هل يمكنك التلاعب بعقلك لوقف النهم أو الرغبة الشديدة في تناول الطعام؟

تشير أبحاث جديدة أُجريت على أدمغة الفئران إلى أنه من الممكن «إيقاف تشغيل» الرغبة في تناول طعام معين.

النقاط الرئيسية

  • يمكن وصف النهم أو اشتهاء تناول الطعام على أنه رغبة قوية في تناول نوع معين من الطعام، ويمكن أن تبدو هذه الرغبة غير قابلة للسيطرة في بعض الأحيان.
  • تشير الأبحاث الجديدة إلى إمكانية «إلغاء تفعيل» الشعور بالمتعة الذي نشعر به أثناء تناول بعض الأطعمة، مما قد يقلل من الرغبة الشديدة. وقد يكون هذا ابتكارًا ثوريًا جديدًا في مجال علاج اضطرابات الأكل.

من أين تأتي الرغبة الشديدة في الطعام؟

نقلًا عن موقع Science Daily: «يشعر جميعنا بالجوع (فتناول أي شيء يفي بالغرض)، ولكن ما يميز الرغبة الشديدة في الطعام عن الجوع هو مدى ارتباطها بنوع معين من الطعام. فعندما يشتهي الناس طعامًا معينًا، يتخيلون صور حية لذلك الطعام. وقد أظهرت نتائج إحدى الدراسات إن قوة رغبة المشتركين كانت مرتبطة بمدى وضوح تخيلهم لتلك الأطعمة».

هل يمكنك إدارة النهم في تناول بعض الأطعمة (أو تجنبه تمامًا)؟

تشير الأبحاث الحديثة إلى إمكانية «إلغاء تفعيل» الشعور بالمتعة الذي نشعر به أثناء تناول بعض الأطعمة، مما يؤدي للحد من الرغبة الشديدة في تناولها.

إذ يمكن وصف النهم بأنه رغبة قوية في تناول نوع معين من الطعام، ويمكن أن تبدو هذه الرغبة غير قابلة للسيطرة في بعض الأحيان. والشخص الذي يعاني من هذه الرغبة يشعر بعدم الرضا حتى يتناول ذلك الطعام المعين ويتذوقه.

إن الرغبة في تناول الطعام تنشأ من مناطق في الدماغ مسؤولة عن الذاكرة والسعادة والمكافأة. ويمكن أن يتسبب اختلال الهرمونات بزيادة الرغبة في تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون مشاعرك مشاركة في إثارة تلك الرغبة، خاصةً إذا وجدت نفسك تتناول الطعام لأسباب تتعلق بالراحة. إذ يمكن أن يتحول تناول الأكل لأسباب عاطفيةبسرعة إلى عادة سيئة، ويحدث ذلك عادةً عندما يتناول الشخص الطعام لكبح أو تخفيف المشاعر السلبية.

من المعروف إن الطعام يوفر لنا الراحة، لذا تعويض العاطفة السلبية (مثل الوحدة) بعاطفة إيجابية (مثل الفرح بتناول قطعة من كعكة الشوكولاتة) يبدو فكرة جيدة. إذ عندما تشعر بالسعادة، يمتلئ دماغك بالدوبامين، مما يزيد من الدافع للاستمرار في فعل ذلك الشيء (الأكل) الذي يجعلك تشعر بالسعادة.

وبمرور الوقت، يمكن أن يصبح من الصعب حقًا التمييز بين الجوع الطبيعي والجوع العاطفي.

يتطور الجوع الطبيعي ببطء مع مرور الوقت، وسوف ترغب في تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة. ستشعر بالشبع (عندما تأكل ما يكفي) وستعتبر ذلك إشارة للتوقف عن تناول الطعام.

على النقيض، يأتي الجوع العاطفي بشكل مفاجئ للغاية وعادةً ما يتعلق بنوع معين من الطعام الذي يجعلك تشعر بالسعادة أثناء تناوله. قد تتناول كميات كبيرة من الطعام دون أن تدرك الإحساس بالشبع، مما يؤدي إلى مشاعر الخجل والذنب.

إن الرغبة الشديدة في الأكل يمكن أن تصبح عائقًا رئيسيًا في الحفاظ على وزن صحي ونظام غذائي. ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة أخرى «لإيقاف» الرغبة الشديدة؟

لقد أظهرت أبحاث جديدة (أجريت على الفئران) إن رغبة الدماغ الأساسية في المذاق الحلو (وكراهية بديله المر) يمكن «محوها» عن طريق التلاعب بالخلايا العصبية في اللوزة الدماغية.

إذ تشير هذه الدراسة التي أجريت في عام 2017 إلى أن نظام التذوق المعقد في الدماغ (الذي ينتج مجموعة من الأفكار والذكريات والعواطف عند تذوق الطعام) يتألف في الواقع من وحدات منفصلة يمكن فصلها، أو تعديلها، أو حتى إزالتها بشكل فردي.

لقد ركّز العلماء في هذه التجربة على المذاقات الحلوة والمرة وعلى اللوزة الدماغية (الأميغدالا)، إذ يُعرف هذا الجزء في الدماغ بأنه مسؤول عن اتخاذ قرارات هامة حول المعلومات الحسية. وكان البحث السابققد أظهر أن اللوزة الدماغية تتصل بشكل مباشر بالقشرة الذوقية.

أجرى الباحثون العديد من الاختبارات التي تغيرت فيها اتصالات المذاقات الحلوة أو المرة مع اللوزة الدماغية بشكل مصطنع، مثل النقر على مجموعة من المفاتيح للتحكم بالضوء.

وعندما توقفت اتصالات المذاق الحلو، استجابت الفئران للماء بالطريقة نفسها لاستجابتها للسكر. ومن خلال التلاعب بهذه الاتصالات، نجح الباحثون في تغيير الجودة المتصورة للمذاق.

على النقيض، عند إيقاف هذه الاتصالات وإبقاء القشرة الذوقية دون تغيير، كانت فئران التجارب لا تزال قادرة على التعرف على المذاق الحلو والمر والتمييز بينهما، ولكنها افتقرت إلى التفاعلات العاطفية الأساسية تجاه كل مذاق.

شرح الدكتور لي وانغ، الحاصل على درجة الدكتوراه وباحث ما بعد الدكتوراه والمؤلف الأول للبحث، لموقع Science Daily: «سيكون الأمر مشابهًا بتناول لقمة من كعكة الشوكولاتة المفضلة لديك ولكن دون الاستمتاع بالقيام بذلك. وبعد بضع لقمات، قد تتوقف عن تناولها، في حين أنك كنت ستلتهمها بخلاف ذلك».

يعد هذا بحث استثنائي للغاية، إذ عادةً ما تكون هوية الطعام والمتعة التي نحصل عليها من تناوله متداخلين. بينما تثبت هذه الدراسة أنهما عناصران منفصلان يمكن عزلهما عن بعضهما البعض ومن ثم التلاعب بهما بشكل منفصل.

قد يكون هذا البحث رائدًا في تقدّم علاجات بعض اضطرابات تناول الطعام.

  • ترجمة: ريم حلمي
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1