4 طرق لتحفيز نمو الأعصاب في دماغك

يعرّف مصطلح (توليد الخلايا العصبية) بأنّه عملية تكوّن الخلايا العصبية من الخلايا الجذعية، وهو ما يحدث بشكلٍ رئيسي قبل ولادتنا – حيث نتكوّن في الرحم، ثم يكمل الجسم معظم ما نحتاجه بعد الولادة.

بعد الولادة، لا يزال من الممكن حدوث عملية توليد خلايا عصبية في جزئين من الدماغ: البصلة الشميّة (المسؤولة عن حاسّة الشّم) والحُصين (المسؤول عن الذاكرة والتصوير المكاني ومعالجة العواطف).

تثبت أبحاث من ستينيّات القرن الماضي أنّ إنشاء خلايا عصبية جديدة للبالغين هو أمرٌ ممكن، وتفسر الأبحاث الحديثة كيف ولماذا يجب علينا تعزيز نمو الخلايا العصبية الجديدة.

على الرغم من أن معظم الناس يدركون أن التقدم بالعمر أو العادات السيئة مثل تعاطي الكحول بكثرة يمكن أن تسهم في تدهور أدمغتنا، إلا أن الكثير منّا لا يفكر في كيفية توليد خلايا دماغية جديدة.

يحدث تكوين الخلايا العصبية، وهي ولادة الخلايا العصبية من الخلايا الجذعية، في الغالب قبل ولادتنا – حيث ننمو في الرحم، ونقوم بتوليد معظم ما نحتاجه بعد الولادة.

بعد الولادة، يظل تكوين الأعصاب ممكنًا في جزئين من الدماغ:

1. البصلة الشمية، وهي هيكل في الدماغ الأمامي المسؤول عن حاسة الشم.

2. الحُصين، وهو هيكل في الدماغ يقع في الفص الصدغي (فوق الأُذنين) – وهذه المنطقة مهمّة للتعلم والذاكرة وتنظيم العواطف والقدرة على تحديد المواقع المختلفة.

بالطبع، عندما ظهرت هذه المعلومات للمرة الأولى في ستينيات القرن الماضي، كان السؤال التالي الطبيعي: كيف يمكننا تعزيز تكوين الأعصاب في تلك المناطق إذ لا يزال ذلك ممكنًا؟

يعتقد الباحثون اليوم أن هناك أنشطةً يمكن القيام بها (قد تكون بعضها أشياء نقوم بها بالفعل يوميًا) يمكن أن تعزز نمو الخلايا العصبية في الدماغ.

لماذا من المهم تعزيز نمو الخلايا العصبية الجديدة في فترة البلوغ؟

نحن ننتج حوالي 700 مليون خلية عصبية في اليوم في الحُصين (أو ما يسمى قرن آمون) – هذا يعني أنه بحلول سن الخمسين، سنكون قد استبدلنا الخلايا العصبية التي وُلدنا بها في تلك المنطقة من الدماغ بخلايا جديدة (تكوّنت في فترة البلوغ).

إذا لم نعزز هذا التبادل بنمو الخلايا العصبية الجديدة، فقد نحجب بعض القدرات التي تساعدنا عليها هذه الخلايا الجديدة (مثل الحفاظ على ذاكرتنا قوية، على سبيل المثال).

الصيام المتقطّع

أجرَت دراسة قامت بها جامعة ستانفورد في عام 2015 لمعرفة العلاقة بين الصيام المتقطّع وتكوين الخلايا العصبية الجديدة. يمكن أن يؤدي تقييد السعرات الحرارية والصيام ليس فقط إلى زيادة اللدونة المِشبكيّة (أي ليونة الخلايا العصبية في أدمغتنا وأجهزتنا العصبية وقابليتها للتغيير) وتعزيز نمو الخلايا العصبية ولكن يمكن أيضًا أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض التنكسية العصبية ويعزز الوظيفة الإدراكية.

