هل تساهم الطرق السلبيّة التي يعاملنا بها الآخرون في إيذاء الذات لاحقًا؟

بقلم إلسفير.

التأثير التفاعليّ لاستجابة لوزة المخيخ وقبول/رفض الأقران للمشاركة غير الانتحاريّة لأذيّة النفس (NSSI) في متابعةٍ استمرّت لمدّة عامٍ واحد. المسؤول: الطبّ النفسيّ البيولوجي (2022). DOI: 10.1016/j. biopsych.2022.09.030.

إنّ الانخراط في سلوكيّات إيذاء النفس دون نيّة الموت، أو ما يُعرَف بإيذاء النفس غير الانتحاري (NSSI)، يزداد بكثرةٍ عند الانتقال من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، ويستمرّ في الازدياد طوال سنوات المراهقة. وعلى الرغم من أنّ الانخراط في إيذاء النفس غير الانتحاري غالبًا ما يرتبط بالتفاعل العاطفيّ، وأنّه قد يحدث كاستجابةٍ للتجارب الاجتماعية المؤلمة، فإن بعض الشباب أكثر عُرضةً من غيرهم لإيذاء النفس. ولا تزال كيفيّة إمكانيّة تفاعل نقاط الضعف العاطفيّة والاجتماعيّة البيئيّة داخل الأفراد لزيادة المخاطر النمائيّة لإيذاء الذات غير معروفة.

ثمّة الآن دراسةٌ طوليّةٌ جديدةٌ في بيولوجيكال سيكياتري تفحص الارتباطات القائمة على الأعصاب وعوامل الخطر الأخرى للسلوكيّات الضارّة بالنفس مثل NSSI، وفهم هذه الدراسة قد يساعد في تعزيز مرونة الأطفال حيال سلوكيّات NSSI.

“إيذاء النفس لدى المراهقين هو سلوكٌ معقّدٌ للغاية، يصحبه العديد من العوامل المساهمة في حدوثه، وليس لدينا إلى الآن تنبّؤاتٍ موضوعيّة قويّةً لإيذاء النفس”، كما قال جون كريستال، الحائز على دكتوراه في الطب النفسي البيولوجي والمحرّر في هذا المجال.

وتشمل سلوكيّات NSSI شقّ الجلد أو نحته وإدخال الأشياء تحت الأظافر أو الجلد وحرق الجلد وتقشيره أو كشطه إلى حدّ سيلان الدم، وضرب النفس عنوةً.

بالنسبة للدراسة، اختبر الباحثون في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل بقيادة أوليفيا بولاك، الحاصلة على درجة الماجستير في العلوم النظريّة، تفاعل المراهقين في منطقةٍ دماغيةٍ تسمّى اللوزة الدماغية، والتي ارتبطت بالتفاعل العاطفيّ والحساسيّة للبيئة الاجتماعيّة، بما في ذلك المكافأة والعقاب.

أدّى المشاركون -وعددهم 125- مهمّةً تنبّؤوا فيها تجنّب عقوبة الأقران (وجهٌ عابس) ورغبوا بذلك، وتوقّعوا الحصول على مكافأةٍ اجتماعيةٍ (وجهٌ مبتسم) ورغبوا بذلك أثناء خضوعهم لتصوير الدماغ. وأكمل المشاركون استبيانًا في سنة الفحص، ومرّةً أخرى بعد عامٍ واحدٍ لتحديد سلوك NSSI السابق. صنّف المراهقون أيضًا أقرانهم (من قائمة الصفّ) إلى من أحبّوا أكثر ومن أحبّوهم أقل، وهو تقييمٌ ثابتٌ للتّفضيل الاجتماعي من تجارب العالم الحقيقيّ في قبول الأقران ورفضهم.

وجد الباحثون أنّ زيادة تفاعل اللوزة أثناء توقّع العقاب الاجتماعيّ تنبّأ بمشاركةٍ أكبر ل NSSI بعد عامٍ واحدٍ بين المراهقين الذين حظوا على تفضيلٍ اجتماعيٍّ أقلّ من أقرانهم. وتشير هذه النتيجة إلى أنّ المراهقين الذين هم أكثر حساسيّةً لاحتمال العقاب الاجتماعيّ، والذين يعانون من محنةٍ اجتماعيّةٍ أكبر في شبكة أقرانهم في العالم الحقيقيّ، قد يكونون في خطرٍ متزايدٍ لحصول NSSI في المستقبل.

وقال الدكتور كريستال: “تشير هذه الدراسة إلى أنّ ردّ فعل الدماغ القويّ للعقاب الاجتماعيّ قد يكون علامةً، وربّما حتّى مساهمًا في الاستجابات سيّئة التكيّف للضغط الاجتماعيّ؛ وفي هذه الحالة إيذاء النفس يتبع رفض الأقران”.

وأضافت المؤلّفة الأولى أوليفيا بولاك: “سريريّاً تشير النتائج التي توصّلنا إليها إلى أنّ تعليم مهارات تنظيم العاطفة وزيادة تفاعلات الأقران الاجتماعية الإيجابيّة قد يساعد في الحماية من الانخراط في السلوكيّات الضارّة بالنفس في مرحلة المراهقة”.

  • ترجمة: هبة الزبيبي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1