ما هي النفايات الفضائية ولماذا تعتبر مشكلة؟

أشارت دراسة جديدة إلى وجود احتمال بنسبة 10% أن يُقتل شخص نتيجة سقوط نفايات الفضاء في العقد القادم.

ولكن يوجد خطوات يمكن أن تأخذها وكالات الفضاء لتقليل هذا الخطر.

إنها تبدو كشيء من الرسوم المتحركة، ينفصل جزء معدني عن الصاروخ أو القمر الصناعي، ليدخل مجدداً الغلاف الجوي، ومن ثم يهبط عامودياً إلى الأرض. إنه يضرب أي شيء يصادفه في طريقه، سواءً كان مياهً مفتوحة، مروج عشبية، أو حافلة المدينة.

تبدو الفكرة خارجة عن المألوف، لكن حطام الفضاء يُعَد مشكلة متفاقمة.

في نهاية تموز عام 2022، عاد المفجّر الإضافي للصاروخ الصيني Long March 5 B إلى الغلاف الجوي وتحطم في بحر سولو بالقرب من الفلبين. والصين ليست الوحيدة عندما يتعلّق الأمر بإنتاج النفايات الفضائية المحتمل أن تكون خطرة. إن الانتشار العالمي المتواصل للأقمار الصناعية يعني أن هناك الآن المزيد من الأجسام التي صنعها الإنسان في الفضاء أكثر من أي وقتٍ مضى، ويتنبأ بحث جديد فيما يتعلّق بوجود احتمال مقتل شخص ما بسبب سقوط الحطام الفضائي في العقد المقبل.

كيف يكون الهواء هناك؟

الفضاء الخارجي يسبح في النفايات: يوجد مئات الآلاف لأجزاء صغيرة أصغر من 0.4 بوصة (مايعادل 1 سم) التي عادت إلى الغلاف الجوي وسقطت باتجاه الأرض.

يقول ‘مارلون سورج Marlon Sorge’ المدير التنفيذي لمركز دراسات الحطام المداري والعائد إلى الأرض التابع لمؤسسة الفضاء الجوي، لعلم الفلك: “ينتج هذا الحطام أمطارًا متواصلة من الأجسام التي تعود إلى الأرض ولا نتعقبها، إنها تعود إلى جميع أنحاء الأرض، وذلك لأن هذا الحطام صغير جداً، وحتى لو وصل إلى سطح الأرض، فإنه لا يشكل خطراً على الأشخاص الموجودين على الأرض ولن يلاحظه أحد”.

ومع ذلك، فإن القطع الأكبر من الحطام تعود إلى الغلاف الجوي بشكل منتظم.

يدخل طن واحد من حطام الفضاء إلى الغلاف الجوي كل أسبوع، ولكن يركز Sorge على أن المعدل متوسط، مما يعني أنه قد تكون هناك أشهر من عدم النشاط تليها عدة أجسام كبيرة تعود إلى غلافنا الجوي خلال فترة قصيرة من الزمن.

ومع ذلك، فإن مجرد دخول جسم ما إلى الغلاف الجوي لا يعني أنه سينطلق بسرعة باتجاه سطح الأرض.

تتعقب قاعدة بيانات الحطام في الفضاء الجوي النفايات الفضائية، ويقول Sorge أنّ ما يعادل 60% من النفايات الفضائية تتفكك أثناء عودتها إلى الأرض.

ومن بين الأجسام التي تنجح في اختراق الغلاف الجوي، يتساقط معظمها في المحيط بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان. ولكن في الحقيقية، هناك المزيد من الحطام الفضائي في الغلاف الجوي أكثر من أي وقت مضى.

على سبيل المثال: في عام 2021 أكثر من 1900 جسم فضائي سُجِّل لأول مرة في مؤشر الأجسام الفضائية التابع للأمم المتحدة. ومعظم هذه الأجسام الفضائية عبارة عن أقمار صناعية، يتم استخدامها بشكل متزايد للاتصالات وتتبع الطقس.

ولحسن الحظ، أصبحت الأقمار الصناعية الآن أصغر مما كانت عليه في الماضي، ويقول Sorge: “إنها مصممة لإنتاج كميات أقل من الحطام الفضائي”.

لكن الكمية الغير محدودة من الأقمار الصناعية الموجودة في المدار تعني ضرورة معالجة مشكلة الحطام الفضائي.

ما هي احتمالات التعرض للقتل من قِبل النفايات الفضائية؟

في دراسة أجريت عام 2022 في مجلة Nature Astronomy، سعى فريق من الباحثين في جامعة كولومبيا البريطانية لاكتشاف ذلك.

استعانوا بقاعدة بيانات مفتوحة تسجل معلومات حول الأجسام التي لا تزال في المدار، وكذلك تلك التي خرجت عن مدارها وعادت إلى الغلاف الجوي، ووجدوا أنه خلال العقود الثلاثة الماضية، عاد أكثر من 1500 جسم صاروخي إلى غلافنا الجوي، وكان معظمها -أكثر من 70%- عبارة عن عمليات إعادة دخول غير مُتحكَّم بها.

ثم حسب الفريق احتمالية عودة أحد هذه الأجسام الصاروخية إلى الغلاف الجوي -مثلما فعل صاروخ Long March 5 B الصيني مؤخراً- وضرب شخصًا ما بالفعل. واستنتجوا أنه على مدار العقد المقبل، هناك احتمال بنسبة 10% لوقوع ضحايا بسبب سقوط مثل هذا الحطام الفضائي.

