أقطاب الشمس المغناطيسية تختفي

إِن الأقطاب المغناطيسية للشمس، على وشك أَن تنعكس؛ وذلك كجزء من دورة نشاط البقع الشمسية المنتظمة التي تستمر 11 عام.

أقطاب المجال المغناطيسية للشمس تتلاشى ولكن لا داعي للذعر، إنه جزء من دورة نشاط نجمنا المضيف المعتادة.

على مدى الأعوام الماضية، تَزايد النشاط الشمسي مقاسًا بعدد البُقع الداكنة على سطح الشمس؛ مع تزايد الانفجارات الشمسية مثل توهجات الإشعاع الكهرومغناطيسي، وقذف نقط البلازما. هذه العواصف الشمسية قدمت عروضًا شفقية مُذهلة وانقطاعًا عَرضيًا للراديو.

الأمر الأقل وضوحًا لساكني الأرض، هو أن هذا النشاط الشمسي أَدّى بشكلٍ مُذهل أَيضًا إلى تآكل المجال المغناطيسي السائل للشمس؛ ونتيجًة لذلك فقدت أقطاب نجمنا شحنتها تقريبًا. ويقول العلماء أَنهُ مع توالي الأشهر، سينعكس المجال المغناطيسي ثم يقوى تدريجيًا مع تلاشي النشاط الشمسي.

تقول (ليزا إبتون) عالمة الطاقة الشمسية في معهد أبحاث الجنوب الغربي في بودلر كولورادو: «في الوقت الحالي، يبدو أَن الحقول المغناطيسية للشمس متزامنة بشكلٍ جيد إلى حدٍ ما» وتُضيف: «إنها تقترب من الصفر وتصبح ضعيفة جدًا، لكننا لم نصل بعد إلى مرحلة الانعكاس الكلي».

إِن الانعكاس القطبي سيمثل النقطة الوسط لعملية بدأت حوالي ديسمبر 2019 عندما كانت الشمس في أهدأ حالاتها. مع صعوبة رؤية البقع الشمسية. عند هذه النقطة، فإن المجال المغناطيسي للنجم كان منظمًا كثنائي قطب مرتب نسبيًا، بحيث أًحد الأقطاب مشحون بشحنة موجبة والآخر بشحنة سالبة.

ولكن على عكس المجال المغناطيسي للأرض أو للمغناطيس العادي، فإن مغناطيسية الشمس غير منتظمة وعالية الميوعة حتى خلال مرحلة ثنائي القطب. يقول (تود هويكسما) عالم الطاقة الشمسية بجامعة ستنافورد: «إنها ليست إيجابية بشكلٍ منتظم، إنها مكوّنة من مجموعة من مناطق التدفق الصغيرة، وهي بمجملها ذات قطبية واحدة وليست بثنائية، وإنه نوعا ما ديناميكي—إنه يتغير».

إِن مرحلة ثنائي القطب عابرة، وبدوران الشمس، على ما يبدو إِن الحقل المغناطيسي يعوّج ويقوى. إِن الحقل المغناطيسي يرتفع باتجاه سطحها عادةً بالقربِ من خط استواء الشمس، بحيث يظهر على شكلِ بقع شمسية.

تظهر البقع الشمسية داكنة؛ لأن المغناطيسية الزائدة تمنع انتقال الحرارة إلى المنطقة؛ مما ينتج منطقة أكثر برودة والتي تتوهج بشكلٍ أقل من بقية سطح الشمس.

كل بقعة شمسية تكون على شكل زوج، أحدهما موجب والآخر سالب. تتبدد هذه الأزواج المغناطيسية في الغالب -ولكن ليس بالكامل- مع اضمحلال البقع الشمسية، تاركًة القليل من التدفق المغناطيسي إما بشحنة موجبة أو سالبة. المغناطيسية في نصف مُعين من الكرة الشمسية، تكون معاكسة للقطبية في النصف الآخر لها. ومع تحرك المواد حول الشمس، تغادر هذه البقايا نحو قطب ذلك النصف؛ مما يلغي القليل من المجال المغناطيسي الموجود هناك.

