ما هو أبرد مكان في الكون؟

إذا درست مادة الفيزياء، فمن المرجح أن تكون تعلمت مفهوم الصفر المطلق: وهو الحد النظري للبرودة التي يمكن أن يصل إليها أي جسم على الإطلاق. يقاس الصفر المطلق بالكيلفن «K»، وهو مقياس مختلف عن فهرنهايت ومئوية التي عادة ما تستخدمها معظم موازين الحرارة في منازلنا وأجهزتنا الطبية.

وعلى الرغم من أننا لم نتمكن من رصد جسم تصل حرارته إلى الصفر المطلق، فقد اقتربنا إلى حد كبير من درجات حرارة منخفضة إلى هذه الدرجة، سواء هنا على كوكب الأرض أو في أبعد المناطق والطبقات الخارجية لمجرتنا.

لطالما أُعجِب العلماء بهذه المناطق الباردة في الكون، بما في ذلك سديم البوميرانغ Boomerang Nebula. وهو سديم كوكبي حديث، سُمّي أول مرة على أنه أبرد مكان في الكون عام 1995، وبرهن هذا الاكتشاف في عام 2013.

إذا كنت تشعر بالفضول حيال أبرد الأماكن الموجودة، دعنا نتحدث عن درجات الحرارة المتطرفة، من كوكبنا إلى النظام الشمسي، وإلى أقصى حدود الكون المرئي.

أبرد مكان على كوكب الأرض

إن سألتك أن تخمن أبرد مكان على كوكبنا، فربما تفكر في مكان مثل القطبين الشمالي والجنوبي. ولكن أبرد حرارة سجلت على الأرض كانت في مختبر في إيطاليا. إذ اخترع الباحثون الذين يدرسون الجسيمات دون الذرية جهازًا يسمى حافظة البرودة -cryostat- والتي يمكنها خلق درجات حرارة باردة للغاية: إذ جعلت حرارة مكعب نحاسي يزن 400 كيلوغرام 6 ميللي كيلفن في عام 2014، وهذا يعادل جزءًا من ستة آلاف درجة فوق الصفر المطلق (0 درجة كيلفن).

وبالنظر إلى الأماكن الموجودة على الأرض التي تكون باردة بنحو طبيعي، فأنت على حق: لقد سُجِّلت أخفض درجة حرارة على الأرض في قبة فوجي، في القطب الجنوبي عام 2010. وأكدت العديد من مؤسسات البحوث القراءة الباردة القارسة بقياس درجة حرارة تبلغ نحو -199.8 درجة فهرنهايت (نحو -144 درجة مئوية)، التي تعد باردة للغاية، ولكنها لا تقارن بالصفر المطلق.

أبرد مكان في النظام الشمسي:

هناك بعض النقاط الباردة جدًا على سطح القمر تستحق النظر فيها أيضًا. عام 2009، وجد مسبار استطلاع القمر التابع لناسا، مجموعة من الحفر قرب القطب الجنوبي للقمر دائمًا في الظلام؛ بلغت درجات الحرارة فيها نحو 33 كلفن (-400 درجة فهرنهايت)، أبرد حتى من أية درجة حرارة على كوكب نبتون البعيد.

أما من بين الكواكب، فإن أبرد مكان سجل فعليًا هو كوكب أورانوس: إذ سجلت درجات حرارة تصل إلى 49 درجة كلفن (-371 درجة فهرنهايت) على هذا الكوكب العملاق الجليدي العاصف.

أبرد مكان في الكون

لقد وجدنا بالتأكيد بعض الأماكن الباردة قرب كوكبنا -بالنسبة للكون على الأقل- ولكن عند العودة إلى السؤال الأصلي، فهناك أماكن أبرد في الكون بكثير.

أكد الباحثون مؤخرًا أن سديم البوميرانغ، الذي يقع على بعد 5000 سنة ضوئية من الأرض في كوكبة قنطورس Centaurus، هو أبرد مكان رصد في الكون الطبيعي. قاس الباحثون درجات حرارة في سديم البوميرانغ تصل إلى درجة حرارة كلفن واحدة (-457.9 درجة فهرنهايت)، وفقًا لناسا. الجزء من الكون الذي يحتوي على سديم البوميرانغ أبرد من درجة الحرارة المتوسطة لكل ما رأينا وقسنا.

اكتشف عالما الفلك كيث تايلور ومايك سكاروت سديم البومرانج وأطلقا عليه اسمه عام 1980 بعد مشاهدتهما له من خلال تلسكوب أرضي كبير في أستراليا. وبالرغم من عدم قدرتهما على رؤية التفاصيل التي يمكن أن يكشف عنها تيليسكوب هابل الفضائي فقط، فقد شاهدا «عدم تناظر طفيف في فصوص السديم يشير إلى شكل منحنٍ مثل البومرانج».

لماذا سديم البوميرانغ بارد جدًّا؟

ما يجعل سديم البومرانج باردًا جدًا له علاقة بما يحدث داخل نواته، على الرغم من عدم وضوح ذلك كليًا لعلماء الفلك. في البداية، كان من المفترض أن يكون سديم البومرانج موطنًا لنجم عملاق أحمر يموت ويطرح غازًا بسرعة كبيرة. اليوم، يعتقد الباحثون أن هناك نجمًا مرافقًا يساهم في هذا التأثير، وهذا هو السبب في أن سديم البومرانج أبرد من السدائم الأخرى التي رصدت.

  • ترجمة: لبنى عبيد
  • تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
  • المصادر: 1