كيف تختلف المواعدة عبر الإنترنت بين الرجال والنساء؟

يبدأ النجاح في المواعدة عبر الإنترنت من خلال إنشاء صفحة شخصية جذابة تثير الاهتمام وتُحفّز المستخدمين الآخرين على التواصل. إن أحد الاعتبارات التي يجب الانتباه لها عند إنشاء صفحة شخصية للمواعدة هو عدد الصور التي نستخدمها، وهل نضيف نصًا يصفنا؟!.

يتنبأ علم النفس التطوري بأن الصورة هي التي توفر معظم المعلومات التي يحتاجها الرجال حين يشاهدون صفحات المواعدة الخاصة بالنساء لإصدار حكمهم على جاذبية الشريك المحتمل، وذلك لأن الرجال يميلون إلى بناء أحكامهم حول مدى ملاءمة الشريك على الإشارات البصرية فقط. بينما تميل النساء إلى تقييم الرجال ليس فقط على أساس الصفات الجسدية ولكن أيضًا على أساس صفات أخرى مثل درجة الالتزام والذكاء والتوقعات المهنية. وتكون هذه التقييمات مبنية على المعلومات المكتوبة في الصفحة الشخصية. لذا، يجب على الرجال إضافة المعلومات الشخصية إلى صفحاتهم.

كما تختلف أيضًا الطرق التي يُقيّم بها الرجال والنساء المعلومات، فعادةً يكون الرجال أكثر استراتيجية في تقييمهم مقارنةً بالنساء ويستخدمون اختصارات عقلية أكثر للوصول إلى القرارات. بينما يكون تقييم النساء للمعلومات أكثر شمولية مقارنةً بالرجال. لذا، قد تؤثر الظروف التي تُقيّم فيها المعلومات مثل استخدام تطبيق على الجهاز المحمول على اتخاذ القرار لدى النساء أكثر مقارنةً بالرجال.

مع الأخذ في الاعتبار الاختلافات بين الجنسين، بدأت مجموعة من الباحثين من جامعة النقب في البحث فيما إذا كان إدراج المعلومات الشخصية في ملف المواعدة ونوع الجهاز المستخدم لتصفح الملف قد أحدث بالفعل فرقًا في الحكم على جاذبية الملف، وهل اختلف تقييم مدى جاذبية الملفات بين الرجال والنساء.

عرض الباحثون على المشاركين في دراستهم مجموعة مؤلفة من 12 ملف مواعدة أُنشئت مسبقًا. حيث عُرض على نصفهم ملفات مواعدة تضم معلومات مكتوبة، بينما عُرض على النصف الآخر ملفات شخصية خالية من المعلومات المكتوبة. وطُلِبَ من نصف الأشخاص في كل مجموعة تصفح ملفات المواعدة باستخدام الجهاز المحمول ومن النصف الآخر استخدام الحاسوب. ثم قيّم المشاركون جاذبية كل ملف عُرض عليهم.

الاختلافات بين الجنسين

أولًا، وجدت الدراسة اختلافًا كبيرًا بين الجنسين، فقد كانت تقييمات الجاذبية التي منحها الرجال أعلى من النساء. كما وجد الباحثون أيضًا أن إدراج المعلومات المكتوبة في ملفات المواعدة قد أحدث فرقًا في تقييم الجاذبية وأن هذا كان مختلفًا بين الرجال والنساء.

لقد زاد إضافة نص إلى ملفات الرجال الشخصية من تقييم النساء لجاذبية الملفات، بينما قلل ذلك من تقييم الرجال لجاذبية ملفات النساء. أي أن إدراج الوصف النصي له تأثيرٌ إيجابيٌّ على ملفات الرجال الشخصية، في حين كان تأثيره سلبيًا على ملفات النساء الشخصية.

فسّر الباحثون هذه النتيجة من وجهة نظر تطورية، حيث كان لإدراج معلومات نصية توضح بالتفصيل الطموح والآفاق المهنية والالتزام تأثيرٌ إيجابيٌّ على حكم النساء وتقييمهن لجاذبية الملف، فهذه المعلومات تهم بشكل خاص النساء في اختيارهن للشريك. أما بالنسبة للرجال، كان إدراج النص بمثابة «مرساة» يقلل من تقييمهم لجاذبية ملفات النساء الشخصية التي شاهدوها. فعندما اعتمد الرجال على صور الملفات الشخصية النسائية فقط، مالوا إلى المبالغة في تقييم مدى جاذبية هذه الملفات. نستنتج مما سبق وبكل بساطة أن إدراج معلومات نصية مع الصور الشخصية يعزز جاذبية ملفات الرجال أكثر من تأثيره على ملفات النساء.

نوع الجهاز المستخدم

وجد الباحثون لدى دراسة تأثير الجهاز المستخدم لعرض ملفات المواعدة على المشاركين أن استخدام الجهاز المحمول قد غيّر من تأثير إدراج المعلومات النصية في ملف المواعدة على عكس جهاز الحاسوب. فعندما استخدم المشاركون الحاسوب، زاد تقييم النساء لجاذبية ملفات الرجال الشخصية التي شاهدنها، في حين انخفض تقييم الرجال لجاذبية ملفات النساء الشخصية التي شاهدوها. ومع ذلك، اختفى هذا الاختلاف بين الجنسين عندما شاهدوا الملفات الشخصية باستخدام الجهاز المحمول.

تدعم هذه النتيجة فكرة أن القدرة على التقييم الشامل الموجودة عمومًا لدى النساء تتغير لدى استخدام الجهاز المحمول بدلًا من الحاسوب. إن الطريقة التي تُعرض فيها الملفات الشخصية على الأجهزة المحمولة تجبرنا إلى حد ما على إبداء المزيد من الاهتمام بالمعلومات المرئية أكثر من المعلومات المكتوبة، وبالتالي تتشابه طريقة تقييمها لدى الرجال والنساء.

الدراسة الموضحة هنا لها آثار واضحة على تصميم منصات المواعدة عبر الإنترنت. على سبيل المثال، قد يحتاج تصميم مواقع وتطبيقات المواعدة إلى التركيز بشكل أكبر على الاختلافات بين الجنسين. كما توفر الدراسة أيضًا معلومات حول تأثيرات حجم الشاشة على كيفية تقييم المستخدمين للمعلومات. وبالمثل، يجب على مستخدمي خدمات المواعدة عبر الإنترنت أن يدركوا أنه من المرجح أن يستخدم الرجال والنساء استراتيجيات مختلفة لتقييم المعلومات اعتمادًا على نوع الجهاز الذي يستخدمونه، مما قد يؤثر في نهاية الأمر على قرارات المواعدة التي يتخذونها.