد من أنواع السرطان قابلة للعلاج، خاصة في حال الاكتشاف المبكر، ولكن هناك خيارات قليلة لعلاج بعض أنواع السرطان.

في رحلة البحث عن علاجات حديثة للسرطان، يقوم الباحثون باختبار مركبات جديدة لإمكانية وجود خصائص مضادة للسرطان.

في بحث جديد، اختبر العلماء احتمالية علاج السرطان بالغليكوالكالويد (glycoalkaloids) وهي مركبات موجودة في نباتات الفصيلة الباذنجانية nightshade plants.

انخفضت معدلات الوفيات بسبب السرطان في العقود الأخيرة، لكن حالات السرطان ارتفعت بشكل عام.

كجزء من عملية التشخيص، ساعد تسلسل جينومات السرطان العلماء في الكشف عن أمراض السرطان وتحديد الطرق المحتملة لعلاجه.

ومع ذلك، لا يزال عدد لا يحصى من الطفرات والآليات المسببة للسرطان يفوق عدد العلاجات المعروفة، كما ناقش مقال تم نشره قي مجلة Nature في عام 2020.

للاستفادة من المعلومات المتوفرة لدينا حول كيفية عمل أنواع مختلفة من السرطانات، هناك حاجة للمزيد من العلاجات المستهدفة لتحسين النتائج عند الأشخاص المصابين بالسرطان.

بعض هذه العلاجات الجديدة مشتقة من المركبات النباتية. توجد إحدى هذه المركبات، المعروفة باسم الغليكوالكالويد، في العائلة الباذنجانية وهي حالياً محور بحث كبير.

الآلية التي يمكن من خلالها أن تستهدف الغليكوالكالويد الخلايا السرطانية هي موضوع بحث جديد تمت مراجعته من قبل مجموعة من العلماء في بولندا وتم نشره في مجلة Frontiers in Pharmacology.

قالت الباحثة الرئيسية في الدراسة ماجدالينا وينكيل طالبة الدكتوراه في جامعة ادم ميكيفيتش في بوزنان، بولندا في مؤتمر صحفي:

“ما زال العلماء حول العالم يبحثون عن أدوية قاتلة للخلايا السرطانية ولكنها في نفس الوقت آمنة للخلايا السليمة. ليس الأمر سهلاً على الرغم من التقدم في الطب والتطور الهائل لتقنيات العلاج الحديثة. لهذا السبب، قد يكون من المفيد العودة إلى النباتات الطبية التي تم استخدامها منذ سنوات مع النجاح في علاج الأمراض المختلفة. أعتقد أن الأمر يستحق إعادة اختبار خصائصها وربما إعادة اكتشاف قدراتها”.

أدوية السرطان المشتقة من النباتات:

غالبا ما يبحث العلماء عن أدوية جديدة للسرطان عن طريق دراسة مركبات تنتجها النباتات والفطور.

في الطبيعة، تساعد هذه المركبات على درء الحيوانات المفترسة لأنها تمتلك درجة معينة من السمية، فعلى سبيل المثال، تم اكتشاف العديد من المضادات الحيوية لأول مرة في الفطريات.

ربما يكون تاكسول Taxol (التركيب: paclitaxel) هو العلاج الأكثر شهرة للسرطان المشتق من النباتات.

اشتُقَّ باكليتاكسل Paclitaxel من مركب تم اكتشافه في لحاء شجرة Pacific Yew Tree خلال الستينيات.

تمت الموافقة عليه لأول مرة لعلاج سرطان المبيض والثدي من قِبل إدارة الغذاء والدواء (FDA) في التسعينيات، يتم استخدام باكليتاكسل الآن لعلاج العديد من أنواع السرطان.

اليوم، تم تضمين الدواء في الأدوية الأساسية الموثوق بها التابعة لمنظمة الصحة العالمية، وهي قائمة بأهم الأدوية اللازمة لدعم نظام الرعاية الصحية الأساسي.

