اللطف يؤخر الشيخوخة ويطيل العمر

أجسامنا عادة في “وضع التهديد” بشكل مستمر، ولكن اللطف يُعاير جهازنا العصبي.

أن تكون لطيفًا تجاه الآخرين يؤثر بشكل إيجابي على صحتك الجسدية والعقلية، وفقاً لدراسة أجراها البروفيسور في جامعة ستانفورد جيمس دوتيJames Doty.

-غالباً يستولي على “وضع الراحة” الإفتراضي لأدمغتنا “وضع التهديد” بسبب أنماط حياتنا الإجهادية والمتسارعة. عندما نكون في وضع التهديد بشكل مستمر يكون لدينا أقل قدرة على التعاطف.

-إظهار التعاطف أو التصرف بلطف تجاه الآخرين يمكن أن يغير فعلياً نشاطك الفيزيولوجي، ويأخذك من وضع التهديد ويعيدك إلى وضعك الطبيعي للراحة والهضم.

-أظهرت الأبحاث التي أجراها البروفيسور الشهير جيمس دوتي من جامعة ستانفورد أن أفعال اللطف والتعاطف تعيدنا إلى وضع الراحة، يمكن أن تكون لها تأثيرات إيجابية دائمة على صحتنا الجسدية والعقلية.

اللطف هو فضيلة تُحترم ويُشاد بها في معظم الحالات. ولكن هل كنت تعلم أن كونك لطيفاً يمكن أن يكون أيضاً مفيداً لصحتك؟ في الواقع أن تكون متعاطفًا مع الآخرين يمكن أن يعيد ضبط أنظمتنا المتوترة باستمرار إلى وضع الراحة الإفتراضي، مما يسبب جميع أنواع التأثيرات الإيجابية على صحتنا العامة.

لم يكن من المقصود أبداً أن يكون جهازنا العصبي في “وضع التهديد” طوال الوقت. هذا وفقاً للأستاذ الجامعي في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب “داخل متجر السحر” جيمس دوتي، فقد سعى جراح الأعصاب لاكتشاف أسرار الدماغ وأسرار القلب. الجهاز العصبي لا يعمل بشكل مثالي إذا كان في وضع التهديد طوال الوقت. ومع ذلك نمط حياتنا المستعجل الذي يعتمد على الأدرينالين يجعلنا نعمل بشكل رئيسي في وضع التهديد، والذي يمكن أن يكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمجموعة متنوعة من الأمراض المختلفة.

تفرز أجسامنا بروتينات التهابية رداً على التوتر. نتيجة لهذا الإفراز يُظهر الجهاز العصبي انخفاضًا في قدرات جهاز المناعة لدينا، وهو ما يستجيب للتهديدات مثل الجراثيم أو البكتيريا التي تسبب الأمراض.

يعمل التحفيز المستمر لأجهزتنا العصبية الناجم عن طريقة حياتنا المتسارعة أيضاً على زيادة انحيازنا للوصول إلى استنتاجات (غالباً ما تكون حكمية) حول الآخرين. هذا النوع من الحكم السريع يخفض قدرتنا الخاصة على التصرف بتعاطف تجاه الآخرين. بالمقابل يتركنا نعمل في وضع تهديد مستمر، مما يؤثر سلباً على صحتنا على المدى الطويل.

اللطف والتعاطف يعيدنا إلى “وضع الراحة”، بدءاً من الجهاز العصبي فإن القدرة على الشعور والتصرف بتعاطف تجاه الآخرين يمكن أن يكون له تأثير كبير على صحتك العامة.

يشرح الدكتور دوتي الأمر بشكل أفضل في مقال في Uplift: “عندما يتصرف شخص بنوايا تعاطفية، فإن ذلك له تأثير إيجابي هائل على فزيولوجيتهم -علم وظائف الأعضاء-. يأخذهم من وضع التهديد إلى وضع الراحة والهضم. ما يحدث عند ذلك هو تغيير في كيفية استجابتهم للأحداث”.

أي أنه بدلاً من الاستجابة السريعة التي غالباً ما تكون مبنية على الخوف والقلق والضغوط، فإن وقت استجابتنا يصبح أبطأ وأكثر تدبراً، مما يؤدي إلى تحقيق إجراءات أكثر فعالية وإبداعاً وتعاطفاً وفقاً للدكتور دوتي. نحن قادرون على تغيير استجاباتنا للأحداث لأننا نسمح لمنطقة التحكم التنفيذية في دماغنا بالعمل على أعلى مستوى.

