كيف يعزز أسلوب اللعب مشاركة الموظفين

تكمن المسؤولية الأساسية لكل مدير في تحفيز موظفيه وإشراكهم. وذلك لأن الموظفين المنعزلين يظهرون إنتاجية أقل ونسبة تغيّب أعلى. ولزيادة مشاركة الموظفين، تشتمل الأساليب التقليدية على منح العمال مزيدًا من الاستقلالية، وشعورًا أكبر بالانتماء والغرض، وفرص نمو إضافية. ومع ذلك، وصل عدم ارتباط الموظفين بمكان العمل إلى أعلى مستوى له منذ تسع سنوات في عام 2022 في الولايات المتحدة، إذ أبلغ ما يقرب من ثلاثة أرباع الموظفين عن عدم ارتباطهم بمكان العمل.

وفي ضوء الصعوبات في الحفاظ على مشاركة الموظفين، بدأت بعض الشركات في استكشاف أساليب بديلة مصمّمة لتوليد الإثارة. فعلى سبيل المثال، في عام 2018، استبدلت شركة يونايتد إيرلاينز برنامجًا يمنح مكافآت ربع سنوية صغيرة لجميع الموظفين ببرنامج يُدخل كل موظف يتمتع بحضور ربع سنوي مثالي في يانصيب ذي جوائز ضخمة معروضة. ومع ذلك، تمرّد الموظفون على الفور وأُزيل برنامج اليانصيب بسرعة.

فهل كان تقديم “اللعب” في شركة يونايتد إيرلاينز فكرة معيبة بطبيعتها، أم أن رد الفعل العنيف كان بسبب سوء التنفيذ؟ نحن نعتقد أنه الأخير.

إن هدفنا في هذا المقال هو تسليط الضوء على أحدث الأبحاث في العلوم السلوكية لمساعدة المديرين على دمج عناصر اللعب دمجًا فعّالًا في أماكن عملهم. فنحن نركّز على برامج مكافآت الموظفين لأن التعويضات والمزايا هي أهم عامل يأخذه الأفراد في الاعتبار عند البحث عن وظائف جديدة، وأيضًا لأننا نعتقد أنها طريقة غير مستغلة لتعزيز مشاركة الموظفين.

إطلاق العنان لقوة اللعب

يأخذ التلعيب جوهر الألعاب (التي تشمل المتعة، واللعب، والقواعد، وعدم اليقين، والتحدي) ويطبّقه على سياقات غير متعلقة باللعب. وهناك الكثير من آليات اللعب التي يمكن الاعتماد عليها مثل: الأهداف المتعلقة بما يجب القيام به، والنقاط التي تتتبّع التقدم، والتغذية الراجعة حول كيفية تأثير الإجراءات على التقدم، والشارات التي تشير إلى الإنجازات، ولوحات المتصدرين التي تكشف عن المكانة النسبية مقابل المنافسين.

ويمكن أن يعزّز التلعيب المشاركة لأن آلياته تعمل على تنشيط ثلاثة عناصر أساسية لنظام التحفيز لدينا. أولًا، نحتاج إلى الشعور بالاستقلالية، وهي الرغبة في توجيه حياتنا؛ إذ تتيح لنا الألعاب القدرة على اختيار المسار. ثانيًا، نحتاج إلى الشعور بالكفاءة، وهي الرغبة في أن نكون فعّالين بوضوح. وتتيح لنا الألعاب تجربة التقدم نحو الإتقان. ثالثًا، نحتاج إلى الشعور بالارتباط، وهو الرغبة في التواصل مع الآخرين؛ إذ تتيح لنا الألعاب العمل مع الآخرين وضدهم، وتبني مجتمعًا حول اهتمامات مشتركة.

لقد بدأت عملية التلعيب تجد طريقها بالفعل إلى المؤسسات لتحفيز الموظفين، لا سيما في سياق التدريب. ومن المتوقع أن ينمو حجم سوق التلعيب سنويًا بنسبة 27.4% بين عامي 2020 و2025. وعلى الرغم من أنه لا يزال غير شائع نسبيًا، إلا أن هناك بعض الأمثلة الممتازة للتنفيذ الناجح لبرامج التعويضات القائمة على اللعب. ففي وكالة التأمين Ansay & Associates، يحصل أصحاب الأداء المتميز على فرصة لإدارة “دولاب النجاح” ويحصل كل موظف على جائزة خاصة. وفي عام 2019، سمحت أوبر للسائقين الحاصلين على البطاقة البلاتينية أو الأفضل بالحصول على تذاكر لكل رحلة مكتملة في اليانصيب والتي تقدم جائزة قدرها 5,000 دولار. وفي شركة Southwest Airlines، يمكن للموظفين مكافأة الموظفين الآخرين ب “Kick Tails”، التي تصبح بمثابة تذاكر لليانصيب الشهري.

ويعد التعويض المستند إلى الأداء وسيلة أخرى يمكن استخدام أسلوب اللعب من خلالها. فإذا حُفّز الموظفون للعمل بسبب برنامج الحوافز الخاص بهم، فقد يكونون أقل عرضة للانسحاب والبحث عن وظائف جديدة. وإذا حصل التنفيذ جيدًا، يمكن أن يعالج التلعيب اثنين من القيود الرئيسية لبرامج الحوافز التقليدية. أولًا، تعد البرامج التقليدية مملