تشير دراسة الى أن الحمض النووي لإنسان الدينسوفان قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والفصام
تشير دراسة حديثة الى أن الحمض النووي الموروث من إنسان الدينسوفان (مجموعة من البشر القدماء الذين عاشوا في العصور الحجرية القديمة في مناطق شمال شرق أفريقيا وشرق آسيا قبل نحو 50 إلى 100 ألف سنة) قد يزيد من خطر إصابة الانسان المعاصر بالاضطرابات العصبية النفسية، ولكن من الضروري إجراء المزيد من الدراسات.
بعض المتغيرات الجينية الموروثة من أحد أقرب أسلافنا المنقرضة الدينسوفان، قد يجعل حاملي تلك الجينات أكثر عرضة للإصابة باضطرابات عصبية نفسية مثل الاكتئاب والفُصام.
هاجر الانسان المعاصر من أفريقيا 60 ألف سنة تقريبًا ثم تزاوج مع الدينسوفان في آسيا. وكنتيجة لذلك، يمكن العثور على الحمض النووي الخاص بإنسان الدينسوفان لدى بعض الأشخاص في هذا الوقت، حيث يُشّكل نحو 4-6% من المادة الوراثية لسكان غينيا الجديدة وجزيرة بوغانفيل، و0.02% من المادة الوراثية للآسيويين الأصليين والأمريكيين الأصليين.
تشير الأبحاث المنشورة في 25 سبتمبر/أيلول في مجلة PLOS Genetics إلى أن الانسان المعاصر خارج أفريقيا لديه تنوع في جين يسمى SLC30 A9 ورثه من الدينسوفان. يُشفر هذا الجين لبروتين ميتوكوندري ZnT9، الذي ينظم نقل الزنك والاستقلاب الخلوي.
أثناء عملية الاستقلاب هذه تنتج حرارة لذلك من المحتمل أن يكون لمتغير SLC30 A9 المُنتقى دور في مساعدة الأسلاف على تحمل البيئات الباردة في الماضي.
إلّا أن اضطراب تنظيم الزنك هو سمة ضارة مرتبطة بعدة اضطرابات عصبية كالاكتئاب والفُصام. وأكد مؤلفو الدراسة أن إيجابيات هذه الفرضية وسلبياتها لاتزال محض تكهنات في المرحلة الحالية.
وأخبر إد هولوكس أستاذ علم الوراثة في جامعة ليستر في المملكة المتحدة، الذي لم يشارك في الدراسة ببريد الكتروني أرسله إلى Live Science: “قدمت خلاصة الدراسة رابطة مثيرة للاهتمام بين فرضية الانتقاء الطبيعي لهذا المتغير وعلاقته بآلية استقلاب الزنك”.
لقد حدد المؤلفون المتغير SLC30 A9 عبر الفحص الدقيق للبيانات الجينية من 26 سلالة بشرية مسجلة في مشروع الألف جينوم ومقارنة النتائج مع جينوم إنسان الدينيسوفان وجينوم ثلاثة من النياندرتال، وهما أقرب أقرباءنا المنقرضين. وركّز الفريق على تشابه وحيد -نسخة SLC30 A9- بين إنسان الدينيسوفان والإنسان الحديث، والتي بقيت في جينومنا مع الوقت وبدا أنها كانت سمة مفيدة انتُخبت خلال التطور.
صرح الكاتب المشارك في الدراسة، روبن فيسنتي، الأستاذ المشارك في الفيزيولوجيا الجزيئية في جامعة بومبيو فابرا في إسبانيا: “لاحظنا أن المتغير يزيد مقاومة الشبكة الاندوبلازمية (شبكة غشائية تسهل حركة البروتينات والجزيئات الأخرى ضمن الخلية) والميتوكوندريا لمستويات الزنك المرتفعة مما يؤثر على درجة إثارة الجهاز العصبي ووظائفه”.
فعلى سبيل المثال، يُفرز الزنك بشكلٍ طبيعي عندما تنشر مجموعة فرعية من الخلايا العصبية المثارة المعروفة بالخلايا العصبية الجلوتاماترجية (هي نوع من الخلايا العصبية التي تستخدم الغلوتامات كناقل عصبي رئيسي) رسائل عبر الجهاز العصبي. إلّا أنه وفقًا لما قاله فيسنتي “يُعيق المستوى المرتفع من الزنك هذه العملية، ولكن بطريقة ما كانت الطفرة SLC30 A9 قادرة على” تخفيف هذا التأثير “في خلايا الإنسان والفأر في المختبر”.
وليس من الواضح بعد كيفية تأثير هذا المتغير على الدماغ، كما تعتبر الحالات العصبية والنفسية معقدة للغاية، وتشمل العديد من الجينات والعوامل البيئية.
قالت إيلينا بوش فوستي، الكاتبة المشاركة في الدراسة والأستاذة المشاركة في علم وراثة السكان التطورية في جامعة بومبيو فابرا فيرنيسيتات (UPF): “هذا المتغير هو واحد من عدة متغيرات تزيد من احتمال إصابة الشخص بالأمراض العصبية النفسية، إلّا أنه ليس الوحيد الذي يسبب هذه الأمراض”.
لقد درس الفريق جينوم إنسان دينيسوفان واحد فقط، لذا، قال بوش فوستي أنه يمكن العثور على الطفرة في إنسان النياندرتال أيضًا إذا فُحصت عينات أكثر.
ويتطلع الفريق مستقبلًا إلى اختبار فرضيتهم في نماذج الحيوانات واستكشاف دور ZnT9 في الجهاز العصبي بشكلٍ أعمق. وسيكون من المثير للاهتمام أيضًا إجراء دراسات على الأشخاص الذين يظهرون أشكالاً أخرى من التغيرات في جين SLC30 A9 لمعرفة ما إذا كانوا أكثر أو أقل حساسية للبرد، وفقًا لما قاله بوش فوستي.
- ترجمة: وداد عنتر
- تدقيق علمي ولغوي: عهد محروقة
- المصادر: 1