دراسة جديدة تكشف دور النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات في إيقاف داء السكري من النمط2 لدى 51% من المرضى المشاركين

وفقًا لبعض الدراسات، قد تساعد خسارة الوزن عن طريق تقليل الوارد من السعرات الحرارية على إيقاف وإخماد مرض السكري من النمط2 أو ما يعرف علميًا بتحقيق الهدأة، بما في ذلك عودة مستويات سكر الدم (غلوكوز الدم) إلى مستويات مرحلة ما قبل السكري بغياب الأدوية.

< هدأة المرض: غياب الفعالية المَرَضية عند المصابين بأمراض مزمنة>.

وبينت دراسة جماعية حديثة معتمدة على الرعاية الصحية الأولية أن حوالي 97% من مرضى السكري من النمط2 الذين اعتمدوا نظامًا غذائيًا منخفض الكربوهيدرات قد شهدوا تحسنًا في ضبط مستويات السكر في الدم.

وقد نجح حوالي 51% من مرضى السكري من النمط2 في تحقيق الهدأة اعتمادًا على النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، علمًا أن احتمال نجاح ذلك يكون أعلى لدى المرضى المشخصين بداء السكري من النمط2 قبل عام واحد من اتباعهم للنظام بينما يكون أقل لدى المرضى المزمنين.

تشير النتائج أعلاه إلى دور النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات كخطوة جيدة لضبط مستويات سكر الدم وتحقيق هدأة مرض السكري من النمط2 بعيدًا عن الأدوية، وقد بينت دراسة حديثة منشورة في صحيفة BMJ Nutrition, Prevention and Health دور هذا النظام في تحقيق ضبط جيد لمستويات سكر الدم لدى أولئك المرضى، علاوة على ذلك، فقد نجح أكثر من نصف المرضى المشاركين في تحقيق الهدأة، ما يعني أن بإمكانهم أخيرًا إيقاف علاجهم الدوائي.

في دراسة أخرى أجراها DR. David Unwin من جراحة Norwood في المملكة المتحدة حيث صرح عن طريق Medical News Today قائلاً:

“من المذهل نجاح 77% من مرضى السكري من النمط2 المشخصين في عامهم الأول في تحقيق هدأة مرضهم من خلال اتباعهم لنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، ويعتبر هذا بمثابة فرصة عظيمة لإجراء المزيد من البحوث لاحقًا”.

فيما أشار Dr. Ari Eckman -اختصاصي الغدد الصم والمدير الطبي لخدمات الغدد الصم في مركز Holy Name الصحي في Teaneck في نيوجيرسي، غير المشارك بهذه الدراسة- إلى رغبة العديد من مرضى السكري من النمط2 بإيقاف علاجهم الدوائي في نهاية المطاف.

وقد أُرفِق هذا المقال (في صحيفة BMJ) بمخطط توضيحي حول كيفية نجاح العديد من مرضى السكري من النمط2 في السيطرة على مرضهم اعتمادًا على الحمية وحدها، وأضاف أن اتباع هذا النظام الغذائي لدى المرضى في المستقبل سيكون خطوة مهمة لتحقيق علاج متكامل قادر على السيطرة على مرض السكري وإدارته.

هدأة داء السكري من النمط ‘2’:

يعزى عدم كفاءة أجسام مرضى السكري من النمط2 في ضبط مستويات سكر الدم إلى عجزها عن الاستخدام الفعال للأنسولين وامتصاص السكر، وكنتيجة لهذا، فإنهم يعانون من ارتفاع مستويات السكر في الدم والهيموغلوبين السكري أو ما يسمى (الهيموغلوبين A1 c) المعروف اختصارا (HbA1 c).

يعد (HbA1 c) أحد أشكال الهيموغلوبين المرتبط بالغلوكوز والذي يعكس القيمة الوسطية لمستويات غلوكوز الدم على مدار 3 أشهر.

علاوة على ذلك، يرتبط داء السكري من النمط2 بتراجع تدريجي لقدرة المرضى على ضبط مستويات سكر الدم، وبالتالي الحاجة لمزيد من الأدوية في المستقبل.

لطالما اعتبر الأطباء مرض السكري من النمط2 حالة مستعصية ودائمة مدى الحياة، إلا أن الأبحاث الحديثة أثبتت إمكانية دوام هدأة هذا المرض لأمد بعيد، ما يعني العودة لمرحلة ما قبل السكري لكل من مستويات HbA1 c -ما دون 48 ميلي مول للمول الواحد (ميلي مول/مول) أو 6.5%- ومستويات سكر الدم في غياب تناول الأدوية لثلاثة أشهر على الأقل.

