أدوية شائعة لإنقاص الوزن والتأثيرات الجانبية المرافقة لها

شهد علاج السُّمنة تطورًا ثوريًا باستخدام أدوية جديدة مثل سيماغلوتيد وتيرزيباتايد. أدت هذه الأدوية إلى فقدان وزن ملحوظ في التجارب السريرية -يقارب وسطيًا 21% من وزن المشاركين- كما أظهر أيضًا عقار سيماغلوتيد انخفاضًا في مخاطر حدوث مشاكل قلبية وعائية خطيرة، الأمر الذي عدّه المختصّون نتيجةً ثورية.

لكن، مع زيادة الطلب على الأدوية، تنامى الاهتمام في التحري عن تأثيراتها الجانبية المحتملة.

نظر الباحثون في المشاكل الهضمية وخسارة الكتلة العضلية المرتبطين بهذه الأدوية وشاركوا بعض النتائج في وقت سابق هذا الشهر.

“المشاكل الهضمية”

يُقلّد الجيل الأحدث من الأدوية المكافحة للسُّمنة تأثير هرمون يدعى الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1 (GLP-1)، المرتبط بتنظيم الشهية. وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عام 2017 على استخدام عقار سيماغلوتيد واسمه التجاري “أوزمبيك ozempic” في علاج النمط الثاني من الداء السكري، وعلى استخدامه لاحقًا عام2021 في علاج السُّمنة واسمه التجاري “ويغوفي wegovy”.

كما وافقت على استخدام عقار تريزيباتايد، الذي يُسوَّق تحت المسمّى التجاري “مونجارو mounjaro” عام 2022 في علاج الداء السكري. كما يوصف أيضًا بشكل غير مصرّح به لخسارة الوزن.

نظرت رسالة بحثية نُشرت الأسبوع الماضي في مجلة “جاما” في عينة من الأشخاص الذين يعانون من السُّمنة ضمن قاعدة البيانات التابعة لإحدى شركات التأمين الصحّي. ووجد الباحثون أنّ معدّل حدوث التهاب البنكرياس كان أعلى ب4.6 مرة لدى المرضى الذين يتناولون عقار سيماغلوتيد مقارنةً بالمرضى الذين يتناولون أدوية أخرى لا تُقلّد تأثير (GLP-1). كما وجدت الدراسة أيضًا أنّ سيماغلوتيد وليراجلوتايد (عقار آخر يعتمد نفس آلية التأثير) قد ارتبطا بازدياد حوادث خزل المعدة -اضطراب يؤدي إلى تباطؤ أو توقف حركة الطعام من المعدة إلى المعي-.

أظهرت الدراسات السريرية سابقًا ارتباطًا بين أدوية (GLP-1) والتأثيرات الجانبية الهضمية بما فيه الغثيان والإمساك وحالات نادرة من التهاب البنكرياس. يقول الأستاذ مهيار اتمينان (عالم في قسم الأوبئة في جامعة كولومبيا البريطانية في ڤانكوڤر-كندا وكاتب في مجلة جاما): “الجديد في هذا، أنّنا في الواقع سجّلنا عدد الحالات التي عانت من التأثيرات الجانبية”.

يقول د. جيم ألماندوز (أخصائي الغدد الصم في جامعة تكساس، المركز الطبي الجنوبي الغربي في دالاس): لأنّ الدراسات السريرية تميل إلى استبعاد المشاركين الذين لديهم مخاطر أكبر للإصابة بحالات مرضية معينة، فإنّ الدراسات الوبائية تستطيع تزويدنا برؤى أفضل حول المضاعفات التي قد تحدث على أرض الواقع.

يقول د. دانيال دروكير (أخصائي الغدد الصم في جامعة تورنتو في كندا): لكن يوجد في هذه الدراسة عائق مهم، إذ أنها تعتمد على التشخيص المدوّن في استمارة المريض الصحية، والذي قد لا يكون دقيقًا دومًا، ويتابع: قد يدوّن الطبيب حالة التهاب بنكرياس، وبهذه البساطة نجد هذا التشخيص في استمارة المريض، ولا يوجد أيّة دراسة دقيقة تضمن صحة هذا التشخيص.

