إحدى عشرة سمةً للأشخاص المنضبطين تقودهم نحو النّجاح
ليس عليك أن تكون متقشّفاً، أو تحلق شعرك، أو تنعزل بنفسك حتّى تحقّق أهدافك.
ما يتطلّبه تحقيق الأهداف حقّاً هو الالتزام!
كثيرٌ من النّاس يحلمون أن يكونوا مدراءَ تنفيذيين لشركةٍ ما، أو يتمنّون لو كان بإمكانهم أن يصبحوا عدّائين مثلاً، ولكنّك تجدهم في معظم الأحيانِ متأخرين عن عملهم أو لا يقومون بالتمارين اللازمة، لأنّهم ليسوا ملتزمين بالقدر الكافي، بعكس الأشخاص المنضبطين الذين يصلون إلى ما يسعون إليه.
لا يولد الأشخاص المنضبطون بشكلٍ مختلف، أو بقدراتٍ مميّزة، وإنّما يصبّون تركيزهم على أمورٍ معيّنةٍ فحسب، وها هي بعض تلك الأمور التي يقوم بها أولئك الأشخاص:
1. يبنون أنظمتهم الخاصّة:
“يملك النّاجحون والفاشلون نفس الأهداف”، أي أنَّ امتلاك أهدافٍ واضحةٍ فقط لا يكفي، وإنّما يجب دعم الأفكار بأفعالٍ منتظمة لتصبح عادات متكرّرة، فكل هدف يحتاج إلى مجموعة خطوات ليتحقّق، على سبيل المثال (المؤلّف الشّهير “Stephen king” الّذي نشر أكثر من 60 رواية في حياته المهنيّة حتّى الآن)، حسنًا ما السّر وراء نجاحه ؟
ستيفن وضع نظاماً لنفسه أن يكتب 2000 كلمةً أو ما يُعادِل ستّة صفحات يوميّاً لا أكثر ولا أقل، وهذا الالتزام والاستمرار مكّناهُ من نشر العديد والعديد من الرّوايات.
2. لا يعتمدون على التّحفيز:
من الصّعب أن تحثَّ نفسك على التّمرين بينما تفضّل النّوم لخمسِ دقائقَ أخرى (أو نصف ساعة)، الجميع يمر بهذا الشّعور حتّى الرّياضيّون.
لكن كما ذكر البطل الأولومبي المقلّد بالميداليّة الذّهبيّة 23 مرّة “Michael Phelps” في مقابلةٍ معه: “إنَّ ما تفعله في هذه اللّحظات هو ما يساعدك على المضيِّ قُدُماً”. أيّ أنَّ ما يفعله الأشخاص المنضبطون زيادةً عن غيرهم باختصار هو ظهورهم في الأوقات الّتي يتكاسل فيها غيرهم عن ذلك سواءً في العملِ أو التدريب، فقط لأنّهم لا يشعرون برغبةٍ لفعله.
حالما يبنون عاداتهم يعلمون أنَّ التّوقّف قبل الوصول للهدف سوف يقضي على زخم استمراريّتهم، فيفعلون ما عليهم فعله سواء تواجد التّحفيز أم لا.
3. يضعون أهدافاً واضحة:
فمثلاً بالنّسبة لشخصٍ منضبطِ من غير الكافي أن يقول: “أريد أن أخسر بعض الوزن”، فهي عبارةٌ عامّةٌ جدّاً، بل يستخدم كلامه بشكل مدروس ليساعده ذلك على رؤية هدفه بدقّة.
فبدلاً من قول: “أريد أن أخسر بعض الوزن”، قد يقول: “بحلول الشّهر الأخير من هذا العام سأزن x كيلوغراماً، أو سأخسر x كيلوغراماً كلّ شهر لأصل إلى هدفي y كيلوغراماً بحلول شهر ديسمبر من هذا العام”.
تُدعى هذه التّقنيّة بالS. M.A.R.T goals، اختصاراً ل (أهدافٌ مُحدّدة، مُقاسة، ممكنة، واقعيّة، ولها وقت محدّد للتّنفيذ).
ذلك يُعطي رؤيةً واضحة للهدف المرجوّ، فيحسّن قدرتك على أداء مهمّاتك.
وقد أُجريَت دراسة في جامعة فلوريدا من قِبَل (K. Blain lawer) و (Martin J. Hornyak)، أفادت أنَّ مستخدمي نظام S. M.A.R.T goals يتفوّقون بأغلب الأحيان على غيرهم في تحقيق الأهدف.
