اكثر من مجرد جينات ونمط حياة: تم إكتشاف عامل جديد يؤثر على وزن الجسم الزائد

ملخص المقال: ما الذي يحدد ما اذا كنا سنعاني من زيادة في الوزن؟ الى جانب نمط الحياة، قابلية الإصابة بزيادة الوزن تلعب دورًا هامًا، ولكن لا تستطيع الجينات لوحدها ان تشرح كليًا القابلية الموروثة لتراكم الوزن الزائد. تظهر دراسة جديدة ان نوع من تنسيق شيفرة الحمض النووي في جين واحد متعلق بالشبع متورط في زيادة طفيفة في خطر الوزن الزائد، على الاقل عند النساء. حيث يتم انشاء هذا “التعليم اللاجيني” في مرحلة مبكرة من الحياة الجنينية.

ان الأشخاص الذين يعانون من زيادة في الوزن، وخصيصًا هؤلاء الذين يعانون من وزن زائد بشكل مفرط جدًا، معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بعدد من الأمراض الخطيرة مثل السكري، والسرطان، وأمراض القلب، والاوعية الدموية.

إنها مشكلة صحية متزايدة الخطورة. في كل انحاء العالم، ان عدد الاشخاص الذين يعانون من السمنة في تزايد. في المنطقة الاوروبية، اثنان من كل ثلاثة بالغين (59%) يعانون من السمنة وحتى البدانة المفرطة، وذلك بحسب منظمة الصحة العالمية.

لكن ما الذي يحدد ما إذا كان الشخص سيعاني من الوزن الزائد أم لا؟ إن القابلية الجينية تلعب دورًا مهمًا، الى جانب نمط الحياة. إن التشابه في مؤشر كتلة الجسم لدى التوائم الحقيقة تتراوح بين 40 الى 70 بالمئة. حتى التوائم الحقيقية الذين تم تربيتهم عند عائلات مختلفة يظهرون نفس التشابه الملحوظ. لقد حدد العلماء عدة متغيرات جينية تؤثر على وزن الشخص، ومن ضمنها خطر الاصابة بالبدانة. ولكن حتى بعد آخذ كل العوامل، لا يستطيع العلماء شرح تلك القابلية للتوريث التي لاحظوها. بدأ العلماء بإشتباه انه يجب ان يكون هنالك عوامل لا جينية إضافية تؤثر على قابلية الشخص لإكتساب وزن زائد.

جين الشبع لا يتم تغييره، بل يتم تنسيقه:

قام باحثون، بقيادة البروفيسور بيتر كونن، مدير قسم طب الغدد الصماء لدى الاطفال في charité، بتحديد عامل معين في دراستهم الحديثة. بحسب اكتشافاتهم، يزداد خطر اصابة النساء بزيادة الوزن بنسبة 44% بشكل خاص في حال كان هنالك عدد كبير من مجموعات الميثيل الملتصقة بجين POMC (مؤيد للأوبيوميلانوكورنين)، وهو مسؤول عن الإحساس بالشبع. مجموعات الميثيل هي وحدات كيميائية صغيرة يستخدمها الجسم لتعليم الاحرف في شيفرة الDNA من أجل تفعيل او إلغاء تفعيل جينات بدون تغيير سلسلة الاحرف في الDNA. بكلمات اخرى، يكون التأثير مشابه بشكل كبير للإضاءة على جزء من النص بدون اعادة كتابة النص نفسه. يسمى هذا النوع من “تنسيق الDNA” بالتعليم اللاجيني.

من أجل هذه الدراسة، حلل فريق الباحثين تنسيق جين POMC عند اكثر من 110‪0 شخص. لقد وجدوا عدد اكبر من مجموعات الميثيل المرتبطة بجين الشبع لدى النساء البدينات، وكان مؤشر كتلة الجسم لديهن اكثر ب35 من النساء ذوات الوزن العادي. يقول كونن “تعد زيادة في خطر البدانة بنسبة 44% تقريبا تشبه التأثير الملحوظ للمتغيرات الجينية الفردية.

بالمقارنة، تملك العوامل الاقتصادية والاجتماعية تأثيرا اقوى بكثير يمكن له ان يزيد من خطر السمنة بنسبة 2 الى 3 بالمئة. ولكننا لا نعلم بعد لماذا يظهر تأثير زيادة مجموعات الميتيل فقط لدى النساء “.

