هل نحتاج فعلاً إلى مزيدٍ من النوم في الشتاء؟

نشرت شركة بنترست بأنّه قد يكون لدى البشر احتياجات نومٍ مختلفةٍ اعتمادًا على الموسم الذي يعيشونه، كما أشارت الأبحاث.

  • إنّ النوم جزءٌ أساسيٌّ للصحّة الجيّدة، والنوم السليم يعزّز وظائف الجسم الصحيّة ويسرّع الشفاء.
  • وجدت دراسةٌ حديثةٌ أنّ الناس يعانون المزيد من نوم “حركة العين السريعة” (REM) خلال فصل الشتاء، وهو عنصرٌ حيويٌّ في دورة النوم الطبيعيّة.
  • ولكن، هناك حاجةٌ إلى بياناتٍ أكثر لتأكيد نتائج هذه الدراسة لدى عموم السكّان.
  • ومع ذلك، يمكن للناس اتّخاذ خطواتٍ لتعزيز النوم الجيّد خلال أشهر الشتاء، وهو الوقت الأكثر مُلاءَمةً.

كلّ شخصٍ يحتاج إلى النوم، ولكن الاحتياجات يمكن أن تختلف من شخصٍ إلى آخر، ولا يزال الباحثون يعملون على فهم العوامل التي تؤثر على احتياجات النوم ومعرفة أفضل طريقةٍ للاستجابة.

بحثت دراسةٌ حديثةٌ في كيفيّة تغيّر أنماط النوم تبعًا لكل فصل، ووجد الباحثون أنّ الناس لديهم مستوياتٌ أعلى من نوم “حركة العين السريعة” (REM) خلال أشهر الشتاء.

وللحصول على كميّةٍ مناسبةٍ من نوم “حركة العين السريعة” (REM)، قد يحتاج بعض الأشخاص أن يكونوا أكثر وعيًا بممارسات نومهم خلال أشهر الشتاء.

“نُشِرت الدراسة في Frontiers in Neuroscience”

أهميّة نوم حركة العين السريعة (REM)

يؤثّر النوم على جوانبَ متعدّدةٍ من الحياة، بما فيها الصحّة الجسديّة والعاطفيّة والعقليّة، فمدّة النوم ونوعيّته تؤثّران على عمليّات الجسم مثل الأيض (وهو عملية تحويل الغذاء إلى طاقة)، وصحّة القلب، وتكوين الذاكرة، وعملِ المناعة.

يمرّ الناس بمراحل مختلفةٍ من النوم، وكلّها مكوّناتٌ أساسيّةٌ للنوم الجيّد في الليل.

أحد أجزاء النوم هو نوم “حركة العين السريعة” (REM)، وأثناء نوم حركة العين السريعة، يكون الدماغ أكثر نشاطًا، ويجعل الناس قادرين على رؤية الأحلام.

كما ويساعد نوم حركة العين السريعة على تنظيم المزاج، وفي تكوين الذاكرة والتركيز وفي الوظيفة المناعية.

فكما تشير بيانات هذه الدراسة الحديثة، قد يمرّ الناس بالمزيد من نوم حركة العين السريعة خلال أوقاتٍ معيّنةٍ من السنة.

< <حركة العين السريعة تزداد عند النوم في فصل الشتاء> >.

بحثت هذه الدراسة الخاصّة في تغيّرات النوم الموسميّة.

فقد حلّل الباحثون نوم المشاركين على مدار العام، وكان المشاركون يعانون بالفعل من اضطراباتٍ معيّنةٍ خلال النوم مثل الأرق واضطرابات التنفّس.

وشملت الدراسة 188 مشاركًا في التحليل، استخدم الباحثون فيها تقنيّةً تسمّى polysomnography لمراقبة المشاركين أثناء النوم.

وشجّع الباحثون المشاركين على اتّباع تفضيلات النوم النموذجيّة عندما يذهبون إلى الفراش، ولم يُسمح للمشاركين باستخدام ساعات الإنذار.

استبعد الباحثون المشاركين بناءً على بعض المعايير الرئيسة، بما في ذلك استخدام الأدوية التي تتداخل مع النوم.

وأوضح مؤلّف الدراسة “ديتر كونز” نتائج الدراسة الرئيسة ل “ميديكال نيوز توداي”: “تبيّن دراستنا أنّ بنية النوم البشريّ تختلف اختلافًا كبيرًا عبر المواسم لدى البالغين القاطنين في بيئةٍ حضريّة، لقد استخدمنا تخطيط النوم لتسجيل مراحل النوم، على مدار عامٍ كاملٍ، لدى عددٍ كبيرٍ من السكان الذين يعانون من اضطرابات النوم العصبيّة والنفسيّة”.

وبيّنَ “كونز” أنّهم توصّلوا إلى ثلاث نتائج مثيرةٍ للاهتمام:

  • ينام الناس في المتوسّط بمقدار ساعةٍ واحدةٍ إضافيّةٍ في فصل الشتاء مقارنةً بالصيف.
  • مرّوا بحوالي 30 دقيقةٍ ذات نوم حركة العين السريعة (REM) إضافيّةٍ خلال النوم في فصل الشتاء عن النوم في الربيع.
  • كان نومهم لمدّة 40 دقيقةٍ أقلّ عمقًا في الخريف عن بقيّة أيّام السنة.

