11 كتابًا (ربما) قد فُقدوا للأبد
ما بين الحين والآخر تهتز الأوساط الأدبية بسبب العثور على عمل كان يُعتقد أنه قد ضاع إلى الأبد. خذ على سبيل المثال: “مقال شعري عن الحالة الحالية للأشياء” لبيرسي بيش شيلي، حيث نُسِب العمل الذي نُشِر في عام 1811 إلى مؤلفه في العام 1872 (أي بعد 50 عامًا من وفاته) ثم أعيد اكتشافه في عام 2006. لكن هناك العديد من الكتب التي ما تزال مفقودة حتى يومنا هذا، الأمر الذي يثير حزن القرّاء في كل مكان. وفيما يلي 11 مثالًا على أكثر الخسائر الأدبية مأساويةً، هذا بالطبع بغض النظر عن العدد الذي لا يحصى من النصوص التي تم محوها من السجلات تمامًا بحيث لا يوجد أي دليل على وجودها على الإطلاق.
1. المسودة الأولى لرواية الحالة الغريبة لدكتور جيكل والسيد هايد/ روبرت لويس ستيفنسون
هناك روايتان لما حدث لمسودة رواية الحالة الغريبة لدكتور جيكل والسيد هايد للكاتب روبرت لويس ستيفنسون (1886)، لكن في كلتيهما كانت النيران المثوى الأخير للمسودة.
الأولى أنه يُعتقد أن ستيفنسون كتب مسودة الرواية في ثلاثة أيام فقط أثناء معاناته مما قد يكون مرض السل وتناول الكوكايين (الذي كان يوصف في ذلك الوقت كدواء). ولكن عندما قرأتها زوجته فاني، قالت: “غابت عنه رمزية القصة”، الأمر الذي أدى إلى إلقاء ستيفنسون بأوراق مسودته في النيران، ثم ثائرًا أعاد كتابة المخطوطة في ثلاثة أيام أخرى.
أما الرواية الثانية فقد روت على لسان ابن زوجته لويد أوزبورن، وتشير القصة البديلة إلى أن فاني نفسها هي من أحرقت المسودة. حيث كتبت في رسالة إلى صديق لها “مسودة مليئة بالهراء المطلق”، معلنة “سأحرقها بعد أن أُطلعك عليها”. وبغض النظر عمن كان مسؤولاً عن إلقاء هذه المسودة في النيران، فإن نظرة ستيفنسون إلى شخصيته الأيقونية قد اختفت تمامًا.
2. منعطفات الذاكرة/ نايتلارك
في عام 2013، واجهت فيرونيكا هيرست -رئيسة قسم الببليوغرافيا في قاموس أكسفورد الإنجليزي- مشكلة أثناء تحققها من البيانات الخاصة بكلمة “revirginize”، وتمثلت هذه المشكلة في عدم تمكنها من العثور على نسخة من الكتاب الذي تم الاستشهاد بأن الكلمة مأخوذة منه. منعطفات الذاكرة (1852) المكتوب تحت الاسم المستعار نايتلارك، هو أقدم مصدر معروف ل51 كلمة، ولكن بخلاف كونه مجرد معلومة مدونة في كتالوج أحد بائعي الكتب، لا يملك قاموس أوكسفورد أي دليل أو خيوط حول هذا الكتاب الغامض.
وقد نشر القاموس نداءً عامًا في محاولة للعثور على نسخة من الكتاب. واستطاع لاحقًا محرر قاموس أوكسفورد بيتر جيليفر أن يحدد أن الكتابة الموجودة على بطاقة الاشتراك الأصلية تعود إلى إدوارد بيكوك، وهو عالم آثار عاش في لينكولنشاير، كما قدّم أحد الأشخاص مرجعًا آخر للكتاب في كتالوج Sotheby الذي يعود للعام 1854.
قالت هيرست، التي تعتقد أن الكتاب على الأرجح هو مجموعة شعرية، لصحيفة لوس أنجلوس تايمز أن “إحدى نظريات اختفاء الكتاب تتمثل في أن يكون ذو محتوى إباحي، أو بطريقة ما كان بمثابة نشرة سرية لم يتم تسجيلها بالطرق العادية”. حتى الآن لم يتم العثور على نسخة من كتاب نايتلارك.
3. التعرض المزدوج/ سيلفيا بلاث
قبل وفاتها في عام 1963، كانت سيلفيا بلاث تعمل على كتابة رواية شبه سيرة ذاتية عن امرأة زوجها خائن. أطلقت على الرواية في البداية “رغيف لا منتهي”، ثم “رد فعل متأخِر”، ثم أطلقت عليها أخيرًا “التعرض المزدوج”. وقد ورث الرواية مع بقية ممتلكاتها زوجها تيد هيوز الذي انفصلت عنه في عام 1962، وما حدث بعد ذلك للرواية غير واضح.
