وماذا يقول علم الأعصاب في هذا الصدد؟

هل القتلة المتسلسلون مولودون أم مصنوعون؟

ربما قتلة محتملون بالفطرة…! )

قتلة بالفطرة؟

توفي بيتر ساتكليف Peter Sutcliffe في 13نوفمبر/تشرين الثاني 2020 في مشفى شمال درهام Durham دون أي أسف بعد رفضه لعلاج كوفيد-19. أُدين ساتكليف، المعروف بطاعن يوركشاير-Yorkshire Ripper، بتهمة قتل 13 امرأة ومحاولة قتل سبع أخريات بين عامي 1975 و1980.. يبدو أن ساتكليف لم يُظهر أبدًا أيَّ ندمٍ على فعله.

ما الذي جعل من ساتكليف وآخرين مثله هكذا؟

تيد بندي Ted Bundy (30 جريمة قتل مؤكدة)، بيدرو رودريغيز فيلهو Pedro Rodrigues Filho (70 جريمة قتل مؤكدة)، لويس غارافيتو Luis Garavito (138 جريمة قتل مؤكدة لأطفال الشوارع).. أكانوا قتلة بالفطرة طوال الوقت، أم أن شيئًا غيَّرهم وجعلهم قتلة متسلسلين؟

كان لدى عالم الأعصاب جيم فالون Jim Fallon بعض الشكوك، القتلة السيكوباتيين وُلِدوا هكذا، واعتقد أنه بدأ بإيجاد الدليل لإثبات ذلك.

“لم يكن ذلك أنا؛ كان ذلك دماغي”

كان المحامون يرسلون لفالون مسوحات أدمغة للقتلة المُدانين على أمل أن يستطيع إظهار وجود مشكلة في أدمغتهم والتي ربما تعطيهم حكمًا أخف، أو ربما تساعدهم على تجنب حكم الإعدام. بدأ فالون بعد بضعة سنوات يرى نمطًا.

أقام محكمة عمياء لاختبار أفكاره بموضوعية، أرسل له زملاؤه 70 مسحاً دماغيًا؛ بعضها لأفراد مشخصين بمرض، كالفصام أو الاكتئاب، وبعضها لأفراد دون تشخيص، وبعضها لقتلة مدانين.

نجح فالون بالتعرف على كل «العقول القاتلة» في العينة.

يقول فالون: «كان لدى جميعها شيء واحد مشترك، ألا وهو فقدان وظيفة في القشرة المدارية، أعلى العينين، وهي الدارة التي ترمِّز للأخلاق والضمير، وعندما تغيب، أو لا تتطور، فلن يكون الأثر لدى الشخص هو غياب الحسِّ بالأخلاق وحسب، بل سيملك أيضًا سيطرة ضعيفة على دوافعه».

لكن جيم فالون تفاجأ بمفاجأة غير سارة.

“أنا أيضًا؟”

كان فالون قد قام بمسوحات PET لعشرة أعضاء من عائلته كضوابط لمشروع كان يجريه على قابلية الإصابة بمرض ألزهامير. بينما كان ينظر لهذه المسوحات بعد الظهر في أكتوبر/تشرين الأول، صُدم لإيجاده واحدًا بدا مثل، بحسب كلامه، «أسوأ دماغ لقاتل متسلسل». عندما فك الرمز، وجد أنه كان ينظر لمسح دماغه.

ابتسم فالون قائلًا «فهمت المزحة»، «كما تعلم، أنا أدرس القتلة المتسلسلين ولدي دماغ يبدو كواحدٍ منهم، لا يمكنك اختلاق هذه الأمور، الأمور الواقعية التي تحدث في حياتك هي غالبًا غريبة نوعًا ما».

كان هنالك المزيد، كان لدى فالون أيضًا الحمض النووي DNA لعائلته كجزء من مشروع ألزهايمر، وجد عند فحصهم أن لديهم مجموعات طبيعية ومتوازنة، باستثناء واحد.

قال فالون: «كان لديه كل هذه المؤشرات التي تدل على خطرٍ عالٍ للعنف، وبالتأكيد، اتضح أنَّه أنا أيضًا… أصبح الأمر الآن أكثر جدية، لأنه كان لدي كل من نمط الدماغ والجينات التي كانت متناسقة جدًا مع قاتل سيء جدًا، مختل عقليًا في الواقع».

إذا ما كان بحث فالون صحيحًا، وكان متأكدًا من ذلك، فكيف لم يكن قاتلًا، كبيتر ساتكليف، أو تيد بيندي، أو لويس غارافيتو؟ أشار ذلك إلى أنه في حين أن شذوذ الدماغ والجينات المرتبطة بالعنف أسباب ضرورية للعنف السيكوباتي، فإنَّه يتوجب وجود شيء آخر. وبالنسبة لفالون فإنَّ هذا «الشيء الآخر» قد يأتي من الطفولة.

اعتقاد فالون هو أن طفولته السعيدة والآمنة قد حمته من «رمية سيئة للنرد الجيني» وجعلته يفكر ثانيةً ببعض أفكاره القديمة، ربما لم يملك علم الأعصاب كل الإجابات بعد كل ذلك؟

يقول فالون: «بالنسبة لكل زملائي كنت بمثابة السيد جينات، الجينات تتحكم بكل شيء، لكنه بدا أن المزحة مخصصة لي، كان علي القول بأنني مخطئ، وبالتالي كان حقًا أمرًا مفيدًا للغاية، وتوجب عليَّ دراسة الأمر أكثر كوني كنت مخطئًا، كيف كنت مخطئًا؟ وتعلم أنني وجدت حلًا لذلك».

“الثالوث غير المقدس”

بالنسبة لفالون فإنَّ هناك ثلاثة مكونات رئيسية بإمكانها، عندما تجتمع سويةً، إنتاج القتلة السيكوباتيين.

_الأول هو فقدان الوظيفة في القشرة المدارية الذي يجعل الأشخاص غير قادرين على اتخاد قرار أخلاقي وكذلك أقل قدرة على التحكم باندفاعاتهم.

_الثاني هو الجينات المورَّثة، كجين MAOA، التي تجعل الشخص ميالًا للعدوانية والعنف.

_والثالث هو عيش طفولة خالية من الحب، والعاطفة، والاهتمام تفشل بحماية الأشخاص من سيكوباتيتهم المحتملة. بيتر ساتكليف، وتيد بيندي، وبيدرو رودريغيز فيلهو، ولويس غارافيتو كلهم عانوا من طفولة سيئة.

بدأنا بالسؤال عن إمكانية وجود قتلة بالفطرة، يبدو أن الجواب نعم ولا.. من الأفضل القول أنه يوجد قتلة محتملون بالفطرة.

سواء تحققت هذه الاحتمالات الفظيعة أو لا، فإنَّه يبدو أنها تعتمد على التأثيرات البيئية، وعلى وجه الخصوص، الحب الممنوح، أو المَنفي في الطفولة المبكرة.

  • ترجمة: شادي الصعوب
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1