تريدُ ذهباً؟!… اصنعه!! لنصنع ذهباً أنبل من الأنبل

بدايةً إليكم قصة تكوّن الذّهب في الطبيعة: ساد الاعتقاد أن الذهب نتج عن تصادم نجمين فائقي الكثافة وأن الفتات الناتج من التصادم هو الذهب الذي سقط للأرض أثناء تكوّنها بقوة الجاذبية ثم اندمج مع مكوناتها بفعل العمليات الجيولوجية.

الذهب النبيل

ومع هذه الرحلة الملحمية للذهب حتى يصل إلى شكله الحالي فإنه لا يمكن عدّه مجرد أداة زينة ومجوهرات،

بل إنه عنصر لا شبيه له، إنه العنصر الذي يمتص أدنى الأطوال الموجية للضوء المرئي كالضوء الأزرق مثلاً.

والأمر لا يعود للون هذا العنصر الذهبي اللامع، فإن العناصر الأخرى بذات اللون لا يمكنها امتصاص أطوال موجية قصيرة ما عدا عنصر السيزيوم (Cs).

إنما هذه الصفات تعود إلى إلكترونات الذهب، فهو يعد عنصراً نبيلاً، ما يعني أنه عنصرٌ خامل، حيث أنه لو بقي لملايين السنين فلا يمكنه التفاعل مع المحيط، فهو لا يتأكسد ولا يتآكل بفعل الظروف على عكس العناصر الأخرى كالنحاس مثلاً سريع التفاعل والأكسدة.

كيف نصنع ذهبا أنبل من الذهب الأصل؟

نعم لقد تم صنع الذهب مخبرياً من قبل، ولكن في هذه التجربة علينا جعل الذهب أقل تفاعلاً مما هو عليه الآن رغم خموله بالفعل، ودون تغيير على خصائص امتصاصه أطوال موجية متدنية.

في عام 2015، فريق بقيادة معهد الأبحاث (مركز علوم النانو والمواد اللينة) في بنغالور بالهند، قام برمي كلورايد الذهب (Gold Chloride) بجانب مثبت سطحي يدعى رباعي بروميد الأمونيوم (Tetra Octyl Ammonium Bromid) في فرن تصل حرارته نحو 220 درجة مئوية أو ما يعادل 428 فهرنهايت، ليتشكل بعد نصف ساعة بلورات مجهرية وطويلة من الذهب.

وفي بحث بعنوان (Nobler than the Noblest) أنبل من الأنبل، شرح الباحثون في هذه التجربة أنه في الواقع قد يكون هناك بعض المواد التي تسبب تآكل الذهب أو إبادته كما تم وصف العملية، مثل تفاعل الذهب مع ماء الفضة الناتج عن مزج حمضي النيتريك (HNO3) والهيدروكلوريك (HCL).

وعادة ما يتفاعل الزئبق مع الذهب، لذلك إذا أردت التخلص من كميات الذهب التي تمتلكها ليس عليك إلا أن تتبرع بها لي أو تضعها في الزئبق (Hg) فإنها ستذوب على الفور.. ومع ذلك فإن بلورات الذهب التي نتجت مخبرياً سيطرت على هذه المعركة تماماً وأظهرت مقاومة ضد الزئبق.

وفي حال لم يتم استخدام تراكيز عالية من ماء الفضة فإن هذا الذهب سيبقى على حاله كما ورد في بحث (Angewandte Chemie)، ما يعني أن الذهب المنتج في المختبر مقاوم وبشدة للتغيرات الكيمائية أكثر من الذهب الأصلي. (***).

أرجع الباحثون السبب في شكل بلورات الذهب الطويلة وخواصها المقاومة إلى ترتيب الإلكترونات بشكل معين على شكل شبكات بلورية غير تقليدية.

لذا فإن البشر قد اخترعوا ذهباً أكثر ذهبيةً من ذلك الذي نتج كونياً في بادئ الأمر، أي أنه ذهب أنبل من الذهب التقليدي النبيل أصلاً.

  • ترجمة: البتول ذنيبات
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1