في مقدمة كتاب بلاث جوني بانيك وإنجيل الأحلام (1977)، الذي نُشِر بعد وفاتها، كتب هيوز أن بلاث “كتبت حوالي 130 صفحة”، ولكن “هذه المخطوطة قد اختفت في مكان ما تقريبًا في عام 1970”. لكن في مقابلة أجريت مع ذا باريس ريفيو عام 1995، روى هيوز قصة مختلفة: “قالت والدتها أنها رأت رواية كاملة، لكنني لم أكن على علم بذلك قط، ما كنت أعرفه أنها كتبت 60 أو 70 صفحة واختفت، ولأخبرك بالحقيقة، كنت أفترض دائمًا أن والدتها قد أخذتهم جميعًا”. هذه الروايات المختلفة إلى جانب حقيقة أن هيوز سبق له أن أتلف أحد دفاتر بلاث، لأنه وفقًا لروايته “لم أكن أرغب في أن يقرأها أطفالها”، أثارت الشكوك حول كونه ربما يكون قد تخلص أيضًا من هذه الرواية.
وعلى الرغم من أن هناك فرصة للعثور على نسخة من التعرض المزودج يومًا ما مثلما حدث مع أجزاء من روايتها فالكون يارد (التي كانت قد حرقت مخطوطتها بنفسها)، فإن احتمالية عدم العثور على أي شيء موجودة أيضًا.
4. موسوعة يونغلي
منذ عام 2007، أصبحت ويكيبيديا أكبر موسوعة تم تجميعها على الإطلاق، ولكن سابقًا كانت موسوعة يونغلي، التي اكتملت في عام 1408، هي الحاملة لهذا اللقب. حيث وظف الإمبراطور يونغلي من أسرة مينج 2169 باحثًًا لجمع المعارف من جميع أنحاء الصين، وتضمنت الموسوعة مواضيع مثل التاريخ والجغرافيا وعلم الفلك والفلسفة. وبلغ حجم المشروع 11,095 مجلدًا.
وخوفًا من فقدان الموسوعة، أمر الإمبراطور جياجينغ بعمل نسخة منها اكتملت في العام 1567 م، تحديداً في بداية عهد الإمبراطور لونغتشينغ. فُقِد العمل الأصلي بعد ذلك بوقت قصير (دون أن يتم معرفة كيف حدث ذلك)، لكن النسخة بقيت سليمة إلى حد كبير حتى العام 1860، عندما أُمر الجنود البريطانيون والفرنسيون بنهب القصر الصيفي القديم في بكين خلال حرب الأفيون الثانية، مما أدى إلى سرقة أو حرق العديد من المجلدات. واستمرت أعداد المجلدات في التضاؤل على مر السنين، واليوم لم يتبقّ منها سوى 3.5%، أي حوالي 400 مجلد من الموسوعة. وعلى الرغم من العثور على مجلدات من حين لآخر، مثل ذلك الذي تم اكتشافه في مكتبة هنتغتون بولاية كاليفورنيا في عام 2014، فمن غير المرجح أن يتم استرداد أجزاء كبيرة منها.
5. أعمال تيري براتشيت غير المكتملة
طلب مؤلف الفانتازيا تيري براتشيت، الذي اشتهر بسلسلة Discworld، إتلاف أعماله غير المكتملة عند وفاته. ووفقًا لزميله المؤلف نيل جايمان، فإن براتشيت قد أخبره أنه يريد “أن يتم وضع أي شيء يعمل عليه وقت وفاته جنباً إلى جنب مع أجهزة الكومبيوتر الخاصة به في منتصف أحد الطرق ليتم سحقهم بعربة بخارية”. وهذا بالضبط ما حدث في عام 2017، بعد عامين من وفاته خلال معرض دورست للبخار Great Dorset Steam Fair، حيث استخدمت عربة بخارية قديمة لسحق محرك الأقراص الثابتة الخاص ببراتشيت. قال روب ويلكينز مساعد براتشيت ومدير أعماله لفترة طويلة للبي بي سي بريكفاست “أنه كان يعمل في ذلك الوقت على 10 عناوين أنا على علم بها، بالإضافة لأجزاء من العديد من القطع والنصوص الأخرى”.
