أماندا إمبر: توقف عن طلب الملاحظات لكي تتعلم

للملاحظات تأثير ضئيل على أدائنا وفي أكثر من ثلث الوقت يكون لها تأثير سلبي على ذلك.

والسبب وراء عدم فعالية الملاحظات هو أنها رجعية، فعندما يقدم لك شخص ما ملاحظات فهو يقدمها بناءًا على سلوكك السابق.

السر يكمن في طلب النصيحة بدلاً من ذلك، حيث يؤدي تقديم النصيحة إلى التفكير في الإجراءات المستقبلية التي يمكن أن يتخذها الشخص المحتاج إلى التوجيه.

إذ يمكنك القيام بذلك من خلال:

  1. أن تكون محددًا في نوع النصيحة التي تطلبها.
  2. مطالبة الناس بالتفكير فيما يمكن أن يساعدك مستقبلًا.
  3. سؤال الشخص المناسب.
  4. اطلب توضيحًا إذا احتجت

فعلى سبيل المثال، منذ عدة سنوات تقدمت بطلب للحصول على وظيفة كنت أعتبرها وظيفة أحلامي. وصلت إلى المرحلة الأخيرة من عملية المقابلة حيث كان علي تقديم عرض تقديمي في الشركة. عندما انتهيت، طلبت منهم إبداء أرائهم قائلةً: كيف سار الأمر؟ لكن تلقيت بعض التعليقات المدمرة وغير القابلة للتنفيذ على الإطلاق، مما جعلني أغادر الغرفة وأنا أشعر بعدم الثقة في النفس. ولا داعي للقول أنني لم أحصل على الوظيفة.

طوال مسيرتي المهنية، كنت أعتقد أن طلب الملاحظات أمر بالغ الأهمية لأن هذه هي الطريقة التي نتعلم بها ونتطور. لكن وفقًا للأبحاث، فإن الملاحظات لها تأثير ضئيل على أدائنا وفي أكثر من ثلث الوقت تؤثر سلبًا على الأداء.

بالنسبة للنساء على وجه الخصوص، يمكن أن تكون التعليقات غير مفيدة حيث قامت إحدى الدراسات التي أجراها الأستاذان شيلي كوريل وكارولين سيمارد بجامعة ستاندرد بتحليل أكثر من 200 مراجعة للأداء في ثلاث شركات عالية التقنية، وشركة خدمات مهنية ووجدوا أنه: مقارنة بالرجال، تلقت النساء ملاحظات أقل احتمالًا لربطها بنتائج الأعمال وأيضًا أكثر غموضًا وصعوبة في التنفيذ.

لماذا الملاحظات غير فعالة إلى هذا الحد؟ السبب الرئيسي هو أن المعنى الحرفي للكلمة -backward-looking- هو: النظر إلى الماضي؛ فعندما يقدم لك شخص ما ملاحظات، فإنه يقدمها بناءًا على سلوكك في الماضي (تقييم الأداء السنوي، أو ربع المبيعات الذي مر للتو، أو العرض التقديمي الذي اختتمته) الأمر الذي يجعل من الصعب عليك التركيز على المستقبل، لأن كل ما ستسمعه هو كيف أخفقت أو ما لم يتم بشكل صحيح، وليس كيف يجب أن تؤدي مستقبلاً. لهذا السبب: تميل الملاحظات إلى أن تكون أقل قابلية للتنفيذ.

يُظهِر بحث من جامعة هارفارد للأعمال كيف يتم ذلك، ففي إحدى الدراسات طُلب من 200 شخص تقديم مدخلات بشأن طلب وظيفة لشغل منصب تعليمي. كان على المشاركين إما تقديم ملاحظات أو نصيحة بشأن الرسالة. قام أولئك الذين طُلب منهم تقديم ملاحظات بتقديم تعليقات غامضة مع الثناء العام مثل “يبدو أن مقدم الطلب يستوفي معظم المتطلبات”. في المقابل، كان أولئك الذين طُلب منهم تقديم النصيحة أكثر انتقادًا وقابلية للتنفيذ في تعليقاتهم. فمثلًا اقترح أحد المراجعين أن يقوم مقدم الطلب بتضمين تفاصيل حول أسلوب التدريس الخاص به ولماذا اعتمده، بالإضافة إلى تضمين هدفه النهائي لتعليم طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، كما اقترح مقدموا النصيحة طرقًا إضافية بنسبة 34% لتحسين الطلب و56% طرقًا أخرى للتحسين بشكل عام.

افترض الباحثون أن تقديم النصيحة يقود المرء إلى التفكير في الإجراءات المستقبلية التي يمكن أن يتخذها الشخص الذي يحتاج إلى التوجيه. على هذا النحو، عند طلب النصيحة فمن المرجح أن يفكر الناس بشكل نقدي، وخصوصًا في الاستراتيجيات التي يمكن للمرء القيام بها من أجل التحسين.

