حل رائد لانتشار السرطان ومقاومة العلاج الكيميائي

اكتشف العلماء أن حجب الجزيء نيترين-1 يقلل العملية المؤدية إلى انتشار السرطان ومقاومته للعلاج. تظهر التجارب الأولية على الإنسان نتائج واعدة، كما أن الأبحاث القادمة ستبحث في قابلية تطبيق العلاج على نطاق أوسع وتأثيره على عدة مستويات.

يعد انتشار الأورام السرطانية ومقاومتها للعلاجات الكيميائية الأسباب الأساسية لفشل العلاج والموت لدى مرضى السرطان. تسمح عملية التحوّل الظهاري الميزنكيمي (الانتقال الظهاري-الوسيطة) للخلايا السرطانية بالانفصال عن الخلايا المجاورة لها واكتساب قدرة على اجتياح أنسجة أخرى. يلعب هذا التحوّل دوراً أساسياً في تطور عملية الانتشار السرطانيّ واكتساب المقاومة ضد العلاج السرطاني. لا يوجد حتى هذه اللحظة أية وسيلة علاج تستهدف التحوّل الظهاري الميزنكيمي للخلايا السرطانية.

بحث رائد في التحوّل الظهاري الميزنكيمي:

أظهر باحثون بقيادة بر سيدريك بلانباين، وهو باحث في معهد أبحاث WEL ومدير لمختبر الخلايا الجذعية والسرطان في كلية الطب وأستاذ في الجامعة العامة في بروسلز، في مجلة علمية مرموقة وهي مجلة الطبيعة بأن النترين-1، وهو جزيء يتم التعبير عنه من قبل الخلايا السرطانية في الأنماط المختلفة للسرطان، يقوم بتحفيز التحوّل الظهاري الميزنكيمي للخلايا السرطانية. كما أظهروا دواءً يمنع هذا التحوّل عبر استهدافه لجزيء النترين-1.

أوجدت جاستين لانغراند وايفجينيا باستوشينكو وسيباستيان فانويتفن وزملاؤها بأن الخلايا السرطانية تعبر عن مستويات عالية من النترين-1 وعن مستقبلاته UNC5 B عند قيامها بالتحوّل الظهاري الميزنكيمي. كما أظهر الباحثين بأن زيادة النترين-1 يحفّز التحوّل الظهاري الميزنكيمي، وحجبه يخفّض من ذاك التحوّل.

تعاون بهدف حلّ علاجي محتمل:

استطاع باحثو ULP بالتعاون مع NETRIS فارما، والتي طوّرت جسم ضد علاجي مخصص لحجب التفاعلات بين النترين-1 ومستقبله UNC5 B، أن يظهروا بأن استخدام هذا الجسم المضاد العلاجي يؤدي إلى تثبيط تشكّل الورم وأيضاً يحجب التحوّل الظهاري الميزنكيمي لهذه الأورام، وهذا ما يخفّض من قدرتها على الانتشار ويجعل الورم أكثر حساسيةً للعلاج الكيميائي. تشرح جاستين لينغراند، وهي الكاتبة الأولى للدراسة: “نحن سعيدون للغاية ومتحمسون لاكتشاف أول دواء يستطيع أن يستهدف التحوّل الظهاري الميزنكيمي في الجسم الحي وبالتالي يخفّض عملية الانشطار والمقاومة للعلاج الكيميائي”.

وبعد عرض فعّالية جسم الضد المضاد للنيترين-1 في منع حدوث التحول الظهاري الميزنكيمي في النماذج الحيوانية، قام بعدها باحثو الULB بالتعاون مع باحثون من جامعة ليون ونيتريش فارما بدراسة تأثير هذا الدواء على التحوّل الظهاري الميزنشيمي لدى مرضى مصابين بسرطانات بطانة الرحم.

التجارب السريرية وآفاق مستقبلية:

قام الباحثون والباحثون السريريون بإعطاء أجسام الضد المضادة للنترين للمرضى في تجارب سريرية في فرنسا. أظهرت هذه الدراسات بأن إعطاء هذا الجسم المضاد العلاجي كان متقبّلاً من طرف الجسم وبدون أية آثار سامة. وأهم ما بالأمر أنهم أظهروا عبر خزعات مأخوذة من الورم قبل وبعد تطبيق الدواء أنّ هذا العلاج قد ساعد في تقليل التحوّل الظهاري الميزنكيمي لدى المصابين بسرطان البطانة الرحمية.

علّق قائد هذا المشروع، الأستاذ بلانباين قائلاً: “هذا اكتشاف عالميّ بالغ الأهمية، لقد اكتشفنا دواءً جديداً قادراً على تخفيض التحوّل الظهاري الميزنكيمي، تقليل الانتشار السرطاني وتحفيز الاستجابة للعلاجات الكيميائية في النماذج قبل السريرية. في دراسة أخرى، أعطى الباحثون والباحثون السريريون الدليل على مبدأ التطبيق الطبيّ لاكتشافنا الأساسي وأظهروا أنّ استخدام أجسام الضد المضادة للنترين-1 لدى مرضى السرطان يثبّط عملية التحوّل الظهاري الميزنكيمي. علينا الآن تقييم فيما إذا كان استخدام تلك الأجسام المضادة وتخفيض عملية التحوّل الظهاري الميزنكيمي سيوفّران لمريض السرطان استجابة سريرية أفضل للمعالجة الكيميائية والمناعية”.

يحدّد التعاون الفرنسي البلجيكي تركيبات علاجية مبتكرة جديدة لجعل الورم أكثر استجابةً للعلاجات الكيميائية ومنع تطوّره. يعلّق الأستاذ سيدريك بلانباين آخر كاتب للدراسة، قائلاً: “سيكون من الضروري على المدى الطويل أن نحدد فعالية هذا العلاج الجديد في إنقاذ حياة المرضى المصابين بسرطان بطانة الرحم وتقييم فعالية هذه التركيبة الدوائية الجديدة لعلاج أنماط أخرى من السرطانات التي تعتمد على عملية التحوّل الظهاري الميزنكيمي مثل سرطان الثدي أو الرئة”.

  • ترجمة: كريم عبد الرحمن
  • المصادر: 1