أظهرت العديد من الدراسات في جامعة إموري وقدمت نتائج تدعم الفكرة بأن الأعمال الرحيمة المنتظمة أو ممارسات التأمل المستندة إلى التعاطف يمكن أن تقلل من تفاعلات الغدد الصُم -الصماء- السلبية في أدمغتنا (وهي التفاعلات بين جهازنا العصبي وجهاز الغدد الصماء).

الجهاز العصبي الودي مقابل الجهاز العصبي نظير الودي.

عندما نتحول إلى جهازنا العصبي نظير الودي (الذي نفعله بشكل طبيعي عندما نتصرف بتعاطف) فإننا نخرج من الجهاز العصبي الودي الذي يعيش فيه معظمنا بسبب نمط حياتنا المزدحم.

وعند حدوث هذا التبديل يزيد التشتت في معدل ضربات القلب لدينا، مما يسبب تعزيز جهازنا المناعي. هذه التعزيز في الجهاز المناعي يمكن أن يساعدنا في مقاومة العدوى أو الأمراض.

والآن دعونا نتحدث عن التيلوميرات -هي أغطية واقية توجد عند أطراف الصبغيات، تتكون من تسلسلات متكررة من الحمض النووي (DNA)- من أجل تصورها يمكنك أن تتخيل قبعات صغيرة تحمي أطراف الصبغيات أثناء لنقسام الخلايا. تصبح التيلوميرات أقصر في كل مرة ينسخ فيها الصبغية نفسها خلال تقسيم الخلية، وهذا يحدث بشكل مستمر. في نهاية المطاف تصبح التيلوميرات قصيرة جدًا لتقوم بوظائفها في حماية المعلومات الوراثية المخزنة في الصبغيات، مما يؤدي في النهاية إلى توقف تكرار الخلايا -وهذه العملية تعرف بالوفاة الخلوي، رهذه هي الطريقة التي تعمل بها التيلوميرات كساعة للشيخوخة في كل خلية لدينا. أي أنه كلما أنخفضت التيلوميرات بشكل أسرع كلما زادت عملية الشيخوخة.

أظهرت الأبحاث التي أجراها الدكتور دوتي أن أحد التأثيرات الإيجابية طويلة المدى للعيش في جهازنا العصبي نظير الودي (المعروف ب “وضع الراحة” ) هو أن التيلوميرات الخاصة بنا في الواقع تزداد في الطول.

واستناداً على ذلك، نظرياً، يمكن أن يبطئ اللطف والرأفة عملية الشيخوخة في بعض خلايا جسمنا مع مرور الوقت.

تماماً كما يمكن أن يعيد ضبط أجهزتنا العصبية إلى وضع الراحة بدلاً من وضع التهديد، فإن تجربة الرحمة أو اللطف من الآخرين لها أيضاً تأثير إيجابي على أنظمتنا. أثبتت الأبحاث التي أجرتها الأستاذة ستيفاني براون Stephanie Brown من جامعة ستوني بروك أن تجربة الرحمة يمكن أن تؤدي إلى تحسينات هائلة في صحتنا العقلية والجسدية أيضًا.

كن لطيفاً، إنه جيد لصحتك

تسمح لنا هذه الأبحاث بفهم الفوائد التي يمكن أن تحققها التفاعلات الإنسانية للطيبة على صحة عقولنا وأجسادنا.

التأثير الإيجابي الذي ينبثق من أن نكون لطفاء لا يؤثر فقط على صحتنا، بل يمكن أن يؤثر أيضاً على تفاعلاتنا مع الآخرين ويقدم ردود فعل إيجابية تمتد لتشمل فوائد واسعة المدى على المجتمعات بأكملها. يمكن أن تسمح لنا إعادة ضبط أنظمتنا الخاصة بتحويل ذاتنا من وضع التهديد إلى وضع الراحة الذي يساعد بمعالجة الأمور بوضوح أكبر واتخاذ خيارات أفضل.

في عالم يمكنك فيه أن تكون أي شيء تقريباً، كن لطيفاً؛ فذلك جيد لصحتك.

  • ترجمة: إلهام مخلوف
  • تدقيق لغوي: سفوك حجي
  • المصادر: 1