لماذا يجب أن تكون دائرة علاقاتك الداخلية صغيرة؟

تعتقد أنه كلما كانت شبكة العلاقات أكبر كان الأمر أفضل أليس كذلك؟

حسنًا ليس هذا هو الحال دائمًا، ففي بعض الأحيان عليك اختيار دائرة علاقات صغيرة وموثوقة بعناية، وستندهش بمدى تأثيرك وقيمتك بين أفراد المجتمع الأكبر الذين يهتمون بنفس الأشياء التي تهمّك.

نعيش في زمن يسود فيه افتراض ‘الأكبر هو الأفضل’ عندما يتعلق الأمر بأي شيء تقريبًا، فمن الطبيعي أن نرغب في توسيع شبكة علاقاتنا سواءً على الإنترنت أو في الحياة الواقعية؛ لأنه كلما زاد عدد الأشخاص الذين نعرفهم زادت فرصنا في التقدم المهني، وإيجاد الداعم، وتحقيق الرخاء المالي، وما إلى ذلك.

ولكن في الواقع عندما تَكون شخصًا كثير التواصل، فهذا لا يعني امتلاكك شبكة علاقات كبيرة.

وعلى العكس، إن ذلك يعني إحاطة نفسك بمجموعة مختارة بعناية من الأفراد الذين تحبهم وتحترمهم وتشاركهم المعتقدات والقيم نفسها، هم من سيشكلون أساس شبكتك الاجتماعية الأكبر المليئة بالأشخاص الذين يضيفون قيمة لبعضهم البعض، ومن المدهش أن هذه المجموعة الأساسية أصغر بكثير مما تتوقع.

نعاني جميعًا من ضيق الوقت، وقد يكون من الصعب تحقيق التوازن بين العمل والأسرة والتواصل الاجتماعي الذي نعتبره عبئًا ضروريًا ولكنه لا يحتاج الكثير من الوقت.

فإذا كنت مثل غالبية الأفراد (قمت ببناء شبكة علاقاتك بشكل عشوائي، وتواصلت مع أي شخصٍ أراد التواصل معك) فأنت على الأرجح لديك صعوبة في قول ‘لا’ لأي أحد.

وبالتالي من الممكن أن يأخذ أشخاص بالكاد تعرفهم الكثير من وقتك، وكونك شخص طيب القلب ستجد نفسك متساهلًا معهم ولكن كرمك العشوائي قد يأتي بنتائج عكسية عليك، فعند تخصيص وقتك لخمسين شخصًا بدلًا من خمسة فقط، لن يكون التأثير الذي تحدثه على العالم كبيرًا كما كنت تتصور على الرغم من حجم شبكتك الاجتماعية.

تقول داراه بروستين مؤسسة Network under 40: “من المهم التفكير بعناية بالأشخاص الخمسة الذين يشكلون دائرتك الداخلية لأن لديهم القدرة على التأثير عليك بشكل كبير”.

إذ تؤكد داراه بروستين على أهمية فعاليات التواصل في حياتها بينما تقوم ببعض الترتيب لعلاقاتها، وتقول: “سيحكم الناس عليك استنادًا إلى دائرتك الداخلية، ولكن هذا لا يعني أنه يجب عليك إحاطة نفسك بأشخاص ذوي مكانة عالية للاستفادة منهم، بل بناء علاقات مع أشخاص صالحين وأذكياء لديهم القدرة على مساعدتك لتصبح نسخة أفضل من نفسك”.

وبعبارةٍ أخرى: يجب أن تكون انتقائيًا بشدة لأن كلّ شخص داخل دائرة العلاقات الأساسية الخاصة بك لديه دائرة داخلية خاصة به وسيكون لهؤلاء الأشخاص في هذه الدائرة أيضًا دائرتهم الخاصة وما إلى ذلك.

أتواصل مع عشرات الآلاف من الأشخاص كل عام من خلال مشاركاتي الخطابية المهنية وتطوير الأعمال في The community company وتوجيه الشباب الطموحين من خلال مجموعات مثل Junior Achievement ومع ذلك لا يوجد سوى عدد قليل من الأشخاص والأنشطة التي أخصص لها الوقت باستمرار.

