هل يوجد جسيم بإمكانه العودة بالزمن؟
بإمكان جزيئة افتراضية أن تعطي إجابة، ولكن السفر بالزمن سيظل مغامرة معقدة.
أجل، توجد جزيئة افتراضية تدعى تاكيون، والتي بإمكانها العودة بالزمن. تكمن الخدعة أنها تقريباً غير موجودة.
الوقت وسرعة الضوء
قبل البدء بالتحدث عن السفر عبر الزمن، يجب أن نتحدث أولاً عن سرعة الضوء. تقيد عدم القدرة على تخطي سرعة الضوء جميع الأشياء في كوننا. الجزيئة الوحيدة القادرة على تحقيق سرعة الضوء هي الجزيئات عديمة الكتلة، كالضوء بحد ذاته. أي شيء ذو كتلة ولو ضئيلة سيكون من المستحيل أن يحقق سرعة الضوء. السبب يعود إلى أنه كلما زادت سرعتك كلما أصبحت هائل الكتلة، وبسرعة الضوء فإن كتلتك تصبح لا نهائية، الأمر الذي سيستهلك طاقة لا نهائية للتسارع.
ولكن سرعة الضوء ليست مجرد تعبير عن مدى سرعة الأشياء في الإنتقال. إنه تعبير عن مدى السرعة التي تصلها الأشياء بالتأثير على بعضها البعض.
كل تفاعل في الكون، سواءً كان أخاك الذي يضربك أو موجة صدمة سوبرنوفا تنفجر عبر غيمة غازية، فإنه يكون محدود بسرعة الضوء. في الواقع سرعة الضوء هي سرعة السببية – أسرع طريقة ممكنة يستطيع خلالها سبب واحد أن ينشئ تأثيراً، وأسرع طريقة ممكنة تمكن الأحداث من أن تؤثر على بعضها البعض.
السفر أسرع من الضوء معناه أن بإمكانك السفر أسرع من السببية. ويقال أيضاً، السفر أسرع من الضوء معناه أن بإمكانك السفر أسرع من الزمن ذاته، بما معناه أن الانتقال أسرع من الضوء يسمح لك بالسفر عبر الزمن إلى الماضي تلقائياً.
التاكيون والسفر عبر الزمن
يوجد صنف فرضي من الذرات التي دائماً ما تنتقل أسرع من الضوء. أينشتاين ذاته تلاعب بالفكرة داعياً إياهم “جسيمات ميتا”. لكن ندعوهم اليوم جسيمات تاكيون، وهي كلمة ظهرت في عام 1967 من قبل عالم الفيزياء جيرالد فاينبيرغ والمشتقة من الكلمة اليونانية بمعنى “السرعة”.
قد تكون التاكيونات غريبة. نظراً إلى أنه ليس باستطاعتنا نحن الكائنات ذات الكتلة أن نتجاوز سرعة الضوء التاكيونات ليس بإمكانها النزول عن سرعة الضوء- قد يكون هناك إعاقة مساوية على الجانب الآخر من الحد الخفي.
بالنسبة للتاكيونات، الإبطاء يعني زيادة الكتلة، والإبطاء إلى سرعة الضوء ستتطلب كمية لا نهائية من الطاقة.
حتى ينجح الأمر، يجب أن تكون كتلة التاكيون تخيليّة، ولكن بمنطق رياضي: ستتضاعف الكتلة بعامل الجذر التربيعي للواحد السلبي.
للوهلة الأولى، لن تسبب التاكيونات الكثير من المشاكل. بإمكانك الطيران للخارج بصاروخ، وعلى الارض، بإمكاني إطلاق شعاع رسائل تاكيون إليك. إن كنت تنظر إلي من خلال التلسكوب، فإن هؤلاء التاكيونات بإمكانها الوصول إليك قبل الفوتونات التي تحمل صورتي أنا الذي يرسل الرسالة التي وصلت إلى تلسكوبك. هذا غريب قليلاً ولكن لا يخالف بالضرورة أي شيء يخص الفيزياء.
مفارقة السفر بالزمن
مشكلة التاكيونات أنه بإمكانك البدء بتكوين بعض السيناريوهات الغريبة. على سبيل المثال بإمكانك التحرك بإتجاه محدد بسرعة محددة وترسل إشارة تاكيون إليّ.
إن بنيت الأشياء بالطريقة الصحيحة في الصاروخ فإن بإمكان تلك الإشارة أن تعود إليّ قبل إرسالي الإشارة الأصلية.
افترض أن الإشارة العائدة إليّ احتوت على إرشادات لتدمير المرسل الخاص بي. فإن الطريقة الوحيدة لتدمير المرسل تكون من خلال استقبال إشارتك، ولكن الطريقة الوحيدة لاستلام رسالتك تكون بإرسال إشارتي أولاً. إذا أخرجت رسالتي فإن المرسل قد تدمر في الماضي. ولكن المرسل قد تدمّر، ليس بإمكاني إرسال الإشارة.
هذه فقط إحدى مفارقات السفر بالزمن العديدة الشائعة التي استُحضِرت بشأن السفر أسرع من الضوء.
هذا لا يلغي وجود التاكيونات بشكل واضح. ولكن هذا قد يرجح احتمالية عدم وجودهم. يبدو أنه من المستحيل لنا أن نعود بالزمن أو أن نرسل إشارات إلى ماضينا: كل شيء في كوننا لا يسافر وحسب أقل من سرعة الضوء، بل يسافر باتجاه المستقبل.
مستحيل أم لم يتم اثباته؟
اقترح علماء الفيزياء “تخمين حماية المصاب” والتي تقترح أن السفر أسرع من الضوء (والسفر للماضي) مستحيل كلياً. بالوقت الحالي هذا التخمين هو مجرد إرادة، تخمين، وغير مثبت. حالياً لا نفهم لما السفر للماضي محرّم، ولكننا نأمل أن ننشئ قانوناً فيزيائياً يوماً ما ليخبرنا السبب.
- ترجمة: راوية الأحمد
- تدقيق علمي ولغوي: حسام عبدالله
- المصادر: 1