ربما اكتشفنا كيف تعطّل السمنة عمل الميتوكوندريا

كشف العلماء عن تفاصيل غير مسبوقة كيف أن السمنة تؤثّر في الميتوكوندريا لدى الفئران مسببةً تجزئة وحدات الطاقة الخلوية إلى أقسام صغيرة.

لأنها تلعب دورًا أساسيًا في توليد الطاقة، تشتهر الميتكوندريا باسم «بيت الطاقة الخلوي». مع ذلك، ولأسباب مجهولة، يختلف العمل العضوي لهذه العضيات لدى الناس الذين يعانون من السمنة.

فبينما يعد تأذّي الميتكوندريا حدثًا سيئًا في الغالب، إلا أنّه من غير الواضح كيف يؤثر ذلك على السمنة، أو كيف يُحدث مشاكل صحية إضافية.

في دراسة جديدة، وجد فريق من الباحثين العالميين أنه عند تغذية الفئران نظامًا غذائيًا عالي الدهون فإن الميتكوندريا في خلايا الفئران الدهنية تقسمت إلى أجزاء صغيرة مما سبب انخفاض القدرة على حرق تلك الدهون.

كما اكتشفوا أن هذه العملية يسيطر عليها جين واحد، فعند تجربة حذف هذا الجين وُجد أن الفئران لم يزد وزنها حتى عندما وُضعت تحت نظام غذائي مماثل عالي الدهون.

يقول آلان سالتيل عالم الأحياء الخلوية في جامعة كاليفورنيا: «يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول السعرات الحرارية إلى زيادة الوزن، كما قد يسبب خللًا في عمليات التمثيل الغذائي ما يؤدي إلى انخفاض حرق الدهون جاعلًا السمنة أسوء مما هي عليه. ووجود الجين الذي حدّدناه سابقًا يعتبر جزءًا مهمًا من عملية التحول من الوزن الصحي إلى السمنة».

في السنوات ال 50 الماضية، تضاعفت معدلات السمنة العالمية ثلاث مرات تقريبًا محدثةً أزمة صحية عامة على مستوى العالم. فبالإضافة للتأثيرات المباشرة، تسبب السمنة أيضًا مضاعفات صحية خطيرة تشمل السكري، أمراض القلب، والسرطان وغيرها.

السمنة هي التراكم المفرط للدهون في الجسم، حيث تُخزّن هذه الدهون في الأنسجة الدهنية. وقد لاحظ العالم سالتيل وفريقه بأن هذه الأنسجة الشحمية لها دور أساسي في الجسم ميكانيكي واستقلابي، مثل توسيد وحماية الأعضاء، وإرسال جزيئات الإشارات الخلوية.

على الرغم من ذلك، يمكن أن تصبح هذه الخلايا الدهنية أقل فعالية في حرق الطاقة لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من السمنة، مما يُصعّب عملية خسارة الوزن. وتبقى أصول هذا الشذوذ الاستقلابي غامضة، الأمر الذي يحفّز الفريق للتعمّق في الدراسات للحصول على الإجابات.

لقد ربطت دراستهم العلاقة بين النظام الغذائي عالي الدهون وتفتت الميتكوندريا في الخلايا الدهنية لدى الفئران، مما يؤدي لتكون أجزاء صغيرة منها لا تستطيع حرق الدهون بشكل فعّال. كما أنها وجدت أن هذه العملية يُسيْطَر عليها بواسطة جزيء يدعى RaIA.

وقد لاحظ الباحثون أن عمل RaIA متعدد الأدوار، وأحد هذه الأدوار هو تكسير الميتكوندريا عندما تتعطل. لكن عندما يتزايد نشاط RaIA فإن ذلك قد يسبب تداخلًا مع العمل المنتظم للميتكوندريا، مما يسبب حدوث خلل استقلابي.

يقول سالتيل: «كخلاصة، يلعب التنشيط المزمن لل RaIA دورًا رئيسيًا في الحد من هدر الطاقة في الأنسجة الدهنية السمينة».

ويضيف: «ومن خلال فهم هذه الآلية نصبح أقرب خطوة لتطوير علاجات مستهدفة تستطيع علاج زيادة الوزن والخلل الأيضي المرتبط به وذلك عن طريق زيادة حرق الدهون».

أظهر الباحثون التأثير الذي يمكن أن يحدثه ال RaIA عن طريق حذف الجين المرتبط به عند بعض الفئران، ثم إخضاعها لنظام غذائي عالي الدهون مماثلًا للذي تتناوله الفئران الأخرى التي تملك هذا الجين.

وأفاد الباحثون أن الفئران التي لا تملك الجين تجنبت زيادة الوزن الناتجة عن النظام الغذائي الذي أصاب المجموعة الشاهدة.

أجريت هذه الدراسة على الفئران، لذا سيكون هناك حاجة للمزيد من الأبحاث للتأكد من أن ذلك ينطبق على البشر.

لقد لاحظ المؤلفون أن بعض البروتينات المتأثرة ب RaIA في الفئران مشابهة لمثيلاتها البشرية والمرتبطة بالسمنة ومقاومة الإنسولين.

يقول سالتيل: «إن المقارنة المباشرة بين البيولوجيا التي اكتشفت والنتائج السريرية الحقيقية تؤكد أهمية النتائج البشرية، وتقترح بأننا قد نتمكن من المساعدة في علاج السمنة أو تجنب حدوثها عبر استهداف طريق RaIA بالعلاجات الجديدة». ويضيف: «لانزال في بداية فهم تعقيد الاستقلاب لهذا المرض، ولكن الاحتمالات المستقبلية مثيرة للاهتمام».

  • ترجمة: سنى صهيوني
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1