إهدار 9 مليارات دولار- فشل 40 عامًا من الإنفاق في الحفاظ على البيئة في تحسين مخزون الأسماك البرية في حوض كولومبيا
على الرغم من إنفاق أكثر من 9 مليارات دولار على جهود الحفاظ على البيئة في حوض نهر كولومبيا على مدار أربعة عقود، إلا أن الأبحاث التي أجرتها جامعة ولاية أوريغون (Oregon State University) لم تكشف عن أي تحسُّن في مخزون سمك السلمون البري والسلمون القزحي. في حين ارتفعت أعداد سمك السلمون الذي تتم تربيته في الحاضنات، إلا أن أعداد الأسماك البرية التي تبيض بشكلٍ طبيعيٍّ لم تشهد زيادة صافية، بسبب مشاكل الطاقة الكهرومائية، والإفراط في الحصاد، والأنشطة البشرية الأخرى، مما أدى إلى تفاقم المشكلة.
كشفت دراسة أجرتها جامعة ولاية أوريغون، أن أكثر من 9 مليارات دولار من أموال الضرائب المعدلة وفقًا للتضخم، والتي تم إنفاقها على الحفاظ على البيئة على مدار أربعة عقود، لم تُسفر عن زيادة ملحوظة في أعداد سمك السلمون البري والسلمون القزحي في حوض نهر كولومبيا.
قام البحث الذي أجراه «ويليام جايجر-William Jaeger» من كلية العلوم الزراعية بجامعة ولاية أوهايو، بتحليل بيانات 50 عامًا. ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من ارتفاع أعداد السلمون الذي تتم تربيته في الحاضنات، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى نمو صافي في البرية، إذ أن مجموعات السلمون بالإضافة لتلك القزحية تتكاثر بشكل طبيعي.
ويشير جايجر، أستاذ الاقتصاد التطبيقي، إلى أن أعداد سمك السلمون القزحي، والشينوك، والكوهو، والسوكي، كانت تحت ضغط شديد في حوض نهر كولومبيا لأكثر من قرن ونصف، بدايةً بسبب الإفراط في الحصاد، ومن ثم بسبب الطاقة الكهرومائية بدءًا من عام 1938 مع افتتاح سد بونفيل، وهو السد الأدنى على الفرع الرئيسي لكولومبيا.
ومما قاله جايجر في الدارسة الذي تعاون في إعدادها مع «مارك شويل-Mark Scheuerell»، عالم الأحياء في هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية وجامعة واشنطن: «لقد تسبَّبت الزراعة وقطع الأشجار والتعدين والري أيضًا في تغيرات في المناظر الطبيعية وتدهور المواطن الطبيعية، مما أدى إلى تفاقم مشاكل الأسماك».
عاد ما يُقدَّر بنحو 16 مليون سمكة من سمك السلمون وتلك القزحية من المحيط الهادئ إلى أجزاء من الحوض فوق سد بونفيل، ولكن بحلول السبعينيات كان هناك أقل من مليون سمكة، مما دفع الحكومة الفيدرالية إلى التدخل.
يتطلَّب قانون الطاقة الشمالية الغربية لعام 1980 مراعاة أهداف الأسماك والحياة البرية، بالإضافة إلى توليد الطاقة والأهداف الأخرى. أنشأ القانون مجلس الطاقة والحفظ في الشمال الغربي لإعداد برامج الحفاظ على البيئة الممولة من إيرادات إدارة الطاقة في بونفيل.
وقال جايجر أن تكلفة وحجم جهود إعادة الانتعاش زادت بشكل كبير في التسعينيات، وذلك بعد إدراج 12 سلسلة من أسماك السلمون والسلمون القزحي في نهر كولومبيا على أنها مهددة أو معرضة للانقراض بموجب قانون الأنواع المهددة بالانقراض.
وقال الباحثون أن الإنفاق العام للحفاظ على البيئة يتجاوز الآن 9 مليارات دولار المعدلة حسب التضخم لعام 2020، وهو ما لا يأخذ في الاعتبار جميع الأموال التي أنفقتها الحكومات المحلية والوكالات غير الحكومية.
وقال جايجر: «إن التأثير الفعلي لكل هذه الجهود كان دائمًا غير مفهوم بشكل جيد، لطالما كان الكثير من الناس يشعرون بالقلق إزاء عدم وجود أدلة على عودة انتعاش سمك السلمون والأسماك القزحية. إحدى المشكلات هي أن معظم الدراسات التي تقيّم جهود الترميم، قد فحصت مشاريع فردية لأنواع محددة، أو مراحل حياة، أو مناطق جغرافية، مما يحدُّ من القدرة على التوصل إلى استنتاجات واسعة على مستوى الحوض».
وهكذا، يشير جايجر إلى أن هناك سؤالًا رئيسيًا لا يزال قائمًا، والإجابة عليه أمر بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات سياسية وقانونية سليمة، وهو: هل هناك أي دليل على زيادة إجمالية في وفرة الأسماك البرية يمكن ربطها بمجمل الجهود المبذولة للإنعاش؟
واستنادًا إلى بيانات عودة الأسماك على مدار نصف قرن في سد بونفيل، وهو نقطة الدخول الوحيدة إلى الحوض فوق السد، فإن الأدلة لا تدعم الإجابة بنعم.
وقال جايجر: «لم نعثر على أي دليل في البيانات على أن الإنفاق لاستعادة هذه الأنواع يرتبط بزيادة صافية في وفرة الأسماك البرية».
وقال أن مجلس الطاقة والحفظ في الشمال الغربي قد وضع هدفًا لزيادة إجمالي وفرة سمك السلمون والسمك القزحي في الحوض إلى 5 ملايين سمكة بحلول عام 2025، لكن العائد السنوي للبالغين في سد بونفيل بلغ متوسطه أقل من 1.5 مليون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وأضاف جايجر أنه في حين أن إنتاج الحاضنات قد ساعد في زيادة الأعداد الإجمالية للأسماك البالغة، إلا أنه قد أثر أيضًا سلبًا على المخزونات البرية، من خلال مجموعة من الآليات بما في ذلك الوراثة، والمرض، والتنافس على المسكن والغذاء، وافتراس الأسماك البرية بواسطة أسماك الحاضنات.
وقال جايجر: «إن دور الحاضنات في خطط التعافي مثير للجدل لأسباب عديدة، لكن النتائج تشير إلى أن إنتاج الحاضنات جنبًا إلى جنب مع الإنفاق على الترميم يرتبط بزيادة في عودة الأسماك البالغة، ومع ذلك، وجدنا أن عائدات البالغين التي تعزى إلى الإنفاق وإطلاقات الحاضنات مجتمعة، لا تتجاوز ما يمكن أن ننسبه إلى الحاضنات وحدها. لقد نظرنا إلى ظروف المحيطات والتغيرات البيئية الأخرى، وإطلاقات الحاضنات، ومعدلات بقاء الأسماك التي تم إطلاقها من الحاضنات، والإنفاق على الحفظ، ولم نرَ أي مؤشر على وجود تأثير إيجابي صافي على الأسماك البرية».
وأضاف أنه حتى الإنفاق على تحسينات المواطن الطبيعية «الدائمة» المصممة لتحقيق الاستفادة التراكمية من سمك السلمون البري والسمك القزحي التي تبيض بشكل طبيعي على مدى سنوات عديدة، لم يؤدِّ هذا الإنفاق إلى النتائج المرجوة.
- ترجمة: منهل زريقة
- تدقيق علمي ولغوي: خلود يوسف
- المصادر: 1