عليك أن تتدرب على ما ستكون عليه ذاتك المستقبلية
كنت أدرب سانجاي -رائد في شركة تكنولوجية- والذي شعر أنه عالق في مكانه ومُحبط. لم يكن حيث أراد أن يكون في هذه المرحلة من حياته المهنية. لقد جاء إلى جلستنا التدريبية كالعادة مستعدًا لمناقشة التحديات التي يواجهها حاليًا. وكانت هذه المرة حول خطته لإجراء محادثات تعويضية مع كل موظفيه. وبعد دقائق قليلة من الاستماع إليه وهو يتحدث عن خططه، قاطعته قائلًا: «سانجاي، لقد خضتَ هذا النوع من المحادثات من قبل، صحيح؟».
فأجابني: «نعم».
«وفي الغالب، أنت تعرف كيف تفعل ذلك، صحيح؟»
أجاب مجددًا: «نعم».
«عظيم، لنتحدث عن شيء آخر.»
واعترض قائلًا: «لكن هذا ما يجول في خاطري الآن، من المفيد أن أفكر بالأمر معك».
فقلت: «أنا سعيد أنه مفيد. لكنك لا تريدني أن أساعدك فقط، بل أن أغّير الأمور. التركيز على ما هو في صميم اهتمامك الآن لن يوصلنا إلى هناك».
السبب في أن سانجاي عالق والسبب في أن الكثير منا يشعر بذلك هو أننا نركز على ما هو حاضر لنا في أي لحظة معينة. ومن ناحية أخرى، ما يريده معظمنا أكثر من أي وقت مضى هو التقدم. وبطبيعة الحال، فإن الانتباه إلى الحاضر يبقينا حيث نحن الآن. لذا وبالتأكيد بمقدوري أَنْ أُساعد سانجاي لكي يكون أفضل نسخة من سانجاي في الوقت الحاضر، ولكن سيكون لي تأثير أكبر بكثير إذا ساعدته ليصبح ناجحًا في المستقبل.
إنها قصة مألوفة: أنت مشغول طوال اليوم، تعمل بلا توقف، وتتعدد المهام في محاولة مضللة لإخراج بعض الأشياء الإضافية من قائمة أعمالك، ومع اقتراب نهاية اليوم، لا تزال لم تنجز أهم أعمالك. أن تكون مشغولًا لا يعني أن تكون مُنتجًا! إنه الفرق بين الركض على جهاز المشي والركض نحو وجهتك؛ كلاهما ركض، لكن أن تكون مشغولًا فهذا يعني أنك تركض في مكانك. إذا كنت تريد أن تكون منتجًا، فالسؤال الأول الذي يجب أن تسأله لنفسك هو: من أُريد أن أكون؟
والسؤال الآخر هو: إلى أين أريد أن أذهب؟
وتشير الاحتمالات إلى أن الإجابات على هذه الأسئلة تمثل نموًا في اتجاه ما.
وبينما لا يكون بإمكانك قضاء كل وقتك في ملاحقة تلك الأشياء، بالتأكيد لن تصل إليها إذ لم تقضِ أيًا من وقتك في ملاحقتها.
إذا أردت أن تصبح كاتبًا فينبغي أن تمضي الوقت في الكتابة. إذا كنت تريد أن تصبح مدير مبيعات، لا يمكنك أن تبيع فقط، عليك أن تطور مهاراتك الإدارية. إذا كنت ترغب في تأسيس شركة جديدة أو إطلاق منتج جديد أو قيادة مجموعة جديدة، فينبغي أن تمضي الوقت في التخطيط وبناء مهاراتك وخبراتك.
إليك الحل: من الواجب أن تمضي وقتًا لصالح المستقبل حتى عندما تكون هنالك أمور أكثر أهمية في الحاضر وحتى عندما لا تتبادر فورًا إلى ذهنك الجهود التي تبذلها. أو بعبارة أخرى.
وهذا هو الجزء الصعب إذا كنت تريد أن تكون منتجًا فيتعين عليك أن تقضي الوقت في القيام بأمور تبدو غير منتجة إلى حد السخافة.
أريد توسيع قدراتي على الكتابة، لذلك بدأت في الاستيقاظ في 5:30 صباحًا لكتابة القصص الخيالية. ولسوء الحظ -ولست متواضعًا هنا- أنا كاتب خيال مريع. لذا يبدو وقت كتابتي غير منتج بشكلٍ مؤلم، لا أستطيع بيعها، لا أستطيع استعمالها، لا أستطيع أن أشاركها.
بصراحة، لا أتحمل قراءتها على الملأ.
لدي قائمة طويلة من الأشياء التي يجب القيام بها، يكاد يكون من المستحيل تبرير خسارة النوم من أجل القيام بشيء لا علاقة له بتحدياتي الحالية. وأنا أعلم أن هذا هو شعور عملائي عندما أطلب منهم أن يضعوا جانبًا همومهم المباشرة وأن يركزوا على تحديات أبعد.
والسؤال الذي أسمعه كثيرًا هو: ماذا عن كل الأشياء التي أحتاج فعلًا أن أنجزها؟
أَلا أحتاج المرور إلى صندوق بريدي الإلكتروني المزدحم ومحادثاتي المُلحّة، وخطط مشاريعي من أجل خلق مساحة لأركز على ذاتي المستقبلية؟
والجواب هو لا.
هذه خدعة تمارسها شخصيتك المشغولة عليك لإبعادك عن الأشياء المخيفة التي لست بارعًا فيها بعد والتي ليست منتجة بعد.
في بعض الأحيان تحتاج إلى أن تكون غير مسؤول عن تحدياتك الحالية من أجل تحقيق تقدم حقيقي على نفسك في المستقبل. عليك أن تدع الحاضر كما هو وتهمله، إنه لن يزول ولن ينتهي أبدًا هذه هي طبيعة الحاضر. قد لا ينتهي بك الأمر بصندوق بريد إلكتروني فارغ، ربما لن تحصل على محادثة التعويض المثالية، قد لا تسعد الجميع، لكن كمدربك، أنا على استعداد للمراهنة على أنك ستفعل تلك الأشياء بشكلٍ جيد بما فيه الكفاية.
إنها الأمور الأخرى التي أقلق بشأنها، الأشياء المهمة جدًا التي لا تُنجز بسبب عدم وجود وقت أو أنها ليست عاجلة أو أنها صعبة جدًا أو خطرة أو مرعبة. هذه هي الأشياء التي أريد مساعدتك في العمل عليها وعلى الرغم من سرور سانجاي بفكرة التركيز على نفسه في المستقبل، إلا أنه يقومها؛ لأنها لا تبدو جيدة بقدر قدرتها على حل تحدياته الحالية. إنه ليس على قدر هذه المهارة بعد، ولهذا السبب هذا هو مستقبله، وهذا هو بالضبط ما يجب أن تفعله.
- ترجمة: حنان الميهوب
- تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
- المصادر: 1