ولاحظ الباحثون أنّ فارق النوم بمعدّل ساعةٍ واحدةٍ بين أشهر الشتاء والصيف كان طفيفًا، فيما كان أحد محاور تركيزهم الرئيسة هو الاختلافات في نوم “حركة العين السريعة” استنادًا إلى الموسم.

وقد مرّ المشاركون بفترةٍ أطول من نوم “حركة العين السريعة” خلال أشهر الشتاء، وتشير نتائج الدراسة إلى أن الناس لديهم حاجةٌ متزايدةٌ للنوم في فصل الشتاء.

حدود الدراسة

كانت الدراسة محاطةً بالعديد من القيود، فقد اقتصر البحث على مجموعةٍ فرعيّةٍ محدّدةٍ من السكّان الذين كانوا يعانون بالفعل من اضطرابات النوم. وكان لدى المشاركين ظروفٌ مختلفةٌ، وكانوا يتناولون أدويةً مختلفةً من شأنها أن تؤثّر على النتائج.

ولربما تحتاج الدراسات المستقبليّة إلى تضمين مشاركين من عموم السكان، وقد تشمل أيضًا أحجام عيّناتٍ أكبر وأكثر تنوعًا.

قال كونز: “إنّ تعميم النتائج في هذه المجموعة من المرضى على الأشخاص الأصحّاء أمرٌ مغرٍ، ولكنّه سابقٌ لأوانه إذ يجب تكرار هذه الدراسة على مجموعةٍ كبيرةٍ من الأشخاص الأصحّاء”.

هناك حاجةٌ أيضًا إلى المزيدِ من البحث حتى تكون هناك تحوّلاتٌ حقيقيّةٌ في التوصيات السريريّة.

كما أشارالدكتور “فيليب ليندمان” -خبير النوم الذي لم يشارك في الدراسة- إلى أنّ “الدراسة وصفيّةٌ وليست معياريّة”. كما أضاف أنّ الدراسة لا تخبرنا بأيّ شيءٍ عن عدد الساعات المثالية التي يجب أن ينامها الناس على مدار العام، وإنّما تخبرنا فقط بعدد الساعات التي ينامها الناس على مدار العام.

ويمكن للمزيد من الأبحاث أيضًا دراسة كيفيّة ارتباط الاختلافات المرصودة بالتغيّرات الموسميّة مثل درجة الحرارة وأشعّة الشمس، وإذا دعمت المزيد من البيانات هذه النتائج، فقد يؤدّي ذلك إلى تغيرات مجتمعية.

يقول كونز: “تحتاج المجتمعات بصورةٍ عامّةٍ إلى ضبط عادات النوم، بما في ذلك الطول والتوقيت حسب الموسم، أو ضبط جداول المدرسة والعمل وفقًا لاحتياجات النوم الموسميّة”.

كيفيّة الحصول على نومٍ أفضل في فصل الشتاء

بغضّ النظر عن اضطرابات النوم الحاليّة أو الوقت الذي يمرّ على الناس من العام، فإنّه من الممكن لهم أن يتّخذوا خطواتٍ لتحسين عادات نومهم ونوعيّته، ويمكن للأشخاص الذين يبذلون جهودهم للحفاظ على عادات النوم الإيجابيّة العمل مع أطبّائهم وغيرهم من المتخصّصين لتحديد تغييرات نمط الحياة وتشخيص أيّ حالة.

قدّمت إيزابيلا جوردون -مدرّبة علوم النوم المعتمدة والمؤسِّسة المشاركة في جمعية النوم- والتي لم تشارك أيضًا في الدراسة، الاقتراحات التالية لتحسين النوم: “من أجل تحسين النوم خلال أشهر الشتاء، أقترح محاولة الحفاظ على جدول نومٍ ثابتٍ، وتجنّب الكافيين في الأوقات المتأخّرة من اليوم (خصوصًا بعد الساعة 2 مساءً)، والحدّ من تناول الكحول والنيكوتين، كما يمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام في تحسين نوعيّة نومك، لذلك من المهمّ تخصيص وقتٍ للنشاط البدنيّ خلال اليوم، وحاول أن تبقي غرفة نومك مظلمةً ومعتدلة الحرارة وممتعةً، فهذا سيساعدك في الحصول على راحةٍ أفضل في الليل”.

وقالت جوردون: “بالنسبة للأشخاص، وخاصّةً أولئك الذين يعانون من الأرق، من المهمّ إجراء تعديلاتٍ على نمط الحياة لمعالجة التغيّرات الموسمية”.

و قدّم الدكتور ليندمان النصيحة التالية: “بغضّ النظر عن الموسم، اذهب إلى الفراش في نفس الساعة كلّ ليلةٍ، وتجنَّب شرب الكافيين والكحول بشكلٍ مفرط، ولا تنظر أبدًا إلى أيّ شاشةٍ (محمولةٍ باليد أو غيرها) بعد وقت النوم”.

  • ترجمة: هبة الزبيبي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1