لهذا السبب، قد يتضاعف قريبًا عدد الأشخاص الذين يعانون من التعب المزمن

يؤثر التهاب الدماغ والنخاع العضلي (ME)، المعروف أيضًا باسم متلازمة التعب المزمن (CFS)، بالفعل على عشرات الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم. ولكن وفقًا لبحث جديد، قد نواجه ضعف عدد هذه الحالات في المستقبل القريب.

نُشرت دراسة لفريق من ألمانيا في مجلة الطب الباطني تقول إن التأثيرات طويلة الأمد لفيروس كورونا (COVID-19) على العديد من الأشخاص ستعني أنه يمكنهم استيفاء معايير التشخيص الخاصة بال ME/CFS. وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان فيروس كورونا الطويل الأمد ومتلازمة التعب المزمن متماثلان، إلا أنهما يشتركان في أوجه تشابه كافية، ما يعني أن أعداد حالات متلازمة التعب المزمن قد ترتفع بشكل كبير في السنوات القادمة.

سريريًا، تُصنّف حالات ME/CFS كتعب مزمن إذا استمرت لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وكذلك في حال عدم القدرة على أداء التمارين. وبرغم ذلك فإنه لغاية الآن لا توجد طريقة معتمدة لاختبار تلك الحالة وأعراضها المختلفة.

إلى أن جاءت دراسة ذات صلة من خبراء في جامعة فيينا الطبية. فقد حدّدت هذه الدراسة الثانية المؤشرات الحيوية الموجودة في الدم والتي يُمكن ربطها بمتلازمة التعب المزمن، وهي دلائل بيولوجية محدّدة يُمكن للاختبارات البحث عنها.

تقول عالمة المناعة إيفا أونترسماير إلسنهوبر من جامعة فيينا الطبية: «نرى في دراستنا أن التقييم المناعي لمرضى متلازمة التعب المزمن ذو أهمية كبيرة».

في عينة من 39 شخص بالغ، أظهرت المؤشرات الحيوية مجموعتين مختلفتين من الأشخاص الذين يعانون من ME/CFS: أصحاب الأنظمة المناعية الضعيفة، وأولئك الذين يعانون من مشاكل في بطانة الأمعاء.

رُبطت في السابق كل من هاتين المشكلتين الصحيتين بمتلازمة التعب المزمن وكوفيد طويل الأمد بدون أي استنتاجات واضحة عن طبيعة هذه العلاقة. أما في هذه الحالة، فقد أظهر المرضى الذين يعانون من نقص المناعة مستويات منخفضة من بروتين يُعرف ب C4 a, بينما كانت لدى الأشخاص الذين لا يعانون من نقص المناعة مشاكل في الأمعاء ومستويات أعلى من بروتين ربط عديد السكاريد الدهني (LBP).

وأثناء التحقيق في ME/CFS كحالة صحية، طُرحت تساؤلات عن احتمالية ارتباطه بالعدوى الفيروسية. فقد طوّر العديد من المصابين بالمتلازمة هذه الأعراض بعد تعرضهم لفايروس ما بالرغم من أنهم لا يتذكرون تحديدًا إصابتهم بالمرض مسبقًا، الأمر الذي يُشير إلى كونه سبب محتمل.

تقول أونترسماير إلسنهوبر: «يتميز المرضى الذين يعانون من نقص المناعة بتغير وظيفة المناعة الفطرية. ففي مرضى ME/CFS الذين يتمتعون بنظام مناعي سليم، تنخفض وظيفة الحاجز المعوي».

عند إجراء الاختبارات لهذه البروتينات في المستقبل، قد يفهم الخبراء بشكل أفضل بعض المشاكل المترتبة نتيجة تشخيص متلازمة التعب المزمن، وتطوير علاجات مُتخصصة للأشخاص. كما أنها قد تُمكّن الباحثين من إلقاء نظرة عن قرب على المتغيرات المختلفة لل ME/CFS: تلك التي تحفّزت بسبب ردود الأفعال الالتهابية، وتلك التي تحفّزت بسبب مشاكل ارتشاح الأمعاء.

مازال الطريق أمامنا طويلًا لفهم كيفية حدوث متلازمة التعب المزمن أو كيفية معالجتها، ولكن هناك تقدم ملحوظ. وبينما لازال فايروس كوفيد يشكل خطرًا على ملايين الأشخاص حول العالم، فإن أمراضًا كمتلازمة التعب المزمن، التي يبدو أنها تُحفّز بواسطة الفيروسات، قد تزداد سوءًا قبل أن تتحسن.

كتب الباحثون في ورقتهم العلمية المنشورة: «هناك حاجة إلى استخدام طرق الكشف الموحدة لترجمة الأبحاث بسرعة وتطبيقها في العيادات».

وأضافوا: «وهذا يضمن تحديد الأساليب الموجّهة من نتائج الاختبارات إلى تطوير العلاجات اللازمة لجعل تشخيص وعلاج ME/CFS القائم على الأدلة متاحًا للمرضى بشكل عام».

نُشر البحث في مجلة الطب السريري

  • ترجمة: سجى مبارك
  • تدقيق علمي ولغوي: عبير ياسين
  • المصادر: 1