إلى أيٍّ حدٍّ يُعتبر تتبع الشريك عبر الإنترنت أمرًا خاطئًا؟

ربما يكون هناك دوافع إيجابية لبعض الشركاء في التركيز على اهتمامهم ببعض بوجهٍ مستقل وبمعزلٍ عن الآخرين. فقد أصبح من السهل البقاء على تواصل مستمر مع شريكنا الرومنسي كثيرًا مع توفر الأجهزة المحمولة، ونظرًا لعدم وجود قيود على وسائل التواصل، على خلاف العالم الواقعي، يمكن للشركاء البقاء على تواصل مستمر ومعرفة آخر أخبار حياتهم، سواء من خلال الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي.

تُستخدم أحيانًا المصادر الإلكترونية نفسها للمعلومات لتتبع أنشطة الشريك وتفاعلاته. ويُطلق على ذلك مصطلح “تتبع الشريك الإلكتروني”.

ومع ذلك، يثير تتبع الشريك الإلكتروني جدلًا في الأدب العلمي. وفي كثيرٍ من الحالات، يُعتبر تتبع الشريك عبر الإنترنت بوجهٍ خاص ضارًّا، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن هذا النوع من المراقبة يمكن أن يؤثر سلبًا على الصحة العقلية للشريكين ورضاهم عن العلاقة (للاطلاع على نظرة عامة على هذا الموضوع في الأدب العلمي، يُمكن مراجعة كاريداد وآخرين، 2019).

وفي الحالات المتطرفة، يمكن أن يكون تتبع الشريك الإلكتروني مرتبطًا بالعنف النفسي والجسدي في العالم الواقعي (مثل شوكنبروك وآخرون، 2022).

من يعتبر المراقبة الإلكترونية للشريك مؤذية ومن لا يعتبرها كذلك؟

تشير نتائج الدراسات إلى أن مراقبة الشريك إلكترونيًا يمكن أن تكون مؤذية وتحمل عواقب سلبية، إلّا أن العديد من الدراسات العلمية تشير إلى أن معظم الأشخاص الذين يمارسون هذه السلوكيات لا يعتبرونها مؤذية (لوسيرو وآخرون، 2014).

ويبدو أن بعض الأشخاص يعتبرون مراقبة الشريك أمرًا طبيعيًا، إذ أن التحقق من هاتف الشريك ومراسلاته في نظرهم أمرًا مألوفًا (ستونارد وآخرون، 2017)، وبعض الشباب يفسرون السلوكيات على أنها “دليل على الحب” (بوراجو وآخرون، 2015).

يُعزى عدم اعتبار الأشخاص الذين يتعرضون لهذه السلوكيات أنها مؤذية لعدة عوامل، مثل زيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) (فيليبس وكليست، 2022)، وارتفاع التوقعات بالتواصل المستمر (بيستنغ وآخرون، 2023)، وتأثير تعميم ممارسات مراقبة الشريك الإلكترونية في تقبل الناس لهذه السلوكيات واعتبارها أمرًا طبيعيًا وشائعًا.

ومع ذلك، هناك تفسير آخر يقدمه أشكرافت (2000)، يشير إلى أن أحد الأسباب التي قد تجعل من الصعب تحديد التحرش وسلوكيات التحكم كسلوكيات عنف هو حقيقة أن اللغة المستخدمة لوصف العنف تركز عادة على الأفعال الجسدية. وهذا يجعل أشكال العنف غير الجسدية في العلاقات الحميمة، مثل مراقبة الشريك الإلكترونية، أمرًا صعبًا في التعرف عليها.

في الواقع، أظهرت الدراسات الأخيرة أن الشباب في العينة البحثية لم يتعرفوا على بعض السلوكيات العنيفة ولم يعتبروا السلوكيات التي تظهر السيطرة والغيرة أمرًا مقلقًا (ريبولو-كاتالان ومايور-بوزون، 2020).

هل يمكن أن تكون بعض هذه السلوكيات من المراقبة بريئة أحيانًا؟

نستطيع أن نتأمل في تطبيع مراقبة الشريك الإلكترونية بأنها ليست كلها مدفوعة بالشك وعدم الثقة أو الغيرة. في بعض الحالات، قد تكون المراقبة للشريك تعبيرًا عن الالتزام والرعاية.

على سبيل المثال، متابعة نشاطات الشريك على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون وسيلة للبقاء على اتصال بعالمهم. ومن ناحية أخرى، فإن التحقق من موقع الشريك يمكن أن يكون وسيلة للتأكد من سلامتهم وأمانهم.

وأظهرت دراسة أخيرة للبالغين الفلمنكيين أن الرغبة في مراقبة الشريك ليست مقبولة لدى معظم الأشخاص، ولكن معظم الأسباب التي يتصورون أنها قد تدفعهم لممارسة هذه السلوكيات تتعلق بالرعاية (على سبيل المثال، التحقق مما إذا كان الشريك قد وصل إلى المنزل بأمان) أو أسباب عملية تتعلق بإدارة المنزل (على سبيل المثال، تقدير وقت البدء في الطهي استنادًا إلى موقع الشريك في الوقت الفعلي) (ديريمايكر وآخرون، 2022).

بالإضافة إلى ذلك، في بعض العلاقات، تحدث مراقبة الشريك الإلكترونية بموافقة الثنائي، إذ يتفق الشريكان على مراقبة نشاطات بعضهما على الإنترنت وخارجها.

ماذا يعني هذا للأزواج؟

يعارض معظم الأشخاص ممارسات مراقبة الشريك عندما يتعرضون لها للمرة الأولى وهذا يعتبر أمرًا طبيعيًا جدًا. ومع ذلك، إذا اعتبرنا مراقبة الشريك تكون ممارسة سيئة النية، فإن ذلك يعني أننا نغفل عن وجهات النظر الأخرى المهمة والمُعتبرة التي تصوّر صورة أقل خبيثة.

وما يزيد من أهمية وجهات النظر الأخرى هو أن ما يصلح لبعض الأزواج قد لا يكون مناسبًا للبعض الآخر. في حين أن التكنولوجيا الرقمية حاضرة في حياتنا اليومية، إلا أننا لم نتلقَ بعد دليلًا واضحًا حول كيفية بناء وتوجيه العلاقات الصحية في هذه البيئات المتغيرة والمتشابكة بين العالم الافتراضي والعالم الواقعي.

وغالباً يحاول معظم الأشخاص ببساطة أن يكتشفوا عن طريق التجربة والخطأ، ما يناسبهم ويناسب علاقاتهم.

ومع ذلك، فإننا نعلم أنه من أجل مصلحة الشريكين والعلاقة، يجب استخدام ممارسات مراقبة الشريك الإلكترونية بطريقة تحترم خصوصية الطرفين واستقلاليتهما، وتتيح لكل شريك حرية التعبير عن رأيه ومشاركة اقتراحاته بما يناسبه ويناسب العلاقة بينهما.

  • ترجمة: هالة جوردي
  • تدقيق لغوي: غفران التميمي
  • المصادر: 1