ومع هذا، لا يمكن اعتبار هدأة المرض كحالة شفاء منه بل يجب الحذر من احتمالية عودة مستويات سكر الدم إلى المستويات السكرية.

بالرغم من تزايد عدد الأدوية المساعدة على ضبط مستويات سكر الدم، إلا أن كثيرًا من المرضى يبدون استجابة ضعيفة لها.

على سبيل المثال: تشير التقديرات الحديثة إلى أن حوالي مليوني شخص في إنكلترا معرض للإصابة بداء السكري من النمط2.

هل بإمكان النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات مساعدتك؟

يعاني حوالي 80-90% من مرضى السكري من النمط2 من زيادة الوزن أو البدانة، ووفقًا للدراسات فإن خسارة الوزن الزائد سواء عن طريق جراحة السمنة أو تقييد تناول السعرات الحرارية يمكنه مساعدة المرضى على تحقيق الهدأة.

يؤدي الإفراط في وارد الطاقة إلى تراكم الدهون حول الكبد، ما يقلل حساسيته للغلوكوز، وبالتالي تقليل إفرازات خلايا بيتا البنكرياسية للأنسولين.

تشير الدراسات أن بإمكان الحد من الوارد الطاقي تحقيق الهدأة لمرض السكري من النمط2 عن طريق تقليل مستويات الدهون في الكبد وتحسين وظيفة خلايا بيتا البنكرياسية.

قد تتمكن من تحقيق هدأة مرض السكري من النمط2 في حال اتباعك لنظام غذائي صحي، علمًا أن هنالك أدلة متضاربة حول فعالية الأنظمة الغذائية المختلفة، وإن إحدى طرق تخفيض الوزن تقليل الوارد من الكربوهيدرات.

عند اتباعك لنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات عليك تقييد تناول الأطعمة الغنية بالسكر لأنها ترفع من مستويات السكر في دمك، ونخص بالذكر أطعمة كالخبز والأرز والبطاطس، وبالمقابل احرص على تناول الخضار الورقية والفواكه والأسماك واللحوم والمكسرات.

اقترحت أحد الأدلة أن النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات قد يساعد مرضى السكري من النمط2 على تحقيق الهدأة على المدى القصير.

تشمل فوائد هذا النظام تحسين وظيفة خلايا بيتا البنكرياسية والحد من تراكم الدهون، إضافة إلى فقدان الوزن المستدام عن طريق تقليل الشعور بالجوع وزيادة استهلاك الطاقة، وإن ذلك لأمر في غاية الأهمية على اعتبار أن عودة اكتساب الوزن يمثل أحد أكبر التحديات التي يواجهها مرضى السكري من النمط2.

ومع ذلك، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن تناول الكربوهيدرات قد لا يتحكم بنسبة الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري من النمط2، إضافة إلى وجود مخاوف من عدم التزام المرضى بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات على المدى البعيد.

قيم المؤلفون القائمون على هذه الدراسة البيانات السريرية المستوحاة من عيادة الرعاية الأولية في المملكة المتحدة وذلك على مدى السنوات الثماني الماضية، بهدف زيادة تقييم قدرة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات على تحقيق هداة مرض السكري من النمط2.

ما الذي فعلته الدراسة؟

بلغ عدد المشاركين في هذه الدراسة حوالي 186 مريضًا ممن يعانون من داء السكري من النمط2 من أجل تجربة النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات على مدار 33 شهرًا.

خضعوا خلالها للمراقبة من قبل الأطباء الذين قدموا بدورهم المشورة اللازمة للحفاظ على نظامهم الغذائي، إضافة إلى توعيتهم حيال الأغذية المحفزة لتناول الطعام وضرورة تجنبها، لما تسببه من إفراط في تناول الطعام نتيجة استساغتها.

علاوة على ذلك، فقد تبادل الأطباء والمرضى المعلومات المتعلقة بهذا النظام الغذائي ودوره في تحقيق تحكم أفضل بمستويات سكر الدم، إضافة للاستشارات الفردية، فقد أُتيح للمرضى حضور جلسات جماعية لتزويدهم بالمعرفة العملية المتعلقة باختيار الأغذية منخفضة الكربوهيدرات وكيفية إعدادها.

