أسلوب جديد لمعالجة الضياع الضوئي في التصوير الفائق

فريق بحث تعاوني بقيادة أستاذ الفيزياء المؤقت الدكتور شوانغ زانغ Shuang Zhang من جامعة هونغ كونغ، بالاشتراك مع المركز الوطني لعلوم النانو والتكنولوجيا، كلية الإمبراطورية بلندن، وجامعة كاليفورنيا، بيركلي، اقترحوا منهج موجة تردد مركبة صناعية جديدة (CFW) لمعالجة الضياع الضوئي في التصوير الفائق. تم نشر نتائج هذا البحث مؤخرًا في المجلة الأكاديمية الرائدة Science.

يلعب التصوير دورًا مهما في العديد من المجالات، بما في ذلك علم الأحياء، الطب والعلوم المادية. تستخدم المجاهر البصرية الضوء للحصول على صور لمواد دقيقة. ومع ذلك، يمكن للمجاهر التقليدية فقط تحليل أحجام المعالم بترتيب الطول الموجي بأحسن الأحوال، ما يعرف بحد الانكسار.

للتغلب على حد الانكسار، قدم السير جون بيندري John Pendry من كلية الإمبراطورية بلندن مفهوم العدسات الفائقة، والتي يمكن صنعها من الوسائط ذات معامل انكسار سلبي أو معادن نبيلة مثل الفضة. لاحقًا، قام الأستاذ شيانغ زانغ Xiang Zhang، الرئيس الحالي ونائب المستشار لجامعة هونغ كونغ، مع فريقه آنذاك في جامعة كاليفورنيا بيركلي، بتجريب التصوير الفائق باستخدام كل من فيلم رقيق من الفضة ومكدس متعدد الطبقات من الفضة/العوازل.

دعمت تلك الأعمال بشكلٍ كبير تطوير وصناعة تكنولوجيا التصوير الفائق. للأسف، تعاني كل العدسات الفائقة من ضياع ضوئي حتمي، والذي بدوره يحول الطاقة الضوئية إلى حرارة. مما يؤثر بشكلٍ كبير على أداء الأجهزة البصرية، كعدسات التصوير الفائق، والتي تعتمد على النقل الدقيق للمعلومات المحمولة على الموجات الضوئية.

كان الضياع الضوئي العامل الرئيسي الذي عرقل تطور علم الضوء على مستوى النانو (Nanophotonics) على مدى العقود الثلاث الأخيرة. العديد من التطبيقات، بما في ذلك الاستشعار والتصوير الفائق دارات النانوفوتونيك، ستستفيد بشكلٍ كبير إذا ما تم حل هذه المشكلة.

أوضح البروفيسور شوانغ زهانغ، مؤلف الورقة البحثية وأيضًا الرئيس المؤقت لقسم الفيزياء بجامعة هونغ كونغ، أولويات البحث: “لحل مشكلة الضياع الضوئي في بعض التطبيقات المهمة، اقترحنا حلًا عمليًا – باستخدام موجة عقدية مركبة اصطناعية جديدة للحصول على مكسب افتراضي، ثم تعويض الخسارة الأساسية للنظام الضوئي.

للتحقق من هذا، قمنا بتطبيق هذا المنهج على آلية التصوير بالعدسات الفائقة وقد زادت دقة التصوير بشكل كبير نظريًا “.

أضاف الدكتور فوكسين جوان Fuxin Guan، مؤلف الورقة الأول وزميل ما بعد الدكتوراه في جامعة هونغ كونغ: “قمنا بتوضيح نظريتنا أكثر من خلال إجراء تجارب باستخدام عدسات فائقة مصنوعة من مواد صناعية هيبربوليكية في نطاق التردد الميكروويفي ومواد صناعية بولاريتونية ضمن مجال التردد الضوئي. وكما كان متوقعا، حصلنا على نتائج تصوير ممتازة تتماشى مع توقعاتنا النظرية.”.

منهج متعدد الترددات للتغلب على الضياع الضوئي

في هذه الدراسة، قدم الباحثون منهج مبتكر يشمل استخدام ترددات متعددة للتغلب على التأثير السيء للضياع على التصوير الفائق.

يمكن أن تستخدم الموجات عقدية التردد للحصول على مكسب افتراضي يعوض عن الضياع في النظام الضوئي.

ماذا تعني موجة عقدية التردد؟

عادةً ما يشير التردد إلى مدى سرعة تذبذب الموجة مع مرور الزمن.

