كيف تحافظ التمارين الرياضية على اللياقة البدنية أثناء التقدم بالعمر
يُعتقد أن التمارين الرياضية هي أقوى تدخل لمواجهة مرض الشيخوخة، حيث ثبت أنها تحمي من مجموعة كبيرة من الأمراض، ومع أن النشاط البدني سيحسن من صحة الإنسان أثناء الشيخوخة إلا أن فوائده ستنخفض حتمًا، كما أن آلية العمل الخلوية الناتجة عن علاقة التمارين الرياضية باللياقة البدنية والتقدم بالعمر تبقى غير مفهومة بشكل جيد.
قام الباحثون في مركز جوسلين لمرض السكري عبر بحث تم نشره في the Proceedings of the National Academy of Sciences بدراسة دور آلية خلوية واحدة في تحسين اللياقة البدنية عن طريق التمارين الرياضية وحددوا أحد التدخلات المقاومة للشيخوخة والتي تؤخر الانتكاسات التي تحدث عند الكائن الحي أثناء التقدم بالعمر، حيث تفتح النتائج التي توصل إليها العلماء الباب أمام استراتيجيات جديدة لتعزيز وظيفة العضلات مع التقدم بالعمر.
يقول T. Keith Blackwell، المؤلف المشارك ورئيس قسم Islet Cell وعلم الأحياء التجديدي في مركز جوسلين: “تسهم التمرينات الرياضية بشكل كبير في الحماية من الأمراض الانتكاسية وفي تحسين نوعية الحياة، كما أن نظام التمارين طويل الأمد يقلل معدل الوفيات الإجمالي عند البشر”.
ويضيف: “تحدد بياناتنا الوسيط الضروري للاستجابة للتمارين وما هي نقطة البداية للتدخلات للحفاظ على وظيفة العضلات أثناء التقدم بالعمر، هذا الوسيط هو عملية تجزيء وإصلاح الميتوكوندريا، العضيات المسؤولة عن إنتاج الطاقة داخل الخلية، ذات الأهمية الكبيرة للصحة، حيث أن استعادة الاتصال بين هذه العضيات له علاقة بتطور الأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكري من النمط2”.
“وكما أن عضلاتنا تمر بدورة من التعب والراحة بعد جلسة التمرين تمر أيضًا بالدورة الديناميكية للميتوكوندريا، وبهذه العملية تتمكن العضلات من إدارة المرحلة التي تلي الطلب الأيضي أثناء التمرين وتتمكن من استعادة قدرتها الوظيفية” بحسب قول بلاكويل.
وقد درس بلاكويل وزملاؤه دور ديناميكية الميتوكوندريا أثناء التمرين في الكائن النموذجي C. elegans وهو نوع من الديدان المجهرية البسيطة التي تستخدم في أبحاث الأيض والشيخوخة، وبمراقبتهم لهذه الديدان أثناء السباحة والزحف على مدار خمسة عشر يومًا من البلوغ لاحظ الباحثون انخفاضًا كبيرًا في لياقتها البدنية، كما أثبتوا تحولًا تدريجيًا كبيرًا نحو تجزيء الميتوكوندريا في الحيوانات المسنة، حيث لاحظوا أن جلسة واحدة من التمارين التي استمرت ساعة واحدة في اليوم الأول من بلوغ الديدان الصغيرة تسبب التعب وتسبب زيادة في تجزئة الميتوكوندريا في خلايا عضلات الحيوانات لكن فترة 24 ساعة كافية لاستعادة الأداء، ولكن عند الديدان الأكبر سنًا أي التي في اليوم الخامس واليوم العاشر من البلوغ لم يعد الأداء بعد 24 ساعة إلى ما كان عليه وبالمثل خضعت عضيات خلايا هذه الحيوانات لدورة من التجزئة والإصلاح لكن بصورة أقل مما كانت عند الحيوانات الأصغر سنًا.
يقول جوليان كامبوس الزميل في مركز جوسلين: “لقد توصلنا إلى نتيجة مفادها أن جلسة تمرين واحدة تؤدي إلى دورة من التعب واستعادة اللياقة البدنية وذلك بالتوازي مع إعادة بناء شبكة الميتوكوندريا، لكن الشيخوخة تقلل من ذلك وتسبب تدهور اللياقة البدنية، وهذا يشير إلى أن ديناميكية إصلاح عضيات الطاقة هذه قد تكون مهمة للحفاظ على اللياقة البدنية وتعزيزها عبر جلسة من التمارين”.
سمح العلماء للمجموعة الثانية من الديدان بالسباحة لمدة ساعة واحدة يوميًا لعشرة أيام متتالية بدءًا من البلوغ، ووجدوا أن برنامج التدريب طويل الأمد حسن بشكل كبير من لياقة الحيوانات متوسطة العمر في اليوم العاشر وخفف من ضعف ديناميات إصلاح الميتوكوندريا التي تظهر عادة أثناء الشيخوخة.
اختبر الباحثون مايعرف بالتدخلات التي تطيل العمر حيث أظهرت الديدان التي زيد من ال AMPK فيها (وهو جزيء منظم للطاقة ومحفز على إعادة تشكيل الميتوكوندريا أثناء التمرين) تحسنًا في اللياقة البدنية والحفاظ على القدرة على أداء التمارين أثناء الشيخوخة ولكن ليس تحسينها، كما أنهم لم يستفيدوا من فوائد التمارين المتعلقة بتأخير الشيخوخة على مدار حياتهم.
يقول بلاكويل وهو أستاذ علم الوراثة بكلية الطب بجامعة هارفارد: “ما يهمنا فيما يتعلق بالشيخوخة هو أن نحدد التدخلات التي من شأنها ليس فقط إطالة العمر، وإنما تحسين الصحة وتحسين نوعية الحياة، وبالنسبة للأشخاص كبار السن، إن تراجع القدرة على أداء التمارين والتراجع في وظيفة العضلات هو مصدر قلق كبير يؤدي إلى مرض حقيقي، وتشير بياناتنا إلى نقاط تدخل من الممكن أن تكون مثمرة في مواجهة هذا التراجع بالإضافة إلى جوانب أخرى من الشيخوخة، وسيكون من الأهمية تحديد كيف تؤثر عملية إصلاح الميتوكوندريا على اللياقة البدنية وعلى الأمراض المرتبطة بالشيخوخة لدى البشر”.
- ترجمة: عصام رجب
- تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
- المصادر: 1