لماذا يجب ألّا تكذب في مقابلة العمل؟

غالباً يتم التركيز على مصطلح (سوّق نفسك) عندما يتعلّق الأمر بمقابلات العمل. يتفق معظم الخبراء المهنيين على أنّ المرشحين الأفضل هم من يعرفون كيف يروون القصص التي تشير إلى خبرتهم بطريقة تثبت أنّهم يستطيعون النجاح في العمل المُوّكل إليهم.

ربما تساءلت عند لحظة معينة هل بإمكاني المبالغة بإخبار الحقيقة خلال مقابلتي وهل من المقبول أن أُعيد صياغة أعمالي ومسؤولياتي السابقة لإثارة إعجاب موظفيِّ؟ وقد يبدو من المغري أن نبالغ بتقديم أنفسنا في عدة أماكن ولكن من المهم أن نأخذ بعين الاعتبار النتائج والعواقب التي يمكن أن تحدث نتيجة ذلك.

خلال عملي كمدرب مهني ومرشد، لم أشجع أبداً طلابي وعملائي على الكذب خلال مقابلات عملهم. وبهذا نقول أنّ سرد القصص بطريقة احترافية ومقنعة فعلاً مهارة. وبأنّ هناك خط دقيق فاصل بين إيجاد الجواب المقنع وبين الكذب. وإذا كنت تجد صعوبة في الاستدلال على ذلك الخط، يجب أن تعلم أنّ هناك طريقة لتخطي الأسئلة الصعبة دون المجازفة بأخلاقياتك المهنية. والآن سوف نمر ببعض الأسئلة الشائعة التي يمكن أن تقابلها خلال مقابلاتك وكيف عليك أن تجيب عليها بطريقة تضمن لك النجاح.

ما هو مرتبك الحالي؟

نعم سوف نبدأ بأكثر سؤال مخادع يمكن أن يقابلك وله علاقة بالموضوع المحبب لدى الجميع ألا وهو: المال.

عندما يطرح شخص ما هذا السؤال قد يغريك أن تزيد من دخلك الحالي بغرض تحفيز مدير التوظيف على تقديم عرض أفضل لك.

الطريقة الأضمن هنا أن تقلب السؤال عليهم وأن توّضح مدى اهتمامك بالعمل وقدرتك على التفاوض في حال كنت مناسباً للمنصب.

يمكنك القول على سبيل المثال بأنه “بينما الراتب هو مأخذ مهم بعين الاعتبار ولكن تركيزي منصب على إيجاد الفرصة المناسبة لمشاركة مهاراتي وتنميتها احترافياً”. أحب أيضًا أن أتعلم أكثر عن طبيعة العمل والمسؤوليات التي تتبعها. وإذا كانت مناسبة فحينها فقط سوف نتناقش بأمور المعاش وسيكون من المساعد أيضًا مشاركتك لي بالميزانية الموضوعة من طرفك وحينها سنتفق. “.

وإذا لم يكترث مدير التوظيف، يوجد طريقة أخرى يمكنك أخذها في الحسبان، حتى تعرف ما هو سلم الرواتب. على سبيل المثال قُل أنّك تجني سنوياً 75000$ ولكنّ المنصب الذي تشغله له قيمة سوقية تُقدّر ب 85000$.

بإمكانك القول: “تبعاً لخبرتي وأبحاثي، فأنا حالياً أُجري مقابلات مع شركات أخرى لمناصب يتراوح مرتبها بين 85000$ إلى 95000$. هل هذا يماشي ميزانيتك لهذه الفرصة؟”.

وبكلا الحالتين أنت لست كاذب، بل تناور السؤال بمرونة ومهنية فاتحاً المجال لموظفّك بأن يعرف نيتك بالعمل معهم.

لماذا تركت وظيفتك الأخيرة؟

يمكن أن يكون سؤالَا صعبًا خاصةً إذا كنت قد طردت أو تم تسريحك، قد يخبرك حدسك بإخفاء حقيقة أنه تم ترحيلك من عملك.

أشجعك في هذه المواقف الحرجة على أن تكون صادق وأن تٌركّز في نفس الوقت على النقاط الإيجابية، مثل أنّك تريد الانطلاق قدماً ومتحمس بخصوص فرصك الجديدة.

وضع في عين الاعتبار أنّ معظم الناس ستكون متفهمة حيث أنّ أكثر من 200,000 شخص قد تم تسريحهم منذ بداية 2023.

لذلك إن كذبت بخصوص ذلك، فإنّ أيّ مسؤول عن التوظيف سوف يعتبرها إنذار.

هذا مثال عما يمكنك قوله: “بينما استمتعت خلال السنوات الثلاث التي قضيتها في هذه الشركة، وعندما اقتربت فترة نهاية عملي، أعلنت الشركة أنها تمر ببعض المشاكل المالية. وبهذا قد تم إنهاء وظيفتي إلى جانب بعض من الزملاء في قسم التسويق.

ومع ما قيل سابقاً، إنّي أراها نعمة، لأنني كنت أشعر أنني وصلت لنهاية مسدودة بخصوص تطويري لنفسي. ولهذا أنا متحمس لإنتهاز هذه الفرصة ومتابعة تطوري كمدير للتسويق “.

وعلى نحو مماثل، فإذا كان تركك للعمل بسبب ظروف سلبية، عليك وقتها أن تُركّز على الإيجابيات مثل ماذا تعلمت ولماذا لم يتماشى المنصب الأخير مع أهدافك وهل تظن أنّ المنصب الجديد مناسب؟.

ولتعلم أنّ التحدث بشكل سيء عن رب عملك السابق لن يترك أيّة انطباعات جيدة لدى مقابليك، فقد يخشوا أنك قد تفعل بهم المثل مستقبلاً. وهذه بعض التوصيات لهذا السيناريو:

“بعد تسعة أشهر من العمل مع الفريق، انتهى توظيفي في تموز عام 2022 وقد تعلمت الكثير بالرغم من قصر الفترة معهم، ولكن في النهاية هذا لم يكن يناسب كلينا، فقد كانو يبحثون عن شخص متخصص أكثر في وسائل الإعلام المدفوعة في حين أنّ مجال خبرتي كان إدارة المحتوى وتحسين محركات البحث SEO.

تعلمت أيضاً أنّني فعّال أكثر مع الفريق الأكثر عدداً، وهذا أحد الأسباب التي جعلت هذه الفرصة تظهر أفضل ما لدي من خبرات في التسويق الإلكتروني. “.

إضافةً لذلك، لا تنسى أن تلقي الضوء على إنجازاتك التي حققتها خلال فترة عملك، من المهم هنا أن تنتبه على نبرة صوتك وطريقتك بإيصال الفكرة. يمكنك التأكيد أيضا على أنك جاهز للمضي قدماً والالتزام مع شركتك الجديدة.

كيف كانت تجربتك مع مديرك السابق؟

كما أنّه من غير المرغوب أن تتكلم سلبياً عن رب عملك السابق، من الخطأ أيضًا أن تتكلم بشكل سيء عن مديرك السابق حتى لو كانت ميرندا بريسلي من The devil wears prada، عليك أن تُركّز أكثر على كلامك الايجابي عن عملك، لذا فكيفية إجابتك على هذا السؤال سوف توضّح لمدير توظيفك هل يراك كشخص يمكنه العمل معه مستقبلاً أم لا.

وتذكر أنّ مدير التوظيف ليس لديه فكرة عن طبيعة عملك السابقة ولذلك إن تحدثت بالسلبيات فقط، قد يساء فهمك وتعطي نظرة سلبية عنك، وهذا مثال لكيفية إخبار قصتك:

“لقد سنحت لي الفرصة خلال حياتي المهنية أن أعمل مع عدة مدراء من خلفيات وعقليات مختلفة، وكان كل منهم يظهر شخصيته القيادية الفريدة بطريقة مميزة، في وظيفتي الأخيرة، عملت مع مديرة بعقلية (اللاأعذار) وتعلمت منها الكثير، خاصة في مجاليّ إدارة المشاريع وإخراج الحملات”.

والآن ماذا لو سألوك عن تجربة سيئة قد مررت بها مع مدير سابق؟ سأشارك معك الآن خطة يمكنك أن تتبعها لروي قصتك:

أولا لنوضح الصورة وذلك باختيارك لموقف تعلمت منه شيئًا وتبدأ بإعداد القصة من خلال السرد:

“خلال عملي السابق، واجهت موقفاً صعباً مع مديري الذي أتشارك معه عدة وجهات نظر مختلفة بخصوص مشروع كنا نعمل عليه، وقد كانت لحظات يشوبها التوتر حيث أراد كلانا النجاح للمشروع ولكن انقطعت سبل الوصال بيننا”.

و الآن ننتقل للخوض في التفاصيل وذلك عبر الإشادة باستجابتك للوضع المذكور ملتزماً بالحقائق، لا المشاعر، وإبقاء سردك للقصة مهنياً بحت.

“ولهذا بادرت ورتبت اجتماع فردي مع مديري وناقشنا وجهات النظر ووصلنا لحل يرضي جميع الأطراف”.

ولتنهي القصة، عليك شرح مالذي تعلمته من تلك التجربة:

“لقد تعلمت أهمية التواصل الدائم مع المدير والتمهل، وأيضا العمل يداً بيد مع مديري إن بدأت الأمور بالخروج عن السيطرة.

ما هو مدى خبرتك مع هذه المهارة أو البرنامج؟

ماذا لو لم يكن لديك تلك الخبرة التي يبحث مسؤول التوظيف عنها؟ ماذا لو لم تعمل مسبقاً على البرنامج الذي يستخدمونه يومياً؟

قد يخبرك بعض الناس ان تتظاهر بالنجاح حتى تصل لكنني رأيت نتائج ممتازة من مرشحين قد اتبعوا طرق أفضل، في هذه الحالة، أنصحك بالاعتراف أنّك عازم على التعلم والتطور في المجال الذي يقترحونه، وبعدها حاول أن تغيّر مجرى الحديث إلى الخبرات التي تمتلكها والتي من شأنها أن تترك انطباعًا مميزًا وحاول فعل ذلك بثقة كبيرة وعقل منفتح.

وكمثال على ذلك، لنقل أنّك مسوّق رقمي وتقدمت لوظيفة بمنصب أعلى، وسألك مسؤول التعيين إن كنت على علم ببرنامج Notion. يمكنك القول عندها: “كمسوّق رقمي خبير ب SEO، إدارة المحتوى ووسائل الإعلام عملت باستخدام عدة برامج مثل Asana, Monday وSlack.

بينما لم تتح لي الفرصة العمل على برنامج Notion لكنني واثق أنني أستطيع مجاراته بسرعة ومتحمس جداً لبدء العمل عليه.

معظم الموُظفين يحترمون الأشخاص الراغبين بالتعلم والمتخلين عن غرورهم رغم معرفتهم الواسعة.

تعلم الشركات أنّه من المستحيل إيجاد مرشحين مناسبين للعمل بنسبة 100%، نصيحتي الأهم هنا بدلا من المبالغة بإخبار الحقيقة، عليكم مشاركة مميزاتكم ومهاراتكم والتركيز على القصص التي تريد حقا مشاركتها.

من الصحيح أنّ أسئلة المقابلات هذه صعبة، ولكنّ التحضير الجيد والثقة العالية، سوف تثبت لهم أنّك الشخص المناسب في المكان المناسب.

  • ترجمة: ريم الاحمد
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1