مفتاح مكافحة الالتهابات الفطرية كامن بداخلنا

يمكن لجزيئات السكر المعقدة التي تسمى الجليكانات أن تساعد في علاج بعض أصعب أنواع العدوى.

قد تهيمن الفيروسات الوبائية والجراثيم البكتيرية الخارقة على العناوين الرئيسية، ولكنها ليست التهديدات الوحيدة الموجودة للأمراض المعدية، فهناك تهديدات أخرى آخذة في الارتفاع.

لقد تجاوزت حالات العدوى الفطرية حدودها الجغرافية المعتادة، وازدادت في المستشفيات وغيرها من الأماكن. وكما أشارت مارين ماكينا من مجلة Scientific American، ليس لدينا حاليًا الكثير من الحلول ضدها.

إذ من الصعب للغاية التغلب على الالتهابات الفطرية، حتى مع الطب الحديث.

لكن ربما وجد الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذين يدرسون الخميرة الشائعة Candida albicans مرشحًا فعالًا جديدًا مضادًا للفطريات، ولدينا البعض منه الآن وهو المخاط.

وبشكل أكثر تحديدًا، يبدو أن الجزيئات التي تسمى الجليكانات الموجودة في المخاط متخصصة في السيطرة على مسببات الأمراض، بما في ذلك الفطريات مثل Candidaوالبكتيريا العنقودية Staph.

تقول كاثرينا ريبيك، أستاذة الهندسة البيولوجية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي قادت فريق البحث، قد يكون المخاط في الواقع “مكتبة” واسعة النطاق من الجزيئات الصغيرة التي يمكن أن تعرقل عوامل الأمراض المعدية، وهي فقط في انتظار التعرف عليها واستخدامها.

قصة اثنين من الفطريات

يمكن ل Candidaأن تجعل نفسها في مكانها الصحيح في الجهاز الهضمي والفم والجهاز البولي والأعضاء التناسلية، وعادةً لا تثير الكثير من الضجة. ولكن أثناء العيش بسعادة في المخاط، يبقى هذا الفطر في شكل دائري وغير ضار.

وقالت ريبيك: «لا يبدو أن مسببات الأمراض هذه تسبب ضررًا للأفراد الأصحاء. فهناك شيء ما في المخاط تطور على مدى ملايين السنين، ويبدو أنه يبقي مسببات الأمراض هذه تحت السيطرة».

لكن Candidaيمكن أن تتحول في بعض الأحيان إلى شكل يسبب المرض، حيث تصبح نقاطها الدائرية اللطيفة طويلة ذات خطوط رفيعة، مسببةً مرض القلاع (القابل للعلاج) وعدوى الخميرة المهبلية. ولكن إذا وصل الشكل الممرض للفطريات إلى الأعضاء ومجرى الدم (كما يمكن أن يحدث للمرضى الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة) فإنه يتحول من غير ممتع إلى مميت بالتأكيد، مع معدلات موت للحالات تقترب بشكل مذهل من 40%.

كانت ريبيك قد اكتشفت مؤخرًا أن الميوسين، وهي البوليمرات التي تعطي المخاط طبيعته الجيلاتينية والتي تحتوي على الجليكانات، يمكن أن تمنع Candida من التحول إلى تلك الخيوط الخطيرة.

الموقف من ما تستطيع فعله الجليكانات

يتطلع البحث الجديد، الذي نشر في مجلة Nature Chemical Biology، إلى معرفة ما إذا كانت الجليكانات الصغيرة وحدها كافية لإبقاء Candidaتحت السيطرة.

لقد فصلت ريبيك وطلابها الجليكانات عن جزيئات الميوسين الأكبر حجمًا، ثم عرّضوا Candida لها.

وكانت مادة الجليكان الموجودة في لعاب الإنسان والمعدة الحيوانية والمخاط المعوي كافية لمنع Candidaأحادية الخلية من التحول إلى شكلها المسبب للمرض، والذي يطلق سمومًا ضارة ويخلق أغشية حيوية تحمي الميكروب من جهاز المناعة.

قالت جولي تاكاجي، طالبة الدكتوراه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلفة الرئيسية للدراسة: «إن معظم حالات عدوى Candida تنتج عن الأغشية الحيوية المسببة للأمراض، والتي تقاوم بشكل جوهري الجهاز المناعي المضيف والعلاجات المضادة للفطريات، مما يشكل تحديات سريرية كبيرة للعلاج».

لكن معرفة ما إذا كانت الجليكانات الفردية قادرة على إيقاف الفطريات استغرق وقتًا طويلًا. إذ من الصعب للغاية عزل الجليكان الواحد، لذلك لجأ الباحثون إلى مختبر راشيل هيفي بجامعة بازل.

وقالت هيفي: «يكاد يكون من المستحيل عزل الجليكانات الفردية من عينات المخاط باستخدام التقنيات الحالية. لذا فإن الطريقة الوحيدة لدراسة خصائص الجليكانات الفردية هي تصنيعها، الأمر الذي يتضمن إجراءات كيميائية معقدة للغاية وطويلة».

ويُعد مختبر هيفي أحد المختبرات القليلة في العالم القادرة على إجراء مثل هذه الإجراءات. لقد ركب الباحثون ستة جليكانات، بعضها أبقى الفطر تحت السيطرة وكذلك الخليط بأكمله.

وأظهر التحليل أن الجليكانات تحافظ على Cnandida في حالة جيدة من خلال التفاعل مع أكثر من 500 جينة مختلفة في الفطريات، بما في ذلك بعض الجينات المرتبطة بتكوين الأغشية الحيوية والتمثيل الغذائي.

ما التالي

ترى ريبيك وزملاؤها أن هذا الاكتشاف هو إجراء محتمل مضاد للفطريات. على سبيل المثال، يمكن أن توقف الجليكانات المستغلة عدوى Candida بشكل مباشر، أو تخففها باستخدام مضادات الفطريات الأخرى.

وهي تعمل الآن مع خبراء اكتشاف الأدوية لإيجاد طرق للاستفادة من الجليكانات، وتقوم بدراسة تأثيرها على مسببات الأمراض الأخرى.

قالت ريبيك: «نحن نتحرك عبر مسببات الأمراض المختلفة، ونتعلم كيف نستفيد من هذه المجموعة المذهلة من الجزيئات التنظيمية الطبيعية».

  • ترجمة: عبير ياسين
  • المصادر: 1