شهد مرضى السكري من النمط2 الخاضعون للنظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات انخفاضًا في أوزانهم بلغ حوالي 10 كيلوغرامات (ما يعادل 22 رطلًا)، كما وأظهروا علامات أقل لأمراض القلب والأوعية الدموية في نهاية فترة المتابعة، تمثلت بشكل أساسي بانخفاض كبير بضغط الدم ومستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول منخفض الكثافة (الكوليسترول LDL) خلال فترة المتابعة، إضافة لذلك فقد لاحظ المؤلفون انخفاضًا ملحوظًا في مستويات HbA1 c لدى 97% منهم.

التأثير على هدأة داء السكري:

من بين 186 مشاركًا في التجربة، نجح 94 مريضًا منهم (51%) في تحقيق هدأة مستدامة وتقليل مستويات HbA1 c إلى ما دون عتبة الهدأة البالغة 48 ميلي مول/مول لأكثر من ثلاثة أشهر. كما وأظهروا انخفاضًا أكبر للوزن مقارنة بأولئك الذين لم يحققوا هدأة المرض.

مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع المرضى في طور الهدأة المستدامة قد شهدوا على الأقل قليلًا من انخفاض الوزن.

على الرغم من انخفاض مستويات HbA1 c بشكل أكبر لدى المرضى الذين أظهروا مستويات أكثر ارتفاعًا منها في بداية النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، إلا أن احتمال تحقيق هدأة المرض تكون أكبر لدى المرضى ذوي مستويات أقل من HbA1 c، وقد يعزى ذلك للتشخيص الأحدث لمرض السكري لدى المرضى ذوي نسب أقل من HbA1 c في بداية اتباعهم للنظام الغذائي.

وفقاً لهذا، كشفت المزيد من التحليلات أن 77% من المرضى الذين تبنوا النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات لمدة عام واحد بعد تشخيص إصابتهم بداء السكري من النمط2 قد نجحوا بتحقيق الهدأة لمرضهم.

بالمقابل فإن 35_20% من المرضى الذين اتبعوا نفس النظام الغذائي خلال 1_5 سنوات وأكثر من 15 سنة بعد تشخيص إصابتهم بالسكري نمط2 قد نجحوا بتحقيق الهدأة.

على الرغم من أن نسبة أقل من المرضى الذين عانوا من داء السكري من النمط2 لمدة أطول قد حققوا الهدأة، إلا أن هذا يبين دور النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات في تحقيق تحسن مهم على المستوى السريري في السيطرة على نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النمط2 ممن يعانون من ضعف التحكم بها.

أقر مؤلفو الدراسة أن العلاج الدوائي قد يكون ضروريًا لإدارة مرض السكري من النمط2 المزمن.

بالرغم من وجود دراسات أخرى عُنيت بفحص فعالية اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات بغية السيطرة على مستويات السكر في الدم، إلا أن معظمها باء بالفشل في تحقيق مستويات مماثلة من فقدان الوزن، وعزى المؤلفون ذلك إلى ثقة المريض وطبيبه والمناقشة المفتوحة لمزايا فقدان الوزن والتي تدعم الصحة على المدى الطويل بالإضافة للدعم المستمر.

فعلى سبيل المثال، التزم الأطباء بمراقبة أوزان المرضى ومستويات HbA1 c لديهم بانتظام وعند ارتفاعها -والذي غالبًا ما يكون سببه زيادة تناولهم للكربوهيدرات- يرسل لهم الأطباء تذكيرات عبر المكالمات الهاتفية، ما يضمن التزامهم بالنظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات.

وجدت الدراسة أيضًا أن إنفاق العيادة يعادل نصف إنفاق الممارسات المحلية الأخرى على مستوى الأدوية المعطاة لكل مريض من مرضى السكري من النمط2.

وأشار Dr. Unwin إلى إمكانية استفادة مرضى السكري من النمط2 المزمنين والذين يعانون من ضعف التحكم به، وذلك في حال التزامهم بتقليل السكر والكربوهيدرات النشوية، وفي كثير من الأحيان قد لا يحتاجون لتناول الأدوية باهظة الثمن، ولذلك تخصص ممارستنا سنويًا حوالي 68000 جنيه إسترليني (ما يعادل 80637 دولارًا أمريكيًا)، من ميزانية الأدوية لداء السكري.

