‘جورج سوروس George Soros’ يحذّر من نهاية الحضارة

كان الأمر مهمّاً للغاية، لدرجة أنّه جعل جورج سوروس يقولها مرتين: “قد لا تنجو حضارتنا”.

كان سوروس يتحدّث إلى ضيوفه في العشاء الذي يقدمه في دافوس خلال المنتدى الاقتصاديّ الدولي (WEF)، وآخر مرة تحدث فيها كانت في يناير/كانون الثاني 2020، قبل أن تُلغي الجائحة منتدى دافوس لمدة عامين ونصف. لكن في خطابٍ استمرّ لمدة نصف ساعة تجاهل سوروس -إلى حدٍّ كبير- جائحة كوفيد-19 وكذلك التغير المناخي والعدالة الاجتماعية، وركز على الاستبداد ‘لشي جين بينغ Xi Jinping’ والتحريض الحربي ‘لفلاديمير بوتين Vladimir Putin’.

وفي عام 2020، رصد سوروس بدايات الثورة الشعبية ضد الطغيان.

وهذا العام أثناء تناول ضيوفه للدجاج والعصيدة، لم يتمكن سوروس سوى من الكشف عن المساعدات الغربية لأوكرانيا ومقاومة الأوكرانيين التي اعتبرها -وكما يقول المثل- ربّ ضارّةٍ نافعة، وقال: “إنّ الحرب هزت أوروبا على نحوٍ جذريٍ، حتى عندما يتوقف القتال يجب علينا في نهاية المطاف إدراك أن الوضع لن يعود يومًا إلى ما كان عليه سابقاً”.

جورج سوروس قلِقٌ من إغلاق المجتمعات

بطريقةٍ ما ربما يكون من المحتم -بالنظر إلى سيرته الذاتية- أن يشعر سوروس بالقلق الشديد بشأن مخاطر القادة الشموليين، لا سيّما في أوروبا الشرقية، وخاصّةً أنّه رأى في شبابه موطنه (المجر) يحتلها النازيون، ليقوم النفوذ السوفييتي بتقسيمها لاحقاً.

دفعته التجارب -بعد أن أصبح ثرياً في الغرب- على المشاركة في ما يسميه ‘الإحسان السياسي’. وقال في عام 1984 أنه قدم مليوني دولار للقضايا السياسية، وخلال الثلاث سنوات القادمة سيقدم أكثر من 300 مليون دولار. كما وتقدّم مؤسسات المجتمع المفتوح التي أنشأها في عام 1993 منحًا للمنظمات التي تعزّز الحريات الليبرالية.

في دافوس، قدّم سوروس تقريراً وصف فيه كيف أنّ شي جين بينغ وفلاديمير بوتين يعرّضان العالم للخطر خلال آخر ثلاثة أشهر. وفقاً لسوروس فإن شيئاً ما يهدف إلى الحصول على فترةٍ رئاسية ثالثة لا مثيل لها في الصين، وهو ما يعدّ سببًا من أسباب سعي الصين لسياسة ‘صفر-كوفيد zero-covid’ في مدنها الكبرى.

وقال سوروس: “إنّ هذا الأمر دفع شنغهاي إلى حافة الثورة والتمرد كما دفع اقتصاد الصين إلى الانهيار، وفي غضون ذلك تشكّلت فظائع بوتين بما في ذلك الحرب الأوكرانية (بداية الحرب العالمية الثالثة)”. كما قدّم سوروس تقديراً لتعاوم الزعماء الأوروبيين معًا في مواجهة روسيا.

لم يذكر سوروس في تقريره كيف دمّر وأغلق فيروس كورونا المجتمعات في الغرب وأماكن أخرى بطريقته الخاصة، كما لم يُشِر إلى التباينات في الثروة التي وسّعت الفجوة بين الأغنياء والفقراء خلال الجائحة، وأشار إلى تغير المناخ فقط في سياق تراجع الأولويّة عن الحرب في أوكرانيا، مما يشكّل تسلسل هرمي من المخاوف التي لا يتشارك في أولويتها العالم بأكمله.

كما أشار مارك مالوك براون -رئيس مؤسسات المجتمع المفتوح- في تصريحاته الخاصّة أنه كان هناك شيئًا مؤثرًا وحزينًا في خطاب سوروس. يبدو أن سوروس قضى معظم حياته غاضبًا ضد الليبرالية والديكتاتورية، ورغم بلوغه من العمر 92 عامًا تقريبًا، فإنّه لازال يقدّم أساليب ديكتاتوريات جديدة، وإمكانيات جديدة لنهاية العالم كما يعرفه.

  • ترجمة: إلهام مخلوف
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1