تقول د. مارلين تان (أخصائية الغدد الصم في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا): أنّها تشاور بشكل روتيني المرضى الذين يعانون من الداء السكري حول التأثيرات الجانبية الهضمية لأدوية (GLP-1). على أيّ حال، تشير د. مارلين إلى أنّه مع تزايد عدد العاملين في القطاع الصحي من غير المختصين بعلاج الداء السكري والسُّمنة الذين يصفون هذه الأدوية، فإنّه من غير الواضح هل يتم إعلام هؤلاء المرضى بشكل كامل حول المخاطر المحتملة.

“التأثير على الكتلة العضلية”

في هذه الأثناء، يبدو أنّ فقدان الكتلة العضلية يشكّل مصدر قلق للشركات الدوائية التي تطور الأدوية المكافحة للسُّمنة.

تقول شركة Eli Lilly المنتجة الأولى لعقار تريزيباتيد Trizepatide والمالكة الحالية لشركة Versanis التي تُطوّر عقارًا يدعى بيماغروماب bimagrumab، الذي يتم اختبار قدرته على حفظ الكتلة العضلية أثناء خسارة الوزن بالمشاركة مع عقار سيماغلوتيد.

يقول دروكير: أظن أنّه من الممكن أن نبدأ برؤية بعض الأشخاص الذين يعانون ممّا يدعى بالسُّمنة الساركوبينية، مشيرًا إلى مزيج من السُّمنة وانخفاض الكتلة العضلية، ولا نعلم كم سيكون تواتر هذه الحالة، الأمر الذي نحتاج أن نراقبه بدقة.

عرضت البيانات المُقدمة الأسبوع الماضي في الاجتماع السنوي للرابطة الأوروبية لدراسة الداء السكري في هامبورغ-ألمانيا تأكيدات لما سبق. واستخدم باحثون من بينهم باحثون من شركة Eli Lilly التصوير بالرنين المغناطيسي لتقييم التغيرات في تركيب الجسم التي شوهدت لدى الناس الذين يتناولون عقار تريزيباتيد، واستنتجوا أنّ فقدان كتلة العضلات الهزيلة لم يكن أكثر من المتوقع نظرًا للوزن المفقود.

“حساب المخاطر”

يقول الأخصائيون أنّه يمكن منع أو تدبّر كلاً من التأثيرات الجانبية الهضمية ومشاكل خسارة الكتلة العضلية من خلال التعديل المناسب على النظام الغذائي وممارسة نشاطات جسدية واستخدام أدوية أخرى. يقول ألماندوز: يتعلّق الأمر برمّته بتثقيف المرضى حول مخاطر هذه الأدوية إضافةً إلى تثقيف العاملين بالقطاع الصحّي الذين سيصفون هذه الأدوية.

لكن، يقول الباحثون ما زال هناك الكثير لنتعلمه حول التأثيرات الجانبية لهذه الأدوية على أرض الواقع بعيدًا عن الحالات الخاضعة لشروط ضمن الدراسات السريرية. يشير دروكير إلى أنّ أدوية (GLP-1) قد دُرست غالبًا لدى مرضى يعانون من النمط الثاني من الداء السكري أو من السُّمنة. أمّا بالنسبة للأشخاص خارج هاتين المجموعتين (الأشخاص الذين يريدون خسارة الوزن لأسباب جمالية فقط مثلًا) فلا يوجد ما يكفي من المعلومات حول المخاطر والفوائد، ويقول بأنّ هناك فجوة كبيرة في المعلومات المتعلقة بهؤلاء، وليس لدينا فكرة فيما إذا كان ملف التأثيرات الجانبية سيبقى نفسه.

ويشير دروكير إلى أنّ الفوائد تفوق بكثير المخاطر بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السُّمنة. ويتابع دروكير: قد يُشكّل الأمر مشكلة عندما يُسلّط الضوء على التأثيرات السلبية لهذه الأدوية ويتم تجاهل الكم الهائل من المعلومات المُتعلّقة بفوائدها.

  • ترجمة: سالي خيربك
  • تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
  • المصادر: 1