الملكة كوبابا: حارسة الحانة التي أصبحت أول امرأة حاكمة في التاريخ

الملكة كوبابا: حارسة الحانة التي أصبحت أول امرأة حاكمة في التاريخ.

قبل حوالي 4500 عامًا ارتقت امرأةٌ إلى السلطة وحكمت إحدى أكبر الحضارات في بلاد الرافدين القديمة.

ليس عجيبًا أن تذخر قائمة الملوك السومريين بأسماء مُذكّرة من أمثال ألوليمAlulim وهادانيش Hadanish وزيزي Zizi، ومع ذلك فقد أنجبت الحضارةُ الأولى المعروفة عالميًا أول امرأةٍ حاكمةٍ عُرفت باسم كوبابا (كوغ باو أو كو بابا)، والتي عملت في صناعة الجعة وبيعها في مدينة كيش Kish القديمة في بلاد الرافدين.

غالبًا ما تمحورت قصص النساء القويات عبر التاريخ حول نساء مصر، حيث حكمت سوبيك نفروSobekneferu وحتشبسوت Hatshepsut وكليوباترا Cleopatra كفراعنة فيها، ولكن قبل حوالي 2400 سنة قبل الميلاد كانت الملكة كوبابا قد سبقتهم للحكم واعتلت عرش سومر قبلهم جميعًا.

لتوضيح الأمر، كانت كوبابا ملكة حقيقية -ملكة حاكمة ارتقت للحكم بنفسها- دون الحاجة للزواج من ملك لتتوج كملكة.

تشير قائمة الملك إليها بصفتها لوغال “Lugal” أي ملكة بمثابة إله وليس Eresh وهو ما يطلق على زوجة الملك، وقد استحوذت على ذلك اللقب فهي المرأة الوحيدة التي حظيت به.

نستمد معرفتنا القليلة عنها من هذه القائمة المتضمنة لسجل الحكام والتي طمست في كثير من الأحيان الخط الفاصل ما بين التاريخ والأسطورة، على سبيل المثال يُزعم أن الملك إين مين لو أنا Enmen-lu-ana قد حكم سومر ل 43200 عامًا، لذا فإن عهد الملكة كوبابا مرجح أكثر، مع ذلك ما زال هناك 100 سنة غير مرجحة منسوبة إليها في حكم سومر.

تراث كوبابا:

لقبها أطول من معظم الألقاب، مما يعني أن الكتاب القدماء قد وجدوها جديرة بالملاحظة بشكل خاص، يقرأ بجانب اسمها “حارسة الحانة التي رسخت أسس كيش”.

في التقاليد السومرية لا ترتبط الملكية بعاصمة دائمة وإنما تنتقل من مكان لآخر، حيث تمنحها الآلهة لمدينة واحدة بعينها ثم تنتقل تبعاً لرغبتها إلى مكان آخر بعد عدة أجيال.

قبل كوبابا استقرت الملكية في ماري لأكثر من قرن خلال عهد العضو الوحيد في سلالة كيش الثالثة، أما بعدها فقد انتقلت إلى أكشاك، ولكن كيش عادت إلى الصدارة مرة أخرى خلال حكم ابن كوبابا Puzer-Suen وحفيده Ur-Zababa الذين كانا أول حاكمين في السلالة الرابعة والأخيرة للمدينة (ومع ذلك، لا يرد ذكر سلالة أكشاك المتداخلة بين كوبابا وذريتها في بعض إصدارات قائمة الملك).

كيف ارتقت كوبابا للسلطة:

يزعم أحد المصادر بشكل غامض أن كوبابا “استولت” على العرش ونجد سردًا أكثر تفصيلاً في كيفية صعودها للسلطة في سجلات ويدنر Weidner التي لا تعتبر صحيحة تاريخيًا بقدر ما تمثله كقطعة واضحة من الدعاية كما ورد على لسان عالم آثار كندي يدعى ألبرت كيرك جرايسون Albert Kirk Grayson، حيث كتب أن “الهدف الأسمى من الرواية يكمن في توضيح مصير الحكام الذين تجاهلوا أو أهانوا الإله مردوخ Marduk والذين أخفقوا في تقديم قرابين الأسماك لمعبد إزجيل Esagil فقد انتهى بهم المطاف لمصير بائس.”.

وفقًا للنص، تطعم كوبابا صياد سمك وتقنعه بتقديم صيده إلى Esagila، لم يكن رد الإله مردوخ مفاجئًا بقوله “ليكن الأمر كذلك” وبذلك أولى إلى كوبابا “صانعة الجعة” سيادة العالم بأسره، كما أن مغامرتها هذه لم تكلفها سوى رغيف خبز وماء، وقد صادف أن الخبز والماء (مكونات الجعة السومرية) كانت أساس حياتها قبل تولي العرش.

من المغري تخيل كيف أن كوبابا قد تحولت من خادمة متواضعة إلى ملكة نبيلة مجسدة بذلك حكايات انقلاب الفقر إلى ثراء، علمًا أن العاملات في الحانة كن نسوةً رائدات ومحترمات بشدة، حتى أنهن شغلن مناصب ضمن طبقة النبلاء في بعض الأحيان.

بالنظر إلى مكانة الجعة بين السومريين كهدية من الآلهة واعتزازهم بها، فمن الأدق وصف كوبابا كسيدة أعمال ناجحة مرتبطة بالآلهة.

  • ترجمة: صبا ورده
  • تدقيق علمي ولغوي: قيس شعبية
  • المصادر: 1