بالطبع، عندما تكون في المراحل الأولى من حياتك المهنية من الجيد أن تعرف أين أخطأت أو ما ينقصك في أدائك. لكن الأهم هو معرفة كيفية جعله أفضل والتحسن. لذا ركز على طلب النصيحة بدلاً من طلب الملاحظات، وللحصول على أفضل نصيحة ممكنة اتبع هذه النصائح الأربع:

أولاً: حدد نوع النصيحة التي تبحث عنها.

من الأفضل عند طلب النصيحة أن تحدد نوع النصيحة التي تريد، كأن تحدد على سبيل المثال أنك تبحث عن استشارة، أو طريقة لتحسين مهاراتك التواصلية، أو حلاً لمشكلة تواجهك.

اسأل نفسك عن ما الذي حقًا سيساعدك في تحسين ما تريد تحسينه، مثلاً بدل أن تطرح سؤال “ما رأيك في أرقام أرباحي من الربع الأخير؟ “يمكنك القول: حاولت حتى الآن فعل كذا وكذا ولكن لم أتمكن من تحقيق هدفي فلو كنت مكاني ما الذي ستفعله؟

ثانيًا: بيّن لهم الطريق.

إذا طلبت من الناس النصح عمَ يمكن أن يساعدك في المستقبل فستكون النصيحة التي ستتلقاها أكثر تحديدًا وقابلية للتنفيذ لذا اجعل السؤال محددًا كأن تقول: مالذي يمكنني تغييره في مهارات العرض التقديمي الخاص بي لجعله أفضل في المرة القادمة؟ أو هل يمكن أن تعطيني بعض النصائح لجعل الشرائح أكثر جاذبية؟ حاول طرح أسئلة ذات إطار أوسع (بحيث تبقى موجهة نحو المستقبل). فبدل أن تقول: كيف سارت الأمور اليوم برأيك؟ يمكنك السؤال: مالذي يمكنني فعله بشكل أفضل في المرة القادمة؟ وتلقي نصائح مفيدة يمكن أن تساعدك على التفكير بطرق جديدة والمضي قدمًا بدلًا من إعادة صياغة الماضي.

ثالثًا: أعطهم دفعة صغيرة.

إذا تلقيت من شخص ما ملاحظات مبهمة مثل “لقد قمت بعمل رائع“ أو “يمكنك القيام بعمل أفضل” فلا تنهي المحادثة عند هذا الحد بل حاول الحصول على النصيحة التي تحتاجها كأن تقول: ما الذي قمت بعمله جيدًا على وجه التحديد؟ أو ما هو الشيء الوحيد الذي يمكنني فعله بشكل أفضل في المرة القادمة؟ هذه الدفعة ستجعل من المحادثة مفيدة وستساعدك بالفعل على التحسن مستقبلًا.

رابعًا: اسأل الشخص المناسب.

عند بحثك عن ملاحظات قوية قد تميل إلى البحث عن وجهات نظر متعددة؛ فكلما زادت وجهات النظر كان ذلك أفضل، أليس كذلك؟ إلا أن الأبحاث وجدت أن تلقي الكثير من النصائح المختلفة غالبًا ما يجعلنا أكثر عرضةً لتجاهلها، فالآراء التي تتلقاها قد تكون متضاربة ويمكن أن تتركك في حيرة من أمرك، وإذا أدرك مقدم النصيحة أنك تطلبها من العديد من الأشخاص قد يتردد في إعطائك ملاحظات حقيقية وقابلة للتنفيذ، لأنه ليس متأكد ما إذا كنت ستأخدها على محمل الجد بدلًا من أخد نصيحة شخص آخر.

فكر مليًا في الأمر الذي تسعى للحصول على ملاحظات بشأنه وبمن هو الأفضل لتقديم النصيحة بخصوصه، فمعظم الناس تميل إلى طلب النصح من الأشخاص المقربين أو الذين يشعرون معهم بالراحة، وقد لا يكون هؤلاء على دراية جيدة بالأمر، فإذا كنت تبحث عن ملاحظات بشأن سيرتك الذاتية فمن الأفضل التواصل مع مستشار مهني، أو كاتب سيرة ذاتية معتمد، أو شخص له علاقة بالمجال بدلًا من أحد أفراد العائلة، أو صديق، وعند السؤال لا تقل: كيف تبدو سيرتي الذاتية؟ بل استبدله بسؤال: هل تعتقد أن سيرتي الذاتية تظهر مهاراتي وخبراتي بدقة؟

قد تكون النصيحة الجيدة فارقة بالنسبة لك، خاصةً إذا كنت مبتدئ أو لديك خبرة قليلة، لذا في المرة القادمة التي تحتاج فيها إلى نصيحة اتبع هذه الاقتراحات للحصول على ملاحظات فعالة حقًا.

  • ترجمة: رؤيا إبراهيم
  • تدقيق لغوي: سفوك حجي
  • المصادر: 1