4. يحافظون على تركيزهم:
عندما تفقد تركيزك فيما تفعله سوف تتشتّت بأيِّ شيء!
من السّهل أن يتشتّت المرء في أيّامنا هذه، فنحن محاطون بمحتوى مثيرٍ للاهتمام، وبشكلٍ عام كلّما زاد تشتّتك هنا وهناك، قلَّ تطوّرك وتقدمك.
إنّ إمكانيّاتنا على التّركيز تشبه العضلة، والأشخاص المنضبطون يقومون بتقوية هذه العضلة بإدراكهم ووعيهم لتصرّفاتهم وأفعالهم الحاليّة وتركيزهم عليها فقط، مما يوصل هؤلاء الأشخاص -سواءً كانوا رياضيّين أو فنّانين أو غيرهم- إلى حالةٍ تُعرَف ب “التَّدفّق”، حيث يجري الوقت بينما تعمل عقولهم وأجسادهم التي تكون مبرمجةً على ذلك تلقائيّاً، فيصلون إلى ذروة أدائهم.
إنّ الانحراف في التركيز يشكّل خطراً على حالة “التّدفّق”، الأمر الّذي يقضي على الزخم والتقّدم، ويجب على الدّماغ عندها أن يعيد بناء الحالة من الصّفر ببطء، ممّا يستهلك الكثير من الطّاقة والجّهد، لذلك يقومون بإبعاد مصادر الإلهاء بقدر ما يستطيعون.
5. واسعي الحيلة:
من الوارد أن تمطر في الوقت الّذي تخطّط فيه للجري خارجاً، أو أن لا يكفَّ كلب الجيران عن النّباح بينما تودُّ أن تدرس بهدوء، الأشخاص العاديّون قد يؤجّلون مخطّطاتهم ببساطة إلى وقتٍ آخر مع إلقاء اللّوم على الظّروف المحيطة، لكنَّ الأشخاصَ المنضبطين يتحمّلون كامل المسؤوليّة عند مواجهةِ عائقٍ ما، ويجدون طرقاً بديلةً ليتخطّوا هذه العوائق، أي أنّهم يُسيّرون الظّروف المحيطة لصالحهم بدلاً من لومها على النحوِ التالي:
- الجوُّ ماطرٌ؟ لِمَ لا نتمرّن في المنزل!
- يوجد ضجّةٌ في الخارج؟ لِمَ لا نجد غرفةً أخرى أكثر هدوءاً.
أي أنّه دائماً يوجد حلٌّ لديهم!
6. يضعون مواعيد نهائيّةً وهميّة:
من الصّعب أن تحثّ نفسك على القيام بشيءٍ ليس بعاجلٍ، ببساطة يَسهُلُ تأجيله لليوم التّالي أو الّذي يليه، لكن إذا تمّ تقديم امتحاناتك للأسبوع المقبل بدلاً من الشّهر المقبل فسوف تلجأ الى بئرٍ من الطّاقة لم تكن تدري بوجوده أصلاً.
ينصّ قانون باركنسون على: “العمل يمتدّ ليملأ الوقت المتاح له لينتهي فيه”، فإذا أعطيت لنفسك ثلاث ساعاتٍ للانتهاءِ من مهمّةٍ ما، فعلى الأرجح أنّك ستنهيها بثلاث ساعاتٍ تماماً.
ما يفعله المنضبطون هو أنّهم يستفيدون من تأثير المواعيد النّهائيّة الزّائفة ليؤدّوا الأعمال المطلوبة بشكلٍ كامل قبل أن يصلوا للوقت النّهائي الفعلي.
7. لايقاومون الإغراءات، بل يزيلونها كلّيّاً:
تلك الإشعارات الحمراء الصّغيرة على تطبيقات جوّالك تهدد إنتاجيّتك، تناديك وتقنعك بالضغط عليها.
إنّ محاولة مقاومة هذه الإغراءات هي معركةٌ خاسرة، لأنّ مصممي هذه التّطبيقات أمضوا الكثير من الوقت في دراسة كيفيّة إغرائك وإقناعك باستخدام تطبيقاتهم ومنتجاتهم.
ما هي أفضل وسيلةٍ للتغلّب عليها إذًا؟ حسنًا، إزالتها من الأساس هو أفضل حل، قد يبدو ذلك شاقّاً للوهلة الأولى، لكن سرعان ما ستلاحظ أنّه بإمكانك دوماً تحميل التّطبيقات مرّةً أخرى.