تحديات استخدام المركبات النباتية لعلاج السرطان:

قال الدكتور شريف الخميسي، مدير وعميد مشارك في كلية الصيدلة والعلوم الطبية بجامعة برادفورد بالمملكة المتحدة، لـ Medical News Today أن أكبر التحديات في تطوير أدوية السرطان من المركبات المشتقة من النباتات هي تقليل السمية واستهداف الورم بشكل أكثر نوعية.

وأوضح الدكتور الخميسي: “لقد وضعنا مادة كيميائية على المركبات لجعلها غير سامة، وبعد ذلك يتم شطر هذا المركب حيث تتم إزالته بواسطة بروتين تفرزه الخلايا السرطانية فيتم تنشيطها بمجرد وصولها إلى مواقع الورم”.

ومع ذلك، أشار الدكتور الخميسي إلى أن هناك الكثير من الأمل في العلاجات المضادة للسرطان المشتقة من المركبات النباتية.

وقد قال: “إحدى الفوائد هي إثبات فائدتها بالفعل، وقد تم صنعها، لسنا بحاجة إلى تركيبها، ما عليك سوى تعديل الكيمياء لجعلها إما أكثر نوعية أو أقل سمية”.

كيف تستهدف الغليكوالكالويد الخلايا السرطانية؟!

للغليكوالكالويد تأثير مثبط قوي لنمو الخلايا السرطانية والذي قد يُعزى للآليات التي تتسبب بموت الخلية من خلال الموت الخلوي المبرمج.

بالنسبة للدراسة الحالية، راجع الباحثون الدراسات التي نظرت في الخصائص المضادة للسرطان للنباتات مثل الطماطم والبطاطس، والتي توجد في العائلة الباذنجانية ودرسوا الغليكوالكالويد التالية ومستخلصاتها: Solanine, Chaconine, Solasonine, Solamargine, Tomatine.

تسلط المراجعة الضوء على نطاق دراسات في السيليكون وفي المختبر وفي الجسم الحي، أجريت على المركبات.

يوضح التحليل أن مركبات الغليكوالكالويد تستهدف العديد من المسارات الخلوية، والتي يمكن استخدامها لاستهداف آليات معينة في الخلايا السرطانية.

وفقاً للباحثين، يمكن استخدام مركبات الغليكوالكالويد جنباً إلى جنب مع علاجات السرطان الأخرى، لتوسيع نطاق فعاليتها.

مجالات لمزيد من الدراسة في أبحاث السرطان:

لا يزال السرطان أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في العالم والبحوث حول العلاجات الفعالة جارية.

على الرغم من النتائج الواعدة لمركبات الغليكوالكالويد، فإن الآليات الدقيقة التي تستهدف بها الخلايا السرطانية وتعالجها غير مفهومة تماماً.

وبالتالي دعا الباحثون إلى مزيد من الدراسات التي يمكن أن “تستكشف علاجات جديدة أكثر انتقائية وأقل سمية للسرطان، أو تحسن فعالية طرق العلاج المطبقة”.

قال الدكتور تشارلز إيفانز، مدير معلومات الأبحاث في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة لـ Medical News Today:

“من المهم التأكيد على أن العديد من هذه المركبات لن تكون مناسبة كأدوية، إما لأنها ليست فعالة بما يكفي أو لأنها ليست آمنة بما يكفي لإعطائها للناس، من الضروري أن نستكشف كل السبل الممكنة لاكتشاف علاجات جديدة، ولهذا السبب من المهم أن يحقق الباحثون في هذه المواد الكيميائية لمعرفة ما إذا كانت لديها القدرة على أن تصبح أدوية جديدة”.

وأضاف بأنه يأمل أن تثبت المركبات المشتقة من النباتات أنها مفيدة يوماً ما لتطوير علاجات جديدة للسرطان.

وقال: “تنتج النباتات مجموعة ضخمة ومتنوعة من المواد الكيميائية المثيرة للاهتمام وغير المدروسة، بعض هذه المواد الكيميائية لها تأثيرات مضادة للسرطان عند اختبارها في المختبر وبعضها، مثل تاكسول، أصبح أدوية نستخدمها في علاج السرطان اليوم”.

  • ترجمة: ناديا أبوسمره
  • تدقيق علمي ولغوي: الجيلي النور
  • المصادر: 1