هل حقًا تتجاذب الأضداد؟

يميل الأزواج الناجحون ليكونوا متشابهين أكثر من كونهم مختلفين.

عندما بدأ كلاً من ديفيد ودانا بالمواعدة والخروج معًا انجذبا إلى بعضهم في البداية بالرغم من الاختلافات الواضحة جدًا بينهما في الشخصية، والاهتمامات، والهوايات أيضًا.

في حين كان هو خجولاً كانت هي أكثر جرأةً، كان منظمًا جدًا وكانت هي فوضوية، وبينما كانت هي نباتية لم يكن هو كذلك فقد كان يأكل اللحوم والمنتجات الحيوانية، بينما كان يحب سماع الموسيقى الكلاسيكية كانت هي تفضل موسيقى البانك أكثر.

في البداية كان هذا الاختلاف مشوقًا وجديدًا، وكانت علاقتهما تجسد حقًا المثل القديم القائل ‘تتجاذب الأضداد’، لكن على مدار عدة أشهر كانا فيها سويًا أصبحت هذه الاختلافات تشكل عائقًا أساسيًا، خاصة عندما كان يتعلق الأمر بآرائهم ومبادئهم المختلفة مما أدى لتلاشي هذه العلاقة في النهاية.

الأسطورة

ينتشر الاعتقاد السائد بأن الأضداد تتجاذب (أي أن الناس ينجذبون إلى أولئك الذين يختلفون كثيرًا عنهم فيما يتعلق بالصفات والتجارب والسمات، الشخصية).

من الصعب تحديد أساس هذه العبارة، ولكن على الرغم من ذلك فقد كان أول داعم لهذه النظرية هو عالم الاجتماع فرانسيس وينش، الذي قام بدراسة الأزواج في الخمسينيات.

ناقشت ورقته البحثية ‘نظرية الاحتياجات المكملة عند اختيار الشريك’، فكرة أننا جميعًا نبحث عن الخصائص غير الموجودة لدينا، وأن الأزواج المثالية هي الأزواج التي تكمل بعضها البعض.

كان يُعتقد فيما قبل بأنّ نظرية التكامل تجعل العلاقة أكثر أهمية وتوازنًا بين الأزواج، على سبيل المثال: يرغب الشخص الانطوائي بشريك أكثر انفتاحًا وقد يكون ذلك وسيلة للاستفادة من تأثر الشخص المنفتح عليه.

أصبح تعبير ‘تجاذب الأضداد’ شائعًا ومجازًا في الثقافة الشعبية، إذ يوافق العديد من الناس على صحة هذا التعبير وحتى أنه يشير إلى العديد من الأمثلة في حياتهم الشخصية.

إن التنوع هو طعم الحياة، بينما تحب أدمغتنا التجديد الدائم.

العلم

تكشف مجموعة من الأبحاث عن أدلة تشير على تأثير التشابه.

نحن عادةً ننجذب إلى الأشخاص الذين يشبهوننا ويشاركوننا الاهتمامات والصفات، ولكن تشير الدراسة إلى أنه في المتوسط يتشارك الأزواج بنسبة 90% في الصفات، مثل: التدين والتفكير السياسي، وحتى في نمط الحياة مثل اتباع نظام غذائي معين وما إذا كانوا يشربون ويدخنون أم لا. وكان المشاركون في هذه الدراسة متشابهين، إذ شربوا نفس كمية الماء التي يشربها شريكهم وقضوا الوقت ذاته أمام الحاسوب، كما أنهم كانوا متشابهين في العمر والعِرق والمستوى التعليمي، والأهم من ذلك أنهم تشاركوا في المعتقدات والقيم الأساسية.

وفقًا للعديد من الدراسات المختلفة نحن لا ننجذب فقط إلى الأشخاص الذين يشبهوننا، لكن هذا التشابه هو مؤشر على نجاح العلاقة على المدى الطويل، أي كالأشخاص الذين يتشاركون في العديد من الأشياء، مثل: الدين والسياسة وطرق التواصل.

هناك بعض الأدلة في الواقع التي تشير إلى أن الأضداد تتنافر خاصة عندما يتعلق الأمر بالآراء والقيم والتطلعات، على سبيل المثال: تبين أن الأشخاص الانطوائيين والمنفتحين أقل احتمالاً للاقتران سويًا.

وهذا ما يثبت خطأ نظرية الاعتقاد الشائع بأن الأشخاص الانطوائيين والمنفتحين ينجذبون إلى بعضهم البعض.

تساعدنا اليوم منصات التواصل الاجتماعي والمواقع والتطبيقات في إيجاد الأصدقاء والمواعدة والحب، وتدفعنا كلها باتجاه الأشخاص الذين يفكرون بطرق مشابهة لنا.

يمكن أن تتجاذب الأضداد

لماذا إذًا لا يزال الاعتقاد الذي عفا عنه الزمن بأن الأضداد تتجاذب منتشرًا إلى هذا الحد؟

يعود هذا إلى أن الأضداد حقًا يمكنها أن تنجذب إلى بعضها لذلك هذا التجاذب غالبًا ما يكون قصير الأمد، خاصةً إذا كانت هذه الأزواج لا تتشارك القيم ذاتها.

هذا النوع من العلاقات غالبًا ما يكون متأثرًا بالكيمياء الجسدية والفتنة العابرة والذي لا يؤدي إلى الحب.

قد تشعل الاختلافات شرارة أولية على الرغم من أن أوجه التشابه تؤدي إلى علاقات رومنسية أكثر إرضاءً واستدامة على المدى الطويل.

  • ترجمة: غزل عزام
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1