هل يمكن عند تعريض أنفسنا لكميات معتدلة من الألم أن تزيد استطاعة اختبارنا للمتعة؟
في كتابها الجديد، “قوم الدوبامين”: إيجاد التوازن في عصرِ الانغماسِ بالملذّات، تكتشف الطبيبة آنا ليمبك أنّ الوصول لمحفزات زيادة الدوبامين قد غير الحياة المعاصرة.
يناقش هذا المقتطف العلاقة الفضولية بين المتعة والألم، وكيف يميل أحدها لاتباع الآخر.
اقتطف التالي من كتاب “قوم الدوبامين”: إيجاد التوازن في عصر الانغماس بالملذات، كتب من قبل آنا ليمبك ونشر من قبل.
.Penguin Random House
في أواخر الستينات، أجرى العلماء سلسلة من التجارب على الكلاب -والتي جرّاء الوحشية الواضحة للتجارب- لم يسمح بها في الوقت الحالي، لكن وفرت معلومات مهمة عن توازن الدماغ (أو مستويات التوازن).
بعد وصل أقدام الكلاب الخلفية بتيار كهربائي، لاحظ الباحثون:
“أن الكلب كان مرتعباً خلال الصدمات القليلة الأولى، صرخ ألماً، توسعت حدقتاه وبرزت عيناه، انتصبت أوباره، عادت أذناه إلى الخلف والتف ذيله بين ساقيه”.
“تغوط وتبول لاإرادي وشوهد العديد من الأعراض العصبية الغير إرادية الشديدة”.
بعد الصدمة الأولى، عندما حرر الكلب من الاستغلال، “تحرك ببطء في الغرفة بخلسة كان متردداً وغير ودود”. ارتفع عدد ضربات قلب الكلب إلى 150 ضربة بالدقيقة أكثر من الحد الأدنى خلال الصدمة الأولى.
عندما انتهت الصدمة، تباطأت ضربات قلبه حتى 30 ضربة أقل من الحد الأدنى لدقيقة كاملة.
بعد صدمات كهربائية متعددة تغير تصرفه بشكل تدريجي. خلال الصدمات، اختفت علامات الرعب، وبدلاً من ذلك كان ظاهراً على الكلب أنه متألم، منزعج، أو قلق لكن ليس مرتعباً.
على سبيل المثال: تنهد بدل أن يصرخ، ولم يقم بأي تبول أو تغوط لا إرداي ولم يظهر أي إشارة للمعاناة.
بعد ذلك، عندما حرر فجأة بعد نهاية الجلسة، سارع الكلب وقفز أمام الناس، هز ذيله بسعادة وفرح.
وبصدمات متعاقبة، ارتفع معدل ضربات قلب الكلب بشكل ضئيل عن الحد الأدنى للراحة. بعد ثوانٍ معدودة لانتهاء الصدمة، تباطأت ضربات قلبه بشكل كبير حتى60 ضربة في الدقيقة أقل من الحد الأدنى للراحة ضعف المرة الأولى.
استغرق من القلب خمس دقائق للعودة للحد الأدنى للراحة.
تأقلم مزاج الكلب ومعدل ضربات قلبه بعد التعرض المتكرر للمحفزات المؤلمة.
الاستجابة الأولية (الألم) أصبحت أقصر وأضعف.
الاستجابة التالية (المتعة) أصبحت أطول وأقوى.
تحول الألم إلى اليقظة المفرطة والتي تحولت إلى “تأقلم للسعادة”.
معدلات ضربات القلب المرتفعة المؤلفة بسبب رد فعل القتال أو الهرب تحولت إلى ارتفاع بسيط بعدد ضربات القلب متبوعة بتباطؤ ضربات قلب مطولة، معدل ضربات قلب بطيء يرى في حالات الاسترخاء العميقة.
قراءة هذه التجربة وعدم الشعور بالشفقة اتجاه حيوانات التجربة المعرضة لهذا العذاب أمر مستحيل، لكن ما يدعى ب “تأقلم للسعادة” يقترح إمكانية محيرة والتي هي: بالضغط على جانب الألم للتوازن، هل بإمكاننا تحقيق مصدر متين ومستمر للمتعة ؟
هذه الفكرة ليست بجديدة فقد لاحظ الفلاسفة القدماء ظاهرة مماثلة، وكما سجل من قبل أفلاطون في كتابه “أسباب سقراط لعدم الخوف من الموت”.
تأمل بالعلاقة بين الألم واللذة لأكثر من ألفين عام مضت:
“لمن الغريب كيف يبدو ذلك الشيء الذي يدعوه البشر بالمتعة! ولمن الغريب أنه مرتبط بما كان يعتقد أنه الضد” الألم “!، لن يرى الاثنين معاً لدى أحد، لكن إذا أردت أحدها وحصلت عليه، محتم عليك دائماً أن تحصل على الآخر كذلك، كما لو أن كليهما متصلين ببعضهما” أينما وجد أحدها، يتبعها الآخر “.
لذا، في حالتي، بما أني عانيت من آلام في ساقي كنتيجة للأغلال، تبدو المتعة لاحقة له.
نشرت أخصائية أمراض القلب هيلين تاوسينغ مقالاً في مجلة العالم الأمريكي American Scientist في عام 1969 والذي وصفت فيه تجارب أشخاص صعقوا بالبرق وعاشوا ليحكوا القصة: “ابن جاري صعق بالبرق عندما كان عائداً من ملعب الغولف، رمي على الأرض، تمزق سرواله لأجزاء، واحترق فخذاه. عندما أجلسه مرافقه صاح قائلاً” أنا ميت، أنا ميت. “كانت قدميه مخدرتين وزرقاوين، ولم يستطع التحرك. عندما وصل لأقرب مستشفى كان منتشياً، وكان نبضه بطيئاً جداً”. يذكرنا ذلك ب “التأقلم للسعادة” لدى الكلب من ضمنه النبض المتباطئ.
اختبرنا كلنا نسخة من الألم مهدت طريقاً للمتعة. ربما مثل سقراط، لاحظنا تحسناً في المزاج بعد فترة من البقاء مريضاً، أو شعرنا بنشوة عداء بعد التدريب، أو شعرنا بمتعة غير مفسرة خلال مشاهدتنا لفيلم مخيف.
كما أن الألم الثمن الذي ندفعه للمتعة، أيضاً المتعة مكافأتنا للألم.
- ترجمة: رند طه
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1