على سبيل المثال: أتناول كل أسبوعين الغداء مع صديق من الجامعة وهو أيضًا رائد أعمال، ولديه قدرة على إبقائي متزنًا، كما ألتقي كل ثلاثة أشهر بصديق آخر من رواد الأعمال يدير أعمالًا عالمية معقدة، وذلك يشجعني على التفكير بطموح أكبر، بالإضافة إلى مجموعة مقربة من الأصدقاء من المدرسة الثانوية تحافظ على تواضعي وتربطني بأصولي، وفي كل نهاية أسبوع تقريبًا أقوم أنا وزوجتي وأطفالنا الأربعة بتكوين ذكريات عائلية من خلال اكتشاف مناطق مختلفة من مدينة نيويورك.

مع كل فرد من هؤلاء الأشخاص يكون التواصل بحريّة وتكون الثقة مطلقة، إذ أنّ كلّ شخصٍ منهم يشكّل أساسًا قويًا أدى إلى نجاحي، ولم أخترهم على حساب الأخرين، بل لأنهم يجعلونني شخصًا أفضل وهذا يفيد آلاف الأشخاص الذين أتعامل معهم.

كيف تبدأ ببناء أساسٍ قوي لنفسك؟

أولاً: قيّم نفسك، هل أنت من يسيطر على العلاقات في حياتك أم تترك الآخرين يتولون المسؤولية؟

متى أعطتك مواعيد الغداء أو المؤتمرات المتكررة التي كنت تحضرها لسنوات بسبب صديقك شيئًا ذي قيمة أو سمحت لك بالمساهمة بشيء قيّمٍ للآخرين؟

هل ستكون بعدها مفعمًا بالحيوية أم مرهقًا؟

إن لم تكن أنت من يحدد كيفية التفاعل مع الأخرين ويتخذ قرارات مدروسة بشأن من تقضي وقتك معهم، فيجب عليك أن تستعيد دفة التحكم.

ابدأ بوضع خطة لتقليل مقدار الوقت الذي تستثمره على الأنشطة والأشخاص التي تتطلب منك جهودًا غير مجدية، وقلل تدريجيًا من مشاركتك حتى تتمكن من الانفصال عن الشخص أو الالتزام أو النشاط.

ثانياً: قيّم روتينك اليومي والأنشطة التي قمت بها، ما الأنشطة التي شاركت بها خلال الأسبوع الماضي؟ أيّ منها تشعر أنها تستحق وقتك وأيها لا تستحق العناء؟ هل هناك أي أنشطة ستقوم بها مرة أخرى أو تقضي وقتًا أطول فيها؟ وهل هناك أنشطة سترغب في التوقف عن القيام بها؟ واسأل نفسك ما إذا كانت الطريقة التي تقضي بها وقتك تعكس قيمك ومعتقداتك الأساسية، إذا لم يكن الأمر كذلك فاتركها حتى لو كان ذلك يمكن أن يضعك في موقف محرج مع الأصدقاء والزملاء.

وفي النهاية: قيّم الأشخاص من حولك، مع من كنت تقضي الوقت مؤخرًا؟ أي نوع من الأشخاص ترغب في قضاء المزيد من الوقت معهم، وأي نوع ترغب في إنهاء العلاقة معهم بشكل كامل؟ وتذكر أنه لا يجب التعامل مع العلاقات على أساس المصلحة، الفكرة ليست فقط قضاء الوقت مع الأشخاص الذين تعتقد أنهم يمكن أن يفيدوك، بدلًا من ذلك من المهم التركيز على بناء الروابط التي تعود بالنفع المتبادل على المدى الطويل، إذ يبحث يبحث الشخص كثير التواصل عن فرصة لمساعدة الآخرين، ليس على أمل الحصول على شيء بالمقابل ولكن لتعزيز مكانته الاجتماعية من خلال جعله مميزًا وقيّمًا.

عندما تُقلِّص حجم دائرتك الداخلية ستبدأ بالتفكير بنفسك كمهندس للبيئة المحيطة بك، فعندما تكون علاقاتك أعمق وأكثر صدقًا مع عدد قليل من الأفراد الذين يهمونك حقًا، ستفهم رغباتهم ومتطلباتهم بشكل أكبر، وسيزيد فهمهم لك.

من خلال ذلك ستحصل على أساس أقوى لبناء مجتمع أكبر يستفيد من معرفتك ومعرفة دائرتك الداخلية، وقد لا تحصل أبدًا على شبكة علاقات كبيرة لكنك ستكون على الطريق الصحيح لتصبح ‘متصلًا فائقًا’.

  • ترجمة: لمى القوتلي
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1