المياه المعبأة مليئة بالجزيئات البلاستيكية أكثر بـ 100 مرة مما نتوقع
يدعو العلماء إلى إجراء دراسات عاجلة حول الآثار الصحية المحتملة للجزيئات البلاستيكية التي تدخل أجسامنا. وفي ظل عدم وجود طريقة فعالة لكشف وتمييز هذه الجزيئات الملوثة، طوّرت مجموعة من العلماء من بينهم عالمة الكيمياء البيئية في جامعة كولومبيا نايكس تشيان تقنية تصوير جديدة لرؤية الأجزاء البتروكيماوية الضارة.
تقول تشيان: “لقد طور الناس طرقًا لرؤية الأجزاء النانوية دون أن يعرفوا ما هي، فقد زودتهم هذه الطرق بمعلومات عامة عن الجزيئات الموجودة، أما التقنية الحديثة فلن تتمكن من تمييز الدقائق الصغيرة فحسب بل ستسمح بمعرفة ماهيتها أيضًا”.
الجزيئات البلاستيكية النانوية عبارة عن قطع صغيرة من البلاستيك يقل حجمها عن 1 ميكرومتر، يأتي معظمها كناتج ثانوي من العمليات الصناعية ومن تحلل المنتجات البلاستيكية الأكبر حجمًا. وشرحت تشيان وزملاؤها في مقالهم العلمي قائلين: “لا يمكن تجاهل دور الجزيئات البلاستيكية النانومترية المهم في زيادة معدل سُميّة المياه المعبأة، فهي ورغم حجمها الصغير قادرة على اختراق الحاجز البيولوجي لدى الإنسان -الأنظمة الطبيعية التي تحمي الجسم وتمنع دخول الأجسام الغريبة الضارة-“.
تسمى التقنية الحديثة «مجهر تشتت رامان المُحفّز Stimulated Raman Scattering microscopy» وتعتمد على ضبط جهازي ليزر بحيث يسببان اهتزاز جزيئات محددة، مما يسمح بتحديد التركيب الكيميائي لها باستخدام خوارزميات تقاطع النتائج مع قواعد بيانات الرنين الكيميائي للمركبات.
فحص العلماء عددًا من العلامات التجارية للمياه المعبأة المشهورة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولاحظوا وجود أكثر من 370000 جزيء بالليتر الواحد لبعض العينات وكان أكثر من 90% منها جزيئات بلاستيكية نانوية. وتوصلوا كنتيجة لهذا الاختبار إلى أن متوسط عدد الجزئيات البلاستيكية يبلغ حوالي 240000 في الليتر الواحد، وهو أكبر ب 100 مرة من التوقعات السابقة، ولكن من المثير للدهشة أن البلاستيك الموجود يختلف عن مادة العبوة الأصلية وهو مركب يسمى بولي أميد polyamide، يدخل في تركيب مصفاة تنقية المياه المعباة، كما كان من المتوقع أيضّا التعرف على مادة العبوة البلاستيكية.
علّقت تشيان على هذه النتيجة: “لا يجب علينا الاستغراب من العثور على الكثير من الأشياء، لأنه كلما صغر حجمها كلما زاد عددها”، فالتقديرات السابقة أحصت فقط الجزيئات الأكبر حجمًا التي وجدها العلماء، إلّا أنهم اكتشفوا أن الجزيئات الأصغر تُشكّل تقريبًا 90% من الجزئيات البلاستيكية المكتشفة.
تكمن المخاوف من هذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة في تأثيرها طويل المدى، لأنها تتراكم في أنسجة الجسم المختلفة، من الدماغ إلى المشيمة، إضافةً إلى أنها جاذب قوي للمتطفلين الضارين مثل البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، ومثبطات الحرائق (التي تستخدم لتقليل اشتعال البلاستيك)، والفثالات (أملاح وإسترات حمض الفثاليك المستخدمة لزيادة مرونة البلاستيك)، مما يساعدها على الوصول إلى أنسجتنا الأكثر حساسية.
إن تقنية التصوير هذه قادرة على تحديد التجمعات السامة مباشرة، والتعرف عليها باستخدام الخوارزميات الكيميائية المناسبة. كما تأمل تشيان وزملاؤها كشف التفاعلات بين هذه الجزيئات وأنسجتنا البيولوجية.
وختم العلماء بحثهم بقولهم: “يزوّدنا استخدام تقنية التصوير الأحادي للجزيئات، التي تتميز بحساسيتها للجزيئات النانوية ونوعيتها للجزيئات البلاستيكية بمعلومات مفيدة لمعالجة القلق المتزايد بخصوص سميتها”.
نُشر هذا البحث في PNAS – مجلة أبحاث الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية.
- ترجمة: لبنى العموري
- تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
- المصادر: 1