6. تاريخ كاردينيو/ وليام شكسبير وجون فليتشر
نجا ما يقرب من 543 مسرحية إنجليزية تم أداؤها في المسارح التجارية خلال عصر النهضة. قد يبدو هذا العدد كبيرًا، ولكن وفقًا لديفيد ماكينيس، الأستاذ المساعد في جامعة ملبورن، “فإنه قد فُقِد ما يصل إلى 744 مسرحية بشكل أكيد، بالإضافة إلى مئات المسرحيات الأخرى التي لا يمكن تعقبها على الإطلاق”. واحدة من أشهر المسرحيات المفقودة هي مسرحية “تاريخ كاردينيو” لوليام شكسبير وجون فليتشر التي تم عرضها في العام 1613 وتم إدراجها في عام 1653 في سجل Stationers’ Register، وهو سجل تُدرج فيه حقوق النشر. ويُعتقد أنها كانت تستند إلى جزء من رواية دون كيشوته، لميجيل سرافنتس، تظهر فيه شخصية تدعى كاردينيو.
في عام 1727، قام لويس ثيوبالد محرر ومحاكي شكسبير بتقديم مسرحية بعنوان “كذب مزدوج” استندت إلى ثلاث مخطوطات غير معنونة ادعى ثيوبالد أنها نفسها مسرحية كاردينيو المفقودة. في العام التالي، نشر طبعة من المسرحية، ولكن في مرحلة ما، اختفت المخطوطات ولم يتم التحقق منها في نهاية المطاف. وفي حين أن بعض الأكاديميين أخذوا مسرحية ثيوبالد كأمر مسلم به بدون تشكيك، على الجانب الآخر شكك في أصالتها أكاديميون آخرون. وعلى حد قول تيفاني ستيرن الأستاذة بجامعة أكسفورد لبي بي سي: “إذا بحثت عن شكسبير في عمل أحد المحاكين المشهورين، ستجد شكسبير سواء كان موجودًا بالفعل أم لا”.
اقترح عالم الباليوغرافي تشارلز هاميلتون أن المسرحية المعروفة باسم مأساة البكر الثانية (1611) قد تكون في الواقع هي مسرحية كاردينيو، لكن لم يلق ادعاؤه الكثير من الدعم، والأكثر شيوعًا أن هذه المسرحية تنسب إلى الشاعر والكاتب المسرحي توماس ميدلتون. تجدر الإشارة إلى أن هناك مسرحية أخرى لشكسبير قد ضاعت مع مرور الوقت وهي مسرحية Love’s Labor’s Won، والتي يُعتقد أنها قد تكون تكملة محتملة لمسرحية عذاب الحب الضائع أو الحب مجهود ضائع Love’s Labor’s Lost.
7. جزيرة الكلاب/ توماس ناش وبن جونسون
بدلًا من ضياعها مثل مسرحيات شكسبير، فإن مسرحية جزيرة الكلاب لتوماس ناش وبن جونسون تم منعها عن قصد في عام 1597.
بعد الأداء الأولي، قام ريتشارد توبلكيف، الذي عينته الملكة إليزابيث الأولى لمطاردة الكاثوليك وتعذيبهم، بإبلاغ وزير الدولة عن “النوايا السامة” للمسرحية وكونها “تمهيدًا لبعض الأذى والهرج”. قام مجلس الملكة الخاص، وهو هيئة حكومية تقدم النصح للملك وتلعب دورًا إداريًا، باعتقال جونسون إلى جانب الممثلين جابرييل سبنسر وروبرت شو، مشيرًا إلى أن “المسرحية البذيئة” تضمنت “قذفًا ومواد مثيرة للفتنة والافتراء”. وتمكن ناش من الهرب من السجن بالفرار من المنطقة.
في النهاية، تم إطلاق سراح جونسون وسبنسر وشو، وفُقِدت جزيرة الكلاب للأبد ولا توجد أي نسخ معروفة موجودة لهذه المسرحية. وتجدر الإشارة إلى أن ما كان مثيرًا للفتنة في هذه المسرحية ما يزال غير معروف حتى الآن، على الرغم من تكهن الأكاديميون بأن المسرحية قد تكون سخرت من الملكة إليزابيث الأولى ومستشاريها أو غيرهم من الشخصيات السياسية. يشير عنوان المسرحية إلى منطقة تقع عبر نهر التايمز من جهة قصر غرينتش الملكي لم تكن تتمتع بسمعة طيبة، الأمر الذي جعلها مادة جاهزة للتعليقات الساخرة.
8. غالبية قصص إرنست هيمنجواي الأولى
في عام 1922، عاش إيرنست هيمنجواي، الذي لم يكن قد نشر أي عمل روائي بعد، الكابوس الذي يخشاه جميع المؤلفين “خسارة وفقدان كل شيء كتبه تقريبًا”. في مذكراته عيد متنقل (1964)، روى أن زوجته الأولى هادلي حزمت جميع مخطوطاته بإحدى الحقائب، التي سرقت فيما بعد على متن قطار كانت تستقله من فرنسا إلى سويسرا لمقابلته. عاد هيمنجواي إلى شقتهم في باريس لأنه “كان على يقين بأنها لا يمكن أن تكون قد أحضرت النسخ أيضًا”، لكنه اكتشف أنها قامت بذلك بالفعل. تم إنقاذ قصتين فقط من قصصه: “رجلي العجوز” التي أرسلها هيمنجواي إلى محرر، و”في ميشيغان” التي خبأها في أحد الأدراج بعد أن أعلنت جيرترود شتاين، أنها على حد تعبيرها، من الصعب نشرها بسبب محتواها. تجدر الإشارة إلى أنه من بين المخطوطات المفقودة كانت رواية تستند أحداثها إلى تجارب هيمنجواي في الحرب العالمية الأولى.