يقول آرون بولي Aaron Boley، أستاذ بجامعة كولومبيا البريطانية وأحد مؤلفي الدراسة: “تخميناتنا متحفظة، ربما يكون الأمر أسوأ من ذلك”.

النفايات الفضائية: التنبؤ بما لا يمكن التنبؤ به

لم يتأكد العلماء بشكلٍ كامل من كيفية عودة قطعة من النفايات الفضائية إلى الغلاف الجوي، أو المسار الذي ستتخذه. إذ تتدحرج هذه الأشياء، مما يعني أن مقذوفاتها ليست معروفة تماماً للأشخاص الذين يتتبعونها. ويمكن للتغيرات في الغلاف الجوي أن تغير مقاومة الهواء التي تواجهها.

يقول Boley: “المشكلة هي أنك لا تعرف أين سيعود إلى مداره حتى مدار أو اثنين قبل أن يدخل مرة أخرى، يمكنك إجراء أفضل قياساتك على الإطلاق، ولكن الحقيقة هي أن لديك هذا الجسم الذي يتشقلب”.

قد يكون المسار الذي يسلكه الجسم أثناء عودته إلى الغلاف الجوي غير قابل للتنبؤ به، ولكن يقول العلماء إنّ عمليات إعادة الدخول غير المنضبطة هذه يمكن التعامل معها بشكل أفضل أو تجنبها تمامًا. على سبيل المثال، تم تصميم بعض الأجزاء لكسر المفجّر الإضافي للصواريخ، ويجد الباحثون أن مساراتها يمكن توجيهها إلى مناطق أقل ازدحامًا بالسكان.

فحصت دراسة نُشرت عام 2021 في مجلة Advances in Space Research نماذج إعادة الدخول لتحديد كيفية تقليل مخاطر الإصابات من خلال النظر في المدار الذي يتبعه الجسم عند عودته إلى الغلاف الجوي لأول مرة.

تقول Inna Sharf، الأستاذة في جامعة McGill في مونتريال وأحد مؤلفي الدراسة: “يعتمد مكان سقوط الحطام إلى حد كبير على المدار الذي كان عليه في بداية إعادة الدخول”.

تشمل العوامل المدارية المهمة مدى دائرية المدار ومكان تقاطعه مع المستوى الاستوائي للأرض.

وأضافت Sharf: “في ورقتنا، كان أحد الأشياء التي أوضحناها هو إعطاء الحطام دفعة صغيرة ولكن في الوقت المناسب، على سبيل المثال عن طريق إطلاق محرك دفع على الحطام لفترة قصيرة جدًا، يمكننا بسهولة التأثير على مكان سقوط الحطام على الأرض”.

انظر فيما يلي

حاليًا، لا يسقط الحطام الفضائي بالتساوي على كوكبنا. ويعد نصف الكرة الجنوبي أكثر عرضة لخطر سقوط الحطام، على الرغم من أن بلدان نصف الكرة الشمالي تتحمل مسؤولية أكبر عن الحطام.

يقول Boley: “إن العديد من الدول تتبع هذه الممارسة، ليس فقط بالتخلي عن صواريخها في المدار، ولكن أيضاً في الحصول على إعفاءات عندما لا تفي عمليات إطلاق الصواريخ الفردية بإرشاداتها الخاصة”.

على سبيل المثال، تنازلت معظم عمليات إطلاق الصواريخ الأمريكية في العقود القليلة الماضية عن متطلبات إعادة الدخول الخاضعة للرقابة.

يقول بولي: “إن هذا الموقف المتراخي يرجع إلى انخفاض خطر الإصابة نسبياً، الأمر الذي جعل منظمات الفضاء راضية عن اتخاذ الاحتياطات المناسبة”.

ولكن مع شعور المنظمات الفضائية حول العالم بالرضا عن النفس، يحذر بولي من كون المشكلة قد تفاقمت، ويقول: “إنها ليست مجرد دولة واحدة، إنها مشكلة تراكمية، لدينا فكرة أن إطلاق الصواريخ الفردية له عتبة منخفضة، ولكن التأثير التراكمي لكل ذلك ليس صغيرًا على الإطلاق”.

يمكن لوكالات الفضاء أن تبذل المزيد من الجهود لتقليل كمية الحطام الفضائي الذي يعود إلى الغلاف الجوي. ويمكن الآن تصميم الصواريخ بمحركات قابلة لإعادة الاشتعال تسمح بوضعها بطريقة يمكن التحكم فيها. يقول Boley: “إن هذا يعني أن المركبة الفضائية يمكنها إلقاء المفجّر الإضافي للصاروخ فوق نقطة نيمو على سبيل المثال، وهي البقعة الأبعد عن الأرض في المحيط”.

من المؤكد أن التحكم في إعادة الدخول أو تصميم مفجّر إضافي للصواريخ ينكسر قبل دخوله الغلاف الجوي، ويتطلب وقتًا وجهدًا ومالًا إضافيًا. لكن يقول Boley: “إن وكالات الفضاء، بما فيها الولايات المتحدة، بحاجة إلى التوقف عن منح نفسها إعفاءات تحد من قيمة الاحتياطات المدروسة. بالإضافة إلى أن وضع معايير عالمية يمكن أن يساعد في جعل الدول الأخرى على نفس النهج. وبينما نتوسع في الفضاء، علينا أن ندرك أن هناك حاجة إلى تعاون واسع النطاق، وهناك آثار بالنسبة لبقية العالم يجب أن تؤخذ في الاعتبار”.

  • ترجمة: حلا عمران
  • تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
  • المصادر: 1