للأطفال قدرة هائلة على التخيل أكثر مما كان معروفاً

في دراسة جديدة نشرت في “دورية المعاملات الفلسفية للمجتمع الملكي ب” Philosophical Transactions of the Royal Society B، كشف العلماء بجامعة أوروبا الوسطى (CEU-فيينا)، أن الرضع في عمر الأربعة عشر شهراً يمكنهم تخيل عدة بدائل ممكنة من تلقاء ذاتهم حول ما يعرض عليهم من أشياء قد تكون غير معروفة؛ لتفتح بذلك باب التفسير حولها.

بقياس اتساع حدقة العينين للأطفال، توصل البحث الذي أجراه «نيكولو سيزانا أرلوتي- جامعة جون هوبكينز»، و«بالينت فارجا، و إرنو تيجلاس- (CEU)» بالأدلة إلى أن الأطفال يبذلون جهداً عقلياً زائداً حال تعرضهم لمواقف تتوافق مع تقديم البدائل المذكورة، ومن ثم تشير هذه النتائج إلى أن القاعدة الأساسية لمخيلتنا أو القدرة على التفكير في بدائل محتملة موجودة منذ نعومة أظافرنا قبل تعلم الكلام.

تلعب قدرتنا على التخيل ومقارنة العديد من السيناريوهات المحتملة دوراً مهماً للغاية في كل من العلوم والآداب وحياتنا اليومية. على سبيل المثال، عندما نريد أن نطلب طعاماً في أحد المطاعم، غالباً ما نقارن شتى البدائل ببعضها (كالسوشي أو ستيك اللحم، على سبيل المثال)، ونفكر ملياً بالافتراضات المحتملة: «هل هذا المطعم متخصص بالمأكولات البحرية أم اللحم المشوي؟»، وتأتي السيناريوهات المختلفة بصددهما. إن كانت المأكولات البحرية طبق المطعم الرئيسي، سيختار معظم الزبائن السوشي. إذاً، فقدرتنا على تقديم عدة احتمالات، مهمة من أجل إعداد أنفسنا للأحداث المستقبلية فيما بعد.

عرض باحثون من مركز التطوير المعرفي بجامعة أوروبا الوسطى (CEU) على رضع تتراوح أعمارهم من عشرة إلى أربعة عشر شهراً فيديوهات رسوم متحركة، حيث تتحرك ثلاثة أشياء (دمية، فيل، كرة) خلف شاشتين. الأمر المشترك بين هذه الأشياء، أن الأجزاء العلوية لكل منها متشابهة.

عند عرض أحد الأشياء على إحدى الشاشتين، مع اختباء باقي جسمه، كالفيل مثلاً، بحيث يظهر الجزء العلوي وحسب، كان هذا الشيء متوافقاً مع عدد متباين من الاحتمالات الممكنة لتصور هويته، بينما في سيناريوهات أخرى كان متوافقاً مع احتمال واحد فقط، ثم تم قياس اتساع حدقة العين في السيناريوهات المذكورة.
وبناء على ذلك، أظهرت الأبحاث أن حدقتي العينين تتسعان كثيراً عندما يرى الرضع مشهداً واضحاً تتعدد حوله جميع التفسيرات الممكن تخيلها حياله؛ وتثبت هذه النتائج صحة فرضية أن الأطفال يمكنهم رسم صورة ذهنية لتخيل العديد من الاحتمالات البديلة استجابة لأوضاع يشوبها الغموض.

  • ترجمة: زينب محمد حسين
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1