وأوضح Dr. David Cutler، طبيب الأسرة في مركز Providence Saint John’s الصحي في Santa Monica في كاليفورنيا غير المشارك بهذه الدراسة، لِ MNT السبب وراء إقصاء بعض الأطباء بقوة من متابعة نظرية التغذية مع مرضاهم، وينسب ذلك إلى ضعف التزامهم بهذا النظام الذي يمنح المزيد من الحماس والتشجيع للمرضى لمتابعة علاجهم الغذائي حتى لو أبدوا ترددًا في بداية الأمر.

دراسة التقليد:

لاحظ المؤلفون وجود خطر التحيز بسبب اقتصار المرضى الملتزمين بالنظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات على أولئك الذين تم تشجيعهم على تحسين صحتهم، ومن بين 473 من مرضى السكري من النمط2 لم يقرر سوى 186 مريضًا اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، ما يشير إلى انعدام الرغبة في اتباع هذا النظام.

وقال Dr. Cutler: “إن إقناع المرضى باتباع برنامج لإنقاص الوزن منخفض الكربوهيدرات ولفترة طويلة بما يكفي لتحقيق فوائد صحية كبيرة يعتبر أمرًا في غاية الصعوبة”، “قد يكون كل من درجة التحسن هنا والقدرة على علاج أكثر من نصف المرضى المشاركين بمثابة محفز كافي لتشجيع بعض المرضى المترددين على اتباع مثل هذا النظام الغذائي”.

اتسمت الدراسة أيضًا بطبيعة رصدية وافتقرت لوجود مجموعة ضابطة، إذ أشارت Dr. Srujana Yada، اختصاصية أمراض السكري والغدد الصم في أوستن في تكساس غير المشاركة في هذا البحث، إلى ضرورة وجود مجموعة تحكم أو مقارنة تمكننا من استنتاج تفوق النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات على بقية الأنظمة الغذائية الأخرى، ولاحظت Dr. Yada ترافقًا في تحسن مستويات HbA1 c بشكل ملحوظ عند المرضى ممن حققوا الهدأة أو من فشلوا في تحقيقها مع تحسن كل من مستويات الكوليسترول وضغط الدم.

وأضافت Dr. Yada قائلةً: “إن ما يدفعني لترشيح النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات هو التحسن الملحوظ في مستويات HbA1 c لدى المرضى سواء حققوا الهدأة أم لا، مترافقًا مع تحسن مستويات الكوليسترول وضغط الدم، إلا أن هذه الدراسة لا تجزم فيما إذا كان النظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات هو الأفضل!

ولكنني أود مقارنته بالوجبات الغذائية الأخرى المساوية له بعدد السعرات الحرارية، ترى هل تغيير نمط الغداء هو السبب وراء تحسن مستويات HcA1 c أم أن ذلك يعود لانخفاض إجمالي الوارد من السعرات الحرارية؟ إضافة إلى ذلك، لم يرد أي ذكر لأحداث نقص سكر الدم أو ما يعرف بال Hypoglycemia والتي تعتبر مهمة بالنسبة للمرضى الملتزمين بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، إذ يجب التأكد من أن انخفاض HbA1 c لا يعود لحوادث نقص سكر الدم غير المرغوب بها “.

أشار Dr. Christopher DuCoin، مدير أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى تامبا العام التابع لفلوريدا، إلى إمكانية تحقيق هدأة داء السكري من النمط2 عن طريق خيارات حيوية أخرى كالجراحة والأدوية، وأضاف Dr. DuCoin قائلًا: “نحتاج إلى النظر لهذا النهج الغذائي كخطوة بالاتجاه الصحيح دون اعتباره الحل النهائي، إذ يشكل العلاج الغذائي أحد أدوات علاج مرض السكري وليس الأداة الوحيدة، كما أننا أمام تطورات مذهلة على مستوى العلاج الدوائي لأمراض السمنة المزمنة في الوقت الحالي”.

وأشار Dr. DuCoin إلى الدراسات التي بينت قدرة بعض الأدوية على تسهيل إنقاص الوزن مثل شادات مستقبلات GLP-1، وقد يحسن تناولها لمدة 6_8 أشهر من مستويات HbA1 c لدى غالبية مرضى السكري من النمط2.

  • ترجمة: صبا ورده
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1