من الطبيعي أن يكون التردد عددًا حقيقيًا. ومن المثير بالاهتمام، أن مفهوم التردد يمكن توسيعه إلى المجال العقدي، حيث للجزء المتخيل من التردد أيضًا معنى فيزيائي محدد، على سبيل المثال معدل تضخم الموجة أو تضاءلها مع مرور الزمن. لذا، في موجة عقدية التردد، كلا تذبذب وتضاعف أو تضاؤل الموجة يحدثان في الوقت نفسه. إذا كان الجزء الخيالي للتردد العقدي سالبًا، فإن الموجة تتضاءل مع مرور الزمن، في حين أنها تتضاعف إذا كان الجزء الخيالي إيجابيًا.

بالطبع، الموجة العقدية ليست واقعية لأنها ستتوسع (تصبح لانهائية) عندما ينتقل الزمن نحو اللانهائية الموجبة أو السالبة، اعتمادًا على إشارة جزئها التخيلي. لذا أي تطبيق واقعي للموجات عقدية التردد لا بد من قصره زمنيًا تجنبًا للتوسع اللانهائي. يجب أن تنفذ القياسات البصرية المبنية مباشرةً على الموجات عقدية التردد في المجال الزمني وأن تشمل قياسات زمنية معقدة ولهذا لم يتم تنفيذها تجريبيًا حتى الآن.

استخدم الفريق أداة رياضية تسمى تحويل فورييه لتقسيم موجة عقدية التردد مقصوصة زمنيًا إلى عدة مكونات ذات ترددات حقيقية مختلفة. مبسطًا استخدام الموجات عقدية التردد لتطبيقات متعددة، كالتصوير الفائق. من خلال إجراء قياسات ضوئية على ترددات حقيقية متعددة بفاصل زمني ثابت، من الممكن بناء الاستجابة الضوئية للنظام على تردد عقدي عن طريق الجمع الرياضي للترددات الحقيقية.

للاستدلال على الفكرة، بدأ الفريق بتنفيذ التصوير الفائق باستخدام ترددات مايكروويفية باستخدام مادة خاصة تُعرف بالمادة الاصطناعية الهابربولية. هذه المادة قادرة على نقل موجات ذات شعاع موجي كبير جدًا (أو لديها أطوال موجية صغيرة للغاية)، تسمح بنقل معلومات عن تفاصيل صغيرة جدًا. ومع ذلك، كلما زاد شعاع الموجة، زادت حساسية الموجات للضياع الضوئي. لذلك، بوجود الضياع، فإن معلومات تلك التفاصيل الصغيرة تتعرض للفقدان أثناء انتقال الموجات داخل المادة الاصطناعية الهابربولية. وأوضح الباحثون أن دمج الصور غير الواضحة التي تم قياسها عند ترددات حقيقية مختلفة بطريقة مناسبة، يمكن أن ينتج صورة واضحة بتردد عقدي ودقة الطول الموجي العميق.

عمل الفريق على توسيع المبدأ ليشمل الترددات الضوئية، باستخدام عدسة فائقة مصنوعة من بلورة صوتية تُعرف بكربيد السيليكون، والتي تعمل على طول الأشعة تحت الحمراء البعيدة والتي تبلغ حوالي 10 ميكرومتر. في البلورة الصوتية، يمكن لاهتزازات بنية المادة أن تتفاعل مع الضوء لإنتاج تأثير التصوير الفائق. ومع ذلك، الضياع ما زال يشكل عائقًا على الدقة المكانية. على الرغم من أن الدقة المكانية للتصوير عند جميع الترددات الحقيقية كانت محدودة بسبب الضياع، كما أظهرت الصور قليلة الوضوح للثقوب على مستوى النانو، إلا أنه يمكن الحصول على تصوير فائق الدقة باستخدام الموجات عقدية التردد المركبة المؤلفة من مكونات ترددية متعددة.

قدم هذا العمل حلًا للتغلب على الضياع الضوئي في الأنظمة الضوئية، مشكلةً قد استمرت لأمد طويل في علم الضوء على نطاق النانو (Nanophotonics)، مكن توسيع تقنية التردد العقدي المركب إلى تطبيقات أخرى بسهولة، بما في ذلك الكشف عن الجزيئات والدارات الضوئية على مستوى النانو”، قال البروفيسور شيانغ زهانغ، الباحث المشارك الآخر في الورقة، والرئيس ونائب المستشار في جامعة هونغ كونغ، ورئيسًا لقسم الفيزياء والهندسة، وأشاد على هذه التقنية بكونها استثنائية وقابلة للتطبيق،” يمكن الاستفادة من هذه التقنية للتغلب على الضياع في الانظمة الموجية الأخرى، بما في ذلك الموجات الصوتية، وموجات المرونة وموجات الكم، مما يرتقي بجودة التصوير إلى مستوى جديد “.

  • ترجمة: دانيا ديسوقي
  • تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
  • المصادر: 1