إِن التدفق المغناطيسي المتبقي من زوج واحد من البقع الشمسية، لا يحدث فرقًا كبيرًا، ولكن خلال الفترة الأكثر نشاطًا للدورة الشمسية يمكن للشمس أن تتخطى 100 بقعة شمسية بسهولة في أي لحظة. ومع تشكل هذه البقع وتلاشيها، تتراكم الشحنات الصغيرة المتبقية تدريجيًا عند القطبين وتلغي قطبيتها. يقول هوكسيما: «يمكن التقليل من القطبية المغناطيسية في هذه القطب».

ومع ذلك، يمكن أَن تكون العملية صعبة؛ اعتمادًا على نشاط الشمس وجوانب المجال المغناطيسي التي لم يتمكن العلماء من التنبؤ بها بعد. «هذا لا يحدث بطريقة منظمة» تقول إبتون عن مغناطيسية الشمس المتغيرة: «إنها ليست عملية سلسلة».

ولكن عند هذه النقطة، وبعد عدة سنوات من نشاط البقع الشمسية الذي قضى تقريبًا على الأقطاب المغناطيسية للنجم، فإن الانعكاس يلوح بالأفق. يقول (سانجاي غوسين) عالم الطاقة الشمسية في المرصد الوطني للطاقة الشمسية: «الشمس نشطة للغاية الآن».

«إذا استمر الأمر على هذه النحو، فأعتقد أنه في غضون ستة أشهر أو قرابة ذلك، سنرى أن القطبية ستنقلب تمامًا».

وينتظر العلماء بفارغ الصبر أن يروا كيف ستتطور عملية الانعكاس. يقول هوكسيما: «إنه ليس شيئًا فوريًا، ولا يحدث في كل مكان في نفس الوقت». ففي الدورة الشمسية الأخيرة على سبيل المثال، بدأت قطبية النصف الشمالي للشمس بالانعكاس في أوائل يونيو/حزيران 2012 ثم بقيت تدور حول النقطة المحايدة حتى أواخر عام 2014.

على الرغم من أَن النصف الجنوبي انتقل بسلاسة إلى القطبية المعاكسة في منتصف عام 2013. يبدو أن القطبان يتحركان بشكل أكثر توازنًا هذا العام. يقول هوكسيما: «لا أعرف من سيبدأ أولًا إنه كسباق الخيل».

ويقول العلماء إن انعكاس الأقطاب المغناطيسية يشير عادةً إلى أَن الحد الأقصى للطاقة الشمسية يقترب، وإن أَعداد البقع الشمسية ستبدأ في التلاشي. وهذا يتناسب مع التوقعات السابقة بأن هذه الدورة الشمسية ستكون ضعيفة نسبيًا، على الرغم من أَنها ربما أقوى قليلًا من الدورة السابقة والتي بلغت ذروتها في أبريل/نيسان 2014.

تقول إبتون: «يبدو أن الحقول القطبية ستنعكس على الأرجح في عام 2024. ويبدو أيضًا أن الحد الأقصى للدورة الشمسية سيكون على الأرجح في عام 2024».

وتُضيف: «كل هذا يصطف حقًا بطريقة نموذجية ومعيارية للغاية. الشمس في الواقع تتصرف بشكلٍ جيد في هذه الدورة».

في السنوات المُقبلة، ستستمر البقع الشمسية في إضافة مغناطيسيتها المتبقية إلى تجمع الشحنات الجديد الذي ينمو عند كل قطب من قطبي الشمس؛ مما يعزز الحقول الجديدة ويعيد إنشاء حالة ثنائي القطب التي شُوهدت آخر مرة في عام 2019. هذه المرة ستحدث حالة ثنائي القطب حول مطلع 2030. وحول الحد الأدنى للطاقة الشمسية، سيبدأ العلماء بالتنبؤ بما قد يحدث خلال الدورة الشمسية القادمة والتي من المتوقع أن تبلغ ذروتها في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.

لكن في الوقت الحالي، يسعد العلماء أن يروا كيف سيتكشف هذا الانعكاس القطبي. يقول هوكسيما: «من المثير للاهتمام دائمًا أن نرى كيف ستسير الأمور فعليًا، إنهُ لا يتكرر أبدًا مرتين».

  • ترجمة: منهل زريقة
  • تدقيق علمي ولغوي: فاطمة قائد
  • المصادر: 1