الكون اللغز: إنّ 95% من الكون لغز كلّي
من نواحٍ عديدة، ما زلنا مبتدئين نلعب مع نماذج الألعاب التي تسعى إلى فهم النجوم.
المآخذ الرئيسية:
1- من الإغريق القدماء إلى أينشتاين، كنّا قد درسنا النجوم لمحاولة واكتشاف مكاننا في الكون.
2- فهمنا الحالي للكون -95% منه محجوب بالنسبة لنا- إذ أنه غير مكتمل لحد يرثى له.
3- من طبيعتنا كبشر أن نبحث عن معنى في النجوم. لكن في بعض الأحيان، لا تكون الإجابات هي التي كنا نبحث عنها.
لطالما جاب البشر الأرض، فنكون قد سعينا للعثور على مكاننا في الكون، من المدن في اليونان القديمة إلى الرؤوس الشاهقة للأهرامات المصرية، عبر الصحاري والجبال الشاهقة في الصين القديمة وصولاً إلى السهول المتدحرجة لأمريكا الوسطى، كان البشر يسعون إلى فهم كيفية عمل الكون. طوّروا الرياضيات لتتبع حركات الكواكب، قُدِّر محيط الأرض بالسير من مدينة إلى أخرى، قاموا بإنشاء جداول النجوم ونصوص ضبط الوقت، وحتى سجلوا الأحداث السماوية مثل مذنب هالي، والمستعرات الأعظمية، والكسوف.
بمرور الوقت، قمنا بتحسين نماذجنا للكون. باستخدام علامات الحذف، أعاد يوهانس كبلر تشكيل الحركات السماوية. أحدث جاليليو ثورة في نموذج كوبرنيكوس المتمركز حول الشمس للنظام الشمسي من خلال اكتشاف أن الشمس، وليس الأرض، هي الجسم الذي تدور حوله جميع العناصر الأخرى في مدار النظام الشمسي. طور إسحاق نيوتن نظرية الجاذبية، والتي حلَّت محلها فيما بعد نظرية النسبية العامة لأينشتاين.
الاكتشاف بالاكتشاف، نرسم في فجوات صورة كوننا؛ ومع ذلك، بطريقة ما، مع كل ضربة فرشاة، تتحول تلك الصورة وتتطور إلى شيء دائم التغير، وجديد، ولا يمكن التعرف عليه. يختلف الكون الذي فهمه كبلر وجاليليو، وكوبرنيكوس وكبلر، ونيوتن وجاليليو، وحتى أينشتاين عن الكون الذي نعرفه اليوم.
فهم الكون أمر مقلق اليوم؛ لأنّه ليس صندوقاً صغيراً مرتباً بخطوط أنيقة وغطاء مثالي، كوننا محيّر ومعقد، إنه يتحدى التوقعات.
بالنسبة للمبتدئين، فإنّ كوننا ليس كياناً ثابتاً مغلقاً. كوننا يتوسع. مرة واحدة من كل مكان، يمتد نسيج الزمكان بعيداً عن أي مكان آخر مثل البالون المتضخم، حاملاً المجرات معه. تتمدد الفوتونات التي تجول في ممرات الكون جنباً إلى جنب مع الزمكان، تكبر أطوالها الموجية أكثر فأكثر، أو تزداد إحمراراً، وبالتالي يحدث الانزياح الأحمر مع توسع الفضاء.
كوننا لا يتوسع في أي شيء. على حد علمنا، لا يوجد بُعد إضافي حول الكون. بدلاً من ذلك، الفضاء نفسه يتوسع، ممّا يسبّب فراغاً بين عناقيد المجرات -أكبر الأجسام المرتبطة جاذبياً في الكون- لتكبر وتكبر بمرور الوقت.
وهذا يقودنا إلى الاستنتاج التالي المقلق: لا يوجد مركز لكوننا. كل مكان هو “المركز” لأنّ كل شيء في كل مكان يتحرك بعيداً عن كل شيء آخر، دفعة واحدة.
لكن الكون لا يتوسع فقط بل يتسارع ايضاً!
مع كل لحظة تمرّ، تشدّ قوة مستمرة غير معروفة تسمى “الطاقة المظلمة” نسيج الكون. الطاقة المظلمة هي خاصية أساسية للفضاء نفسه؛ غير مرئية وسلسة وثابتة، ومع ذلك فنحن لسنا متأكدين تماماً من ماهيتها حقاً.
ثم هناك المادة المظلمة -المادة غير المرئية المتكتلة التي تربط المجرات- ببعضها البعض. من نواح كثيرة، المادة المظلمة هي النتيجة الطبيعية للطاقة المظلمة: حيث تعمل الطاقة المظلمة على تمدد الفضاء بعيداً، المادة المظلمة تربط المادة معاً. كلاهما غير مرئيان -لا يتفاعلان مع الإشعاع أو الضوء- ومع ذلك فإنهما دائمّا الوجود، تعمل المادة المظلمة كغراء كوني لتشكيل بنية على نطاق واسع، والطاقة المظلمة عنصر أساسي في تطور الكون.
إنّ الشفق اللاحق للانفجار العظيم، المعروف باسم الخلفية الكونية الميكروية، مطبوع على نسيج الزمكان، من بقايا الإشعاع عندما كان الكون شديد السخونة وكثيفاً ومصقولاً. من خلال رسم خرائط النتوءات، والمخالفات، والمقارنة بين استطلاعات المجرات، وجد العلماء أن 70% من الكون يتكون من الطاقة المظلمة. وفي الوقت نفسه، فإن 25% من الكون عبارة عن مادة مظلمة.
5% فقط من الكون هي مادة عادية.
هذه هي المادة العادية في الحياة اليومية: شعرك وملابسك، وذراتك، وأعضائك، والطعام الذي تأكله، والكلاب التي تقبلك، والهواء، والبحر، والشمس والقمر. كل ما نعرفه -كل ما نراه- هو 5% فقط من كل شيء في الكون.
المتبقية من الكون هي أشياء لا يمكننا رؤيتها، ولا فهمها بعد. لا يزال جزء كبير للغاية من الكون غير معروف. على الرغم من التطورات التكنولوجية في القرن الماضي، حتى مع وجود أجهزة الكمبيوتر في متناول أيدينا والإنترنت في جميع أنحاء العالم والمراصد الفضائية التي ترسم خرائط لأبعاد الكون البعيدة، لا يزال هناك الكثير مما لا نفهمه.
لقد حققنا قفزات كبيرة منذ أيام الإغريق والمصريين القدماء، حتى منذ كوبرنيكوس وكبلر. لكن من نواحٍ عديدة، ما زلنا مبتدئين نلعب بنماذج الألعاب التي تسعى إلى فهم النجوم.
في نهاية اليوم، نحن على كوكب وحيد يتدلى في الفضاء، يدور حول شمسنا وسط ملايين النجوم الأخرى في زاوية صغيرة من مجرة في كون دائم التوسع.
من طبيعتنا كبشر البحث عن معنى في النجوم. لكن في بعض الأحيان، لا تكون الإجابات هي التي كنا نبحث عنها.
- ترجمة: آلاء محمود
- تدقيق لغوي: سفوك حجي
- المصادر: 1