هُناك طريقتان شائعتان للصيام المتقطع:

1. صيام 16 ساعة في اليوم، كل يوم – وهذه الطريقة تتيح الأكل لمدة 8 ساعات في اليوم والصيام لمدة 16 ساعة. يبدأ العديد من الناس (صيامهم) بعد تناول العشاء، مما يؤّخر وجبة الإفطار بما يكفي نحو الغداء، وفيه تمضي معظم فترة الصيام أثناء النوم على أي حال.

2. صيام 24 ساعة كل أسبوع – وفي هذه الطريقة يكون الصيام لمدة يوم كامل مرةً في الأسبوع. بعض الناس يفضلون هذه الطريقة إذ يمكن استئناف بقية الأسبوع كالمعتاد – ولكن بالنسبة للكثيرين، هذه طريقةٌ صعبةٌ للصّيام.

السفر إلى أماكنَ جديدة

عندما يكون السفر شيئًا يستمتع به العديدُ منّا – طُرقٌ ذاتُ مناظرَ خلّابة وتجاربَ جديدةٍ مُمتعة – فإنّ هذه الأشياء تعزّز أيضًا تكوين الخلايا العصبية. يوضح بول نوسباوم، أخصائي علم النفس العصبي السريري في جامعة بيتسبرغ، أنّ الفوائدَ العقليةِ للسفر واضحةٌ جدًا.

«عندما تعرّض دماغك لبيئةٍ مبتكرةٍ ومعقّدة أو جديدةٍ وصعبة، يتفاعل الدماغ حرفيًا. تلك المواقف الجديدة والتحديات تؤدي إلى نمو التشعُّبات العصبية التي تزيد من قدرة الدماغ».

تعلُّم آلة موسيقية جديدة

دُرسَت فوائد الصحة النفسية للموسيقى على مدى فترةٍ طويلة من الزمن، ولكن هل كنت تعلم أن تعلُّم آلة موسيقية جديدة يُمكن أن يعزّز نمو الخلايا العصبية الجديدة؟

وفقًا لدراسةٍ أُجريَت في عام 2010، يعد تعلُّم العزف على آلةٍ موسيقية جديدة تجربةً حركيّةً مكثّفة وترتكز على العديد من الحواس، وتتطلّبُ اكتساب مهاراتٍ والحفاظ عليها مدى الحياة – الأمرُ الذي بالطّبع يعزز تكوينَ شبكاتٍ عصبيةٍ جديدة.

متى يكون أفضل وقتٍ لبدء تعلُّم آلةٍ موسيقية جديدة؟ الطفولة، بالطبع.

وفقًا للدراسة المذكورة أعلاه، «يُمكن أن يؤدي تعلُّم العزفَ على آلةٍ موسيقية جديدة في الطفولة إلى تغييراتٍ دائمة في تنظيم الدماغ».

في حينِ أنّ تعلُّم الآلة في البلوغ سيعزز أيضًا تكوين الخلايا العصبية، فقد أظهر الأطفال الذين بدأوا التدريب على آلةٍ موسيقية قبل سن السابعة أن الجسم الثَّفني لديهم أكبر بشكلٍ ملحوظ من الكثير من البالغين (وهي منطقة في الدماغ تسمح بالتواصل بين نِصفَيه).

قراءة الرّوايات

أظهرت دراسةٌ أُجريَت في جامعة إموري زيادةً في استمرارية الاتصال في أدمغة المشاركين بعد قراءة نفس الرواية الخيالية.

في هذه الدراسة، لُوحظ تحسّنٌ في نشاطِ الدماغ في المنطقة التي تتحكّم في الأحاسيس الجسدية والحركة. يمكن أن تنقلك قراءة رواية، وفقًا للباحث الرئيسي غريغوري بيرنس، إلى جسد البطل.

هذه القدرة على التحوّل إلى حالةٍ عقلية أُخرى هي مهارةٌ حيوية تعززُ التكوينَ العصبيّ الصحيّ في تلك المناطق من الدماغ.

  • ترجمة: عبير زبون
  • تدقيق علمي ولغوي: هنا نصري
  • المصادر: 1