يتم تنسيق جين POMC في مرحلة مبكرة من التطور الجنيني. كما اظهر الباحثين عبر مقارنة انماط مجموعات الميثيل لدى اكثر من 15 زوج من التوائم الحقيقة وغير الحقيقة. على الرغم من ان تنسيق جين الشبع هو نفسه لدى معظم التوائم الحقيقة، إلا أنه لا يوجد تقريبًا اي إرتباط لدى التوائم غير الحقيقة. “إن هذا الأمر يشير الى أنه يتم انشاء التعليم اللاجيني لجين POMC بعد اندماج خلايا النطفة والبويضة بفترة قصيرة، قبل ان تنقسم البيضة الملقحة الى جنينين توأمين”، هكذا تشرح لارا لشنر، الكاتبة الاولى للدراسة، وهي تعمل في قسم الغدد الصم للاطفال. وهذا يعني بان المراحل الأولى من الحمل مهمة جدًا.

ما الذي يؤثر على التنسيق؟

لكن ما الذي يؤثر على عدد مجموعات الميثيل التي ترتبط بجين الاشباع، وكنتيجة لذلك، تؤثر على خطر أن الشخص سيصبح بدينا؟ تشير دراسات سابقة أن وجود أو غياب بعض العناصر الغذائية التي تزوّد مجموعات الميثيل قد يملك تأثيرًا على العمليات اللاجينية. تتضمن هذه العناص الغذائية البيتين، والميثونين، وحمض الفوليك، ويتم امتصاصها جميعا عادة من خلال النظام الغذائي للشخص. تسمح طريقة مطوّرة حديثًا، وتتضمن خلايا جذعية بشرية فريدة لباحثي charité بأن يحاكوا مخبريا كيفية تحديد الانماط الميثيلية خلال التطور الجنيني وكيفية تأثير العناصر عليها.

-علّق كونن “من جهة، تظهر دراساتنا ودراسات اخرى أيضًا ان حمض الفوليك، والبيتين، وعناصر غذائية أخرى تملك تأثيرًا محدودًا على مدى إضافة مجموعة ميثيل. لقد لاحظنا أن نظام تنسيق الDNA مستقر جدًا بشكل عام، حيث ان الخلايا تعوض التقلبات الطفيفة في إمدادات المواد الغذائية. ولكن من جهة أخرى، هنالك مؤشرات بأن تقلبات هذا التنسيق تتطور بشكل عشوائي، هذا يعني بأنه من غير الممكن، على الاقل حاليًا، أن يتم التأثير خارجيًا على ما إذا كان الشخص يملك عدد اكبر او اقل من مجموعات الميثيل المرتبطة بجين POMC.

قد تفيد الادوية:

على الأقل نظريًا، ممكن إعطاء أدوية للنساء اللواتي يعانين من مخاطر متزايدة بالإصابة بالسمنة بسبب عدد مجموعات الميثيل الكبير المرتبطة بجين POMC لمساعدتهن في خسارة الوزن، كما تقترح دراسات أولية على 4 نساء سمينات بشكل مفرط ورجل واحد ولديهم نفس نوع التنسيق لجين الشبع.

تم اعطاءهم دواءًا معينًا يتحكم بشعور الشبع ومتّفق عليه لعلاج مرضى البدانة ذوي الطفرة في جين POMC.

خلال 3 اشهر من بدء العلاج، شعر الاشخاص الخمس جميعا بجوع اقل.

وقد فقدوا 7 كيلوغرامات كمتوسط، او حوالي 5 بالمئة من وزن جسمهم. وبعضهم اكمل العلاج واستمر بفقدان الوزن.

يقول كونن “تظهر هذه الإكتشافات كبداية ان جين POMC الذي أجري عليه تغييرات لاجينية من الممكن حقيقةً ان يتم علاجه عبر الأدوية. سنحتاج الى المزيد من الدراسات الخاضعة للرقابة حتى نظهر فيما إذا كان العلاج بهذا الدواء سيكون ايضًا فعّالًا على المدى البعيد، وإذا كان كذلك، من اجل تحديد مدى فاعلية وأمان هذا النوع من العلاج. ولكن إجمالًا، بجب ان يكون هذا العلاج مجرد جزء من تقنية علاج كاملة”.

  • ترجمة: كريم عبد الرحمن
  • تدقيق لغوي: سفوك حجي
  • المصادر: 1