لماذا الوقت مع الأجداد ثمين للغاية؟
ولماذا لا يجب على الآباء السماح بالدراما العائلية؟
عندما كنت صغيرًا جدًا -قبل سن السادسة- أمضيت العديد من عطلات نهاية الأسبوع مع أجدادي. في وقت النوم، كانت جدتي تجلس بجانب سريري وتقرأ لي من كتاب القصص الخيالية. ما زلت أتذكر بعد كل هذه السنوات، الاستماع باهتمامٍ إلى ذات الرداء الأحمر، الجميلة النائمة وغيرها الكثير.
مجرد التفكير في هذه الأوقات السحرية يجلب الدموع إلى عيني. شعرت بالأمان والدفء والحُب.
بينما أكتب هذا، يخطر ببالي أن اهتمامي بالنفسية البشرية؛ كان على الأرجح بسبب هذه التجارب المبكرة مع جدتي. في هذه الثقافة الموجهة للشباب، كثيرًا ما نفشل في تقدير المساهمات الكبيرة التي يقدمها الأجداد لحياة أحفادهم والعكس صحيح. ومع ذلك، في أعقاب وباء كوفيد والضغوط المالية التضخمية الأخيرة، يعيش المزيد من الأطفال مع أجدادهم في أُسر معيشية متعددة الأجيال؛ نتيجة لذلك، يقضي المزيد من الأطفال وقتًا مع أجدادهم.
كيف أثَّر ذلك على الأجداد والأحفاد؟
ليس من السهل على أحد الوالدين الانتقال إلى دور الجد. يتطلب أن تصبح جدًا التكيف مع دور اجتماعي جديد، عادةً خلال منتصف العمر المتأخر، يرتبط بتبني معتقدات وسلوكيات جديدة قد تتداخل مع الممارسات الراسخة، مثل وجود منزل مرتب أو مشاهدة التلفزيون بعد العشاء. يتطلب ما يمكن اعتباره «تضحيات».
ومع ذلك، على عكس النتائج الأمريكية السابقة التي أشارت إلى أَن رعاية الأطفال كانت مرهقة، وجدت دراسة أجرتها جامعة فليندرز بأستراليا عام 2018 على 262 أنثى و168 من الأجداد الذكور خلال العامين الأولين من انتقالهم إلى مرتبة الجد، أَن المزيد من الوقت الذي يقضونه في مجالسة الحفيد كان مرتبطًا بتحسين الصحة العقلية.
في هذا الصدد، فإن البحث الذي يُركز على الارتباط بين استخدام الأجداد للإنترنت ورعاية الأحفاد، مفيد. لاحظ مؤلفوا الدراسة أن استخدام الإنترنت للحفاظ على العلاقات مع العائلات والأصدقاء يساعد كبار السن على تعزيز التماسك الأُسري؛ مما يُعزز بدورهِ رضا النساء الصينيات عن حياتهن وصحتهن إلى حد أكبر من الرجال. ويكتسي سبيل الاتصال هذا أهمية خاصة للجدات في المناطق الريفية اللاتي هاجر أطفالهنَ البالغون للعمل في المدن. وبالتالي، من المحتمل أن يكون الاتصال بين الوالدين والطفل عبر الإنترنت أقوى بين الإناث منه بين الذكور، وتستفيد الإناث من استخدام الإنترنت أكثر من الذكور. بالطبع، هذه النتائج ذات صلة هنا كما هي بالنسبة للصين.
وجدت دراسات أُخرى من الصين، حيث تكون الأبوة والأمومة المشتركة بين الوالدين والجد شائعة جدًا، أنه عندما يتوافق الآباء والأجداد، تكون الفوائد لجميع المعنيين كبيرة. عاشت غالبية العائلات في هذه الدراسة في أُسر من ثلاثة أجيال، و80 في المائة من الأُسر لديها طفل واحد فقط. غالبًا ما تشهد الأمهات اللواتي حافظنَ على روابط أبوية قوية مع أجداد أطفالهنَ -وخاصة الجدات- إحساسًا أكبر بالفعالية في أدوارهنَ الأبوية.