ليس عليك أن تعتمد على قدرة تحمّلك طوال الوقت لتجنّب هذه العقبات، المنضبطون يبنون مقاومتهم للإغراءات بصرفها عن نظرهم من الأساس، ما يمكّنهم من التّركيز على ما يجب فعله والّذي غالباً ما يكون أكثر أهمّيّةً من تفقّد الجوّال كلّ بضع دقائق.
8. ينجزون القسم الصّعب أوّلاً:
من المثير للسخرية أنّ أكثر الأشياء أهمّيّةً والّتي نعلم أنّه علينا فعلها هي نفسها الأشياء الّتي نؤجّلها باستمرار.
نعلم أنّه علينا ممارسة الرّياضة، ولكن ماذا بعد! شيءٌ ما بطريقةٍ ما يستمرّ بمنعنا عن التمرين دائماً.
لذا من الأفضل القيام بهذه الأشياء باكراً بينما لايزال بمقدورك ذلك.
لهذا السّبب تجد أشخاصاً يمارسون رياضتهم صباحاً وينهونها قبل أن ينشغلوا عنها، ويكملو ما تبقّى من يومهم أحرارًا من همّ التّمرين المؤجّل.
إذ أنّه بتأجيل التّمرين (للمساء مثلاً) يزداد احتمال الانشغال عنه وتأجيله ليومٍ آخر.
المنضبطون يرتّبون أولويّاتهم جيّداً ويدركون احتمال انشغالهم بشكلٍ مفاجئ خلال يومهم، لذا لا يؤجّلون فعل شيءٍ هام دون سببٍ وجيه.
9. يتجنّبون الحلول السريعة:
بعد خمسةِ أيّامٍ من بدء حميةٍ جديدة قد تفكّر في نفسك “ربّما قطعة حلوى واحدة لن تضرّني في شيء”، بعدها تصبح القطعة قطعتان، وهكذا تجدُ نفسك قد عدت لعاداتك القديمة.
المنضبط لا يخاطر بتناول هذه القطعة الّتي قد تكون فعليّاً غير مؤثّرة على الحمية لكنّها حتماً سوف تؤثّر على قوّة إرادتك.
المنضبطون يؤجّلون المتعة الآنيّة القصيرة في سبيل الإنجاز الأكبر طويل الأمد.
و كأيّ مهارةٍ، فإنّ تأجيل المتعة والإرضاء الذاتي قصير الأمد يتطلّب وقتاً وصبراً وممارسة، كالعضلة الّتي تزداد قوّةً مع كلّ كلمة “لا” تقولها لدعوةٍ من أصدقائك للشرب أو تناول الحلوى وغير ذلك.
10. صريحون مع أنفسهم:
لفهم التزام المنضبطين عليك أن تفهم سبب التزامهم هذا من الأساس، وما الدّافع وراءه.
عندما يصبح من الصّعب الالتزام بالمخططات فإنّ صراحة المرء مع نفسه تساعده على تخطّي هذه الأوقات الصعبة.
فالسّيّارات الفارهة والجوّالات الذّكيّة الحديثة تصبح أقلّ جذباً وأهمّيّةً عندما تعود لرغبتك في بناء أساسٍ ماليٍّ متين لنفسك ولعائلتك، وحده الانضباط ما سيمكّنك من ذلك.
تلك الرّغبة العميقة داخلك هي الّتي تحفّزك وتساعدك لتجد القوّة المطلوبة لتضحّي بالمتعة الآنيّة القصيرة في سبيل تحقيق الأهداف الحقيقيّة الأكبر.
11. أفعالهم موجّهةٌ وهادفة:
المنضبطون يدركون أنّ الوسيلة الوحيدة لتحقيق الأهداف والطّموحات هي بالعمل عليها، فلن يمكّنهم أيّ قدرٍ من التّفكير فقط، من اجتياز امتحاناتهم النّهائيّة.
ليس من الضّروريّ أن تكون الإجراءات والأفعال المتّخذة كبيرةً وصعبة، يمكن أن تكون بسيطةً مثل تنظيم ملاحظاتٍ لمحاضرةٍ واحدة.
تقسيم المشاريع الكبيرة لمهمّاتٍ صغيرة يجعلها أقلّ مشقّة، وبالتّالي أكثر قابليّة للتنفيذ، وعندما تؤدّي كلّاً من هذه المهمّات الصّغيرة ستكون بمثابة انتصاراتٍ صغيرةٍ لك تحفّزك وتدفعك على المضيّ قُدُمَاً في طريق تحقيق الهدف النّهائيّ الأكبر.
- ترجمة: عُديّ حسن
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1