فطريات الزومبي في مسلسل «The Last of Us» حقيقية! لكن هل يمكن حقًا أن تحولنا إلى زومبي؟

عندما يتعلق الأمر بصناعة الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن الزومبي، فإن القصص المطروحة جميعها مكررة ومتوقعة. إذ يبدأ البطل فيها بالشك في سلوك جاره الغريب ليجد أن حيه يعج بالموتى الأحياء المتعتطشين للدماء، وبعدها تظهر مشاهد الدمار والحرائق وكيف أن الأرض تحولت لساحة قتال موبوءة.

لكن مسلسل The Last of Us من إنتاج HBO وهو مأخذوذ من لعبة فيديو تحمل ذات الاسم، كسر القالب المعتاد لهذه المسلسلات على الأقل من الناحية الوبائية، فبدلًا من وجود كائن ممرض خيالي، افترض المسلسل أن الزومبي قد أصيبوا بعدوى فطرية موجودة في الواقع. يدعى هذا الفطر كورديسيبس، وبالفعل يمكنه السيطرة على أدمغة وأجسام الحشرات محولًا إياها إلى زومبي حرفيًا.

إذًا هل هو قادمٌ إلينا؟

فطر زومبي النمل

يعد هذا الطفيلي من أشيع أنواع الفطريات وهو يعرف بالاسم العلمي «Ophiocordyceps unilateralis»، يعيش في الغابات الاستوائية لأستراليا، والبرازيل، وتايلاند، ويتكاثر بالتطفل والاستيلاء على أجساد حشرات النمل الحفار، إذ يبدأ الأمر بتثبت البوغة على الهيكل الخارجي للنملة ثم دخولها إلى للجسد، مستخدمة إياه للغذاء والحماية، بعد ذلك تتكاثر بجوار دماغ ضحيتها وتفرز موادّ تمكنه من السيطرة على جهازها العصبي المركزي.

مع تقدم الإصابة تعاني النملة من تشنجات عديدة توقعها من منزلها أعلى الشجرة على أرض الغابة، ثم تصعد حوالي 25 cm، وهو المكان المناسب بيئيًا لنمو هذا الفطر، وتشبث فكها في ورقة شجر منتظرةً موتها، وبعد أيام ينبثق الفطر من رأسها ويُسقط أبواغًا جديدة على الأرض كي تعيد الكرّة مرةً أخرى.

لماذا يجب أن نبقى هادئين؟

لحسن الحظ لا يمكن لكوديسيبس أن يسيطر علينا في الوقت الراهن لسببين، أولهما هو نوعية هذا الفطر فمثلًا إن الفطر الذي يصيب نوع معين من النمل في بيئة ومكان ما لا يمكنه أن يصيب نفس النوع في مكان آخر.

وثاني الأسباب هو أننا لسنا بحشرات، فالجسم البشري معقد جدًا إذ لا يمكن لمعظم الفطريات البقاء حيةً في درجة حرارته، إضافةً لامتلاكنا جهازًا مناعيًّا متطورًا، هذا ما قد يستغرق من كورديسيبس ملايين السنين قبل أن يكتشف طريقة للسيطرة على أدمغتنا وأجهزتنا العصبية.

في الواقع، يتناول البشر منذ عقود فطور الكورديسيبس إذ تعتمد الكثير من وصفات الطب الصيني عليه، ولم يتحول أي أحد إلى زومبي.

لكن بالطبع هناك أنواع من الفطور تؤثر على سلوكنا، كتلك التي تلعب دورًا رئيسيًا في إنتاج الإيتانول وهو المادة المسكرة الموجودة في البيرة، أو الفطور المهلوسة التي تؤثر على مناطق معينة في الدماغ.

إذًا لماذا علينا أن نقلق؟

بالرغم من هذه الأخبار الجيدة إلا أن الأمر لا يخلو من بعض الخوف. لحسن الحظ لن يخرج عش الغراب من رؤوسنا في الوقت القريب، لكن حذر العلماء من خطورة ارتفاع حرارة الكوكب وما يرافقه من تغير في إمراضية الفطور وظهور أمراض جديدة.

يقول دونالد فين، وهو أستاذ في الطب في جامعة McGill في مونتريال: «تكيفت الفطور مسبقًا مع الطقس الحار وانتشرت مسببةً المزيد من العدوى، في الوقت نفسه أدى التطور الطبي إلى ضعف الجسم البشري، وظهرت مقاومة الأدوية وخاصة المضادات الجرثومية والفطرية».

أظهرت دراسات حديثة أن الإصابة بالفيروسات كفيروس كوفيد-19 أو فيروس الإنفلونزا تضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى الفطرية، بما فيها الرشاشيات، وهي فطريات شائعة توجد في العفن تسبب تسرعًا في التنفس، وارتفاعًا في الحرارة، وألمًا في الصدر.

في النهاية، ما ظهر في هذا المسلسل خياليٌ إلى حد ما في وقتنا الحاضر، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة وتقدم الطب ومقاومة الأدوية الفطرية فمن غير المستبعد ظهور جائحة فطرية.

  • ترجمة: تمام حمزة
  • تدقيق علمي ولغوي: نور الحاج علي
  • المصادر: 1