يوضح مؤلفوا الدراسة أن الأجداد -بالاعتماد على ثروتهم من تجربة الأبوة والأمومة- يمكنهم تقديم دعم قيّم ووضع أمثلة إيجابية وتقديم التشجيع عندما ينخرطون في تعاونات تربية الأطفال؛ وهذا بدوره يمكن أن يؤثّر على مستوى الثقة التي تشعر بها الأمهات في مسؤولياتهنَ الأبوية.
عندما تنضح الأمهات بمزيد من الثقة بالنفس، فإنهن يميلنَ إلى التعامل مع الأبوة والأمومة بإيجابية ومثابرة متزايدة؛ مما يساهم في النهاية في تحسين النمو الاجتماعي لأطفالهن. يمكن لهذه التفاعلات المُثرية أن تُزيل بعض الذنب الذي قد يشعر به الآباء؛ بسبب غيابهم طوال اليوم أو أحيانًا لفترات أطول.
يمكن أن يساعد التفاعل مع الأحفاد في إبقائهم نشيطين جسديًا وعقليًا. غالبًا ما تنطوي رعاية الأحفاد على أنشطة بدنية مثل ارتداء الملابس أو اللعب أو المشي أو القيام بالمزيد من الغسيل. يمكن للأجداد الاستفادة من زيادة التنشئة الاجتماعية أثناء تعاملهم مع أصدقاء أحفادهم ومعلميهم وأولياء أمورهم الآخرين. سيكون هذا بمثابة ترياق للوحدة أو العزلة، وهو حدث متكرر بين كبار السنغالبًا ما تتاح للأجداد الفرصة لمشاركة معرفتهم وحكمتهم وتقاليدهم العائلية مع أحفادهم.
تُعزز هذه التجارب المبكرة احترام الحفيد لذاته وتعزز المعتقدات والمعايير والقيم مع خلق فرص لاستكشاف الهوية في سياق الأسرة.
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن مشاركة الجد خلال مرحلة الطفولة -والتي تم تصورها على أنها مقدار الاتصال والتقارب العاطفي- مرتبطة بشكلٍ إيجابي بالتطور العاطفي والوظيفة المعرفية والتكيف الاجتماعي في مرحلة البلوغ المبكرة. تستمر الدروس المستفادة من علاقات الأجداد والأحفاد في مرحلة الطفولة، وخاصة تلك المتعلقة بالروحانية والتطور الأخلاقي، حتى مرحلة البلوغ المبكرة.
حيث أن دراسة من معهد الشيخوخة المشاركة، جامعة كليمسون، ساوث كارولينا، خلصت إلى أن علاقات الأجداد في الماضي والحاضر لا تزال بارزة في بداية مرحلة البلوغ. هذه النتائج تعكس البحث السابق الذي كان فيه الامتنان والاحترام.
ووجد أَن التقدير عامل هام في رفاه الشباب. هذه النتيجة تحمل جميع أنواع الأجداد في مواجهة ديناميكيات الأسرة الصعبة.
استشهد هؤلاء المشاركون بالدروس المستفادة من أجدادهم باعتبارها لبِنات بناء مهمة في وجهات نظرهم الحالية حول الحياة. مع إجراء هذه الدراسة وسط وباء عالمي، ناقش العديد من الأحفاد الصعوبة العاطفية في الانفصال الجسدي عن الأجداد، وخاصة أولئك الذين يعانون من أمراض متقدمة (على سبيل المثال، الخرف والسرطان). حافظ غالبية المشاركين على اتصال منتظم، بل وزاد في بعض الأحيان، مع أجدادهم؛ نتيجة للوباء.
في بعض الأحيان، يمكن أن تعترض قضايا الأُسرة طريق العلاقات المتناغمة عبر الأجيال، سواء بدأها أحد الجانبين أو الآخر. إذا كانت الحجج أو دراما الصهر أو أي تحديات أُخرى قد منعت أطفالك أو أحفادك من الاستمتاع بعلاقة جد صحية، فمن أجل الجميع، فقد يكون الوقت قد حان لدفن المعركة القديمة وصنع السلام الآن.
- ترجمة: ريم الاحمد
- تدقيق لغوي: فاطمة قائد
- المصادر: 1