9. مذكرات اللورد بايرون
عندما توفى اللورد بايرون في 19 أبريل 1824، علقت علامة استفهام على مخطوطة مذكراته. لقد أعطى المخطوطة لزميله الشاعر توماس مور وأخبره أنه لا يستطيع نشرها وهو على قيد الحياة، ولكنه قال: “عندما أتوفى يمكنك أن تفعل ما يحلو لك”. ونظرًا لسمعة بايرون الشاب الشقي، تساءل أصدقاؤه وأفراد عائلته، الذين قرأ الكثير منهم المذكرات، عما إذا كان ينبغي نشر هذه المذكرات أصلًا أم لا؟ كما كتب أحد أصدقاء بايرون في مجلته، قال المحرر الذي قرأ العمل “أن المذكرات بأكملها لا تصلح إلا لبيت دعارة وستلحق العار الأبدي باللورد بايرون إذا تم نشرها”.
بعد أقل من شهر بقليل من وفاة بايرون، تحديدًا في ال17 من مايو، اجتمعت مجموعة لمناقشة الأمر في مكتب ناشر بايرون جون موراي. وبعد أيام من النقاش، وافقوا في النهاية على إتلاف مذكراته، وألقيت الصفحات في النار، مما أدى لمحو التفاصيل البذيئة لحياة بايرون وارتكاب ما أصبح يُعرف منذ ذلك الحين باسم “أعظم جريمة في تاريخ الأدب”. ومع ذلك، فإن حبيبة بايرون السابقة الليدي كارولين لامب، على الأرجح لم توافق على هذا التقييم فبعد قراءة المذكرات، قالت: “لا قيمة لها وأنها مجرد دفتر نسخ”.
10. المارجريتس/ هوميروس
فقدت غالبية النصوص التي تعود إلى العالم الكلاسيكي؛ والكثير من النصوص التي نجت، نجت فقط لأنه أعيد إنتاجها خلال العصور الوسطى وأوائل العصور الحديثة. وتعد المارجريتس واحدة من أكبر الخسائر، وهي قصيدة ملحمية ساخرة تُنسب عادة إلى هوميروس ولم يبق منها سوى بضعة أسطر. صنف أرسطو العمل ووضعه في مرتبة عالية وعلى قدم المساواة مع قصائد هوميروس التراجيدية “تماماً كما الإلياذة والأوديسة بالنسبة لتراجيدياتنا، فإن المارجريتس بالنسبة لأعمالنا الكوميدية”.
تشمل الأعمال اليونانية والرومانية القديمة المفقودة: مأساة أندروميدا ليوربيديس، التي لم يبق منها سوى شذرات قليلة، وغالبية الأعمال النثرية والشعرية والخطابية ليوليوس قيصر الذي وصفه شيشرو بأنه يمتلك “أنقى وأرقى إتقان للغة الرومانية”، وتسعة مجلدات من الشعر الغنائي لصافو، لم يكتمل منها فقط سوى “قصيدة لأفروديت”، وذلك على الرغم من اكتشاف أجزاء جديدة من أعمالها ما بين الحين والآخر.
11. الفقير والسيدة/ توماس هاردي
على الرغم من أن توماس هاردي أصبح يحظى الآن بالتقدير باعتبار أنه كاتبٌ إنجليزيٌّ عظيم، فإن هذه الحقيقة ربما لم تكن واضحة بما يكفي من روايته الأولى. انتهى هاردي من كتابة (الفقير والسيدة) في عام 1868، ولكن تم رفضها من قبل العديد من الناشرين، وفي وقت ما أتلف هاردي المخطوطة. توجد فقط آثار لهذه الرواية في الوثائق والمحادثات المذاعة، وقد أدرج هاردي بعض مشاهدها في قصيدة “الفقير والسيدة”، وفي نوفيلا (طيش في حياة وريثة) (1878). تقدم هذه الآثار فكرة عما كانت تدور حوله هذه الرواية، العلاقة بين زوجين من طبقات اجتماعية مختلفة، لكن رؤيته الأصلية قد ضاعت إلى الأبد.
- ترجمة: رنا عبد الرحمن
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1