دراسة تحقق التلاعب المستقر في فتل إلكترونات السيليكون

عمل العديد من الفيزيائيين وعلماء الحاسوب على تطوير تقنيات الحوسبة الكمية في السنوات الأخيرة. وهي تقنيات تعتمد على البت الكمي (الكيوبت)، الذي يمثل الوحدة الأساسية للمعلومات الكمية.

خلافًا للبتّ التقليدي، الذي يكون بقيمة صفر أو واحد فقط، يمكن للكيوبت أن يكون في حالة تراكب كمي، أي تكون له القيمتان صفر وواحد في آن. يمكن صنع هذا الكيوبت من أنظمة فيزيائية مختلفة، مثل الإلكترونات، والفتل النووي (حالة الفتل الخاصة بالنواة)، والفوتونات، وحتى الدارات الإلكترونية الفائقة التوصيل.

وجد أن الفتل الإلكتروني المتولد في النقاط الكمية لذرات السيليكون (بنى صغيرة جدًا من السيليكون) مرشح قوي ليكون كيوبت، وذلك بفضل وقت تماسكه الطويل، والاستقرار الطاقي والتوافق مع طرائق صناعة أشباه الموصلات الحالية. ولكن التحكم المتماسك بحالات فتل عدة الكترونات صعب إلى حد ما.

في وقت قريب، قدم باحثون في جامعة روشستر استراتيجية جديدة للتلاعب المتماسك بفتل إلكترون مفرد أو عدة إلكترونات في نقاط السيليكون الكمية. هذه الطريقة التي نشرت في ورقة بحثية بمجلة Nature physics، يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة لتطوير حواسيب كمية دقيقة وعالية الأداء.

قال جون نيكول، وهو أحد الباحثين في الدراسة، لموقع phys. org: «كما العديد من التجارب في العلم، كنا نبحث في الأصل في موضوع ليس له صلة، حين صرنا نلاحظ نشوء شتى التذبذبات المتماسكة في بياناتنا». وأضاف «استغرقنا بعض الوقت قبل اكتشاف التفسير النظري، ولكننا ما إن فعلنا حتى تناسق كل شيء. وعلى الرغم من أن الاقتران الفتلي-المداري درس عدة مرات سلفًا، ولكن لم تجرَ انتقالات متماسكة بين حالات لفية مختلفة مباشرة في السابق».

تعتمد الاستراتيجية الجديدة للتحكم بفتل الإلكترونات في السيليكون، والتي اقترحها نيكول وزملاؤه، على الاقتران الفتلي-المداري، أي التآثر بين حالات فتل الإلكترون وحالات المدار المغناطيسي. تمتلك الإلكترونات في النقاط الكمية في السيليكون قيمتي الفتل الكمي وحالة المدار المغناطيسي. يمكن لحالة الفتل أن تكون «علوية» أو «سفلية»، ويمكن للحالة المدارية المغناطيسية أن تكون «موجبة» أو «سالبة».

قال نيكول «إن في مجال مغناطيسي معين، يمكن أن تكون طاقة حالة الفتل العلوي -مثلًا- تساوي حالة الفتل السفلية تقريبًا. ولأن فرق الطاقة بين الحالتين الموجبة والسالبة يعتمد على المجالات الكهربائية، يمكننا تطبيق نبضة كهربائية لجعل حالة الفتل العلوي في رنين مع حالة الفتل السفلي. وحين يحدث هذا فإن الإلكترون الذي ضبط في الحالة العلوية سوف يتذبذب بتناغم إلى الحالة السفلية، وهكذا ذهابًا وإيابًا. وهذا هو التذبذب الفتلي-المداري».

الطريقة التقليدية للتلاعب بالفتل الإلكتروني في نقاط السيليكون الكمية تستلزم استخدام حقول مغناطيسية متناوبة (متغيرة جيبية)، ولكن أظهر نيكول وزملاؤه أن استراتيجيتهم أمكنتهم من التلاعب المستقر بالفتل الإلكتروني من دون الحاجة إلى استخدام حقول كهرومغناطيسية متذبذبة.

قال نيكول «تعد الحقول المغناطيسية المتذبذبة (المتناوبة) صعبة التوليد في درجات التجمد، والاقتران الفتلي-المداري المغناطيسي يقصي هذه الحاجة. الإنجاز الآخر أن درجة حرية التابع المداري المغناطيسي في ذرات السيليكون غالبًا ما عدت عائقًا بدلًا من سمة كيوبت سيليكون، ولكن عملنا يظهر أنها يمكن أن تكون سمة مفيدة جدًا».

يؤكد العمل الحديث الذي قام به فريق الباحثين هذا إمكانية استخدام الاقتران الفتلي-المداري المغناطيسي لتحقيق تحكم مستقرّ بالكيوبت اعتمادًا على الفتل الإلكتروني المتولد في نقاط السيليكون الكمية، وفي أوراقهم البحثية القادمة يأملون تحقيق فهم أفضل لخصائص نمو وتصنيع وضبط النقاط الكمومية التي يمكن أن تؤثر في الاقتران الفتلي-المداري المغناطيسي، لأن ذلك من شأنه أن يدعم ويوسع الأفق لصناعة تقنيات الحوسبة الكمية المبنية على الإلكترون.

وأضاف نيكول «نود أيضًا اكتشاف إن أمكن لنا بناء بوابات (أنظمة) متعددة الكيوبت في إطار العمل هذا. ولكن إحدى المصاعب أن المجال المغناطيسي يجب ضبطه بشكل منفصل لكل كيوبت، ونحن نبحث عن سبل واقعية لتحقيق ذلك».

  • ترجمة: حيان الحكيم
  • تدقيق علمي ولغوي: موسى جعفر
  • المصادر: 1