روبوت من الحمض النووي يمشي على سطح الخلايا

نقل مجال الروبوتات الجزيئية الحمض النووي إلى ما هو أبعد من دوره المتمثل في إظهار الخريطة الجينية. فبالاستفادة من التقدم الكبير في التقنيات التي تتدخل بالحمض النووي -مثل كريسبر (نوع تسلسلات دنا توجد في بدائيات النوى كالبكتيريا، فيها فواصل مقتطعة من بقايا الحمض النووي للفيروسات التي سبق أن هاجمت الكائن بدائي النواة الذي يحتفظ بهذه البقايا في حمضه النووي كفواصل حتى يستخدمها لاحقًا في الكشف عن الدنا الخاص بتلك الفيروسات في هجماتها اللاحقة، ومن ثم تدميرها بمساعدة بروتين cas9)- تمكن الباحثون من إنشاء مجموعة متنوعة من الهياكل النانوية ذات الدقة المذهلة لمجموعة متنوعة من الوظائف. يمكن لهذا الأمر أن يغير الطب تمامًا عما كنا نعرفه، تخيل الآثار الجانبية الضارة للأدوية، مثل العلاج الكيميائي الذي سيُخَفف عن طريق الروبوتات الحاملة للأدوية التي تستهدف الأورام على وجه التحديد.

ورغم حدوث تطورات مثيرة كل يوم إلا أن الشيء المفقود هو روبوت جزيئي قادر على التلاعب المباشر بالأنظمة الحية كالخلية على سبيل المثال، وفق قول مجموعة من العلماء بقيادة باحثين في جامعة هونان.

قال تشو ني، الأستاذ في كلية الكيمياء والهندسة الكيميائية بجامعة هونان: «استُلهمت فكرتنا من الخطاب الشهير الذي ألقاه ريتشارد فاينمان الحائز على جائزة نوبل في عام 1959 (لا يزال هناك مساحة كافية للإبداع). فقد تصور في هذا الخطاب روبوتًا مصغرًا يمكن تصنيعه على المستوى الجزيئي والتفاعل المصطنع مع الخلايا لتعديل الوظيفة الخلوية بدقة».

لذلك قاموا ببناء روبوت بحجم الحمض النووي يمكنه المشي بشكل مستقل على سطح الخلايا مما يساعد على تعزيز هجرتها، والتحكم بها مثل راكب الفيل.

تستشعر الخلايا المحفزات الخارجية وتستجيب لها مثل الآلات الجزيئية نفسها، وتقوم بوظائف محددة، مثل الهجرة، والتكاثر، وموت الخلايا المبرمج وفقًا لذلك. كتب الباحثون في دراستهم: «إن تطوير الروبوتات للتلاعب بالخلايا من شأنه أن يحسن فهمنا للآليات التنظيمية لوظائف خلية معينة ويساعد في تطوير العلاجات القائمة على الخلايا في العلاج المتجدد أو العلاج المناعي للسرطان».

والنتيجة هي جهاز DNA متحرك يتكون من وحدتين: وحدة الساق ووحدة الطاقة تسمى DNAzyme. أوضح هونغ هوي وانج، الأستاذ في جامعة هونان والمساهم في الدراسة أن: «كل واحدة من هذه الوحدات تتكون من نيوكليوتيدات داخل خيط واحد من الحمض النووي». على عكس مشاة الحمض النووي التقليدية الأخرى التي تتحرك على طول مسارات صلبة، صُممت روبوتات الحمض النووي في الدراسة الحالية للتحرك على غشاء الخلية السائلة.

يبحث روبوت الحمض النووي عن موطئ قدم أو مستقبلات غشاء الخلية المختارة للتنقل. تبدأ الحركة من خلال تفاعل انقسام محفز بواسطة DNAzyme، والذي يحدث في وجود عامل مساعد، مثل أيون معين أو حمض أميني. قال وانغ: «يؤدي هذا الأمر إلى إطلاق قدم الروبوت وتعريض منطقة موطئ القدم لبدء هجرته إلى الموطئ التالي. يحدث هذا الأمر من خلال تفاعل الإزاحة، والذي يغذي الحركة ذاتية الدفع».

تعمل هذه الحركة خطوة بخطوة لكل موطئ قدم يقوم به الروبوت كإشارة تقرأها الخلية وتستخدمها لبدء مهمة معينة، أي تنشيط الخلايا المناعية بوساطة مستقبلات الخلايا التائية. يتوقع الفريق درجة عالية من التحكم في السلوك الخلوي نظرًا لأن هذا الأمر يعتمد على إشارة جزيئية محددة مسبقًا.

أوضح ني: «من خلال استهداف مستقبلات عامل النمو على الخلايا السلفية للأنسجة على سبيل المثال، يمكن أن تستجيب روبوتات الحمض النووي لتجميع الجزيئات الحيوية الصادرة عن الخلايا المصابة وتوجيه الخلايا السلفية للهجرة إلى المنطقة الصحيحة لأداء مهام تجديد الأنسجة، مثل تكاثر المزيد من الخلايا وتمايزها إلى نوع الخلية الصحيح». يمكن تصميم روبوت الحمض النووي وفق احتمال آخر كاستشعار الإشارات المثبطة للمناعة التي تحدث في البيئات الدقيقة للورم، وبرمجتها للقضاء على الخلايا السرطانية في المنطقة المصابة.

يخطط الفريق لمواصلة استكشاف قدرات هذه التكنولوجيا الجديدة بهدف تحسين النشاط التحفيزي للحمض النووي وبالتالي زيادة سرعة المشي للروبوت لتقصير الوقت اللازم لحث الاستجابة الخلوية، وتصميم آليات تحكم أكثر تعقيدًا.

قال وانغ: «نتصور قابلية تطبيق واسعة لروبوتات الحمض النووي الخاصة بنا لتنظيم السلوك الخلوي بدقة، مما يجعلها مرغوبة للغاية للعلاج المستند على الخلايا والطب المتجدد».

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: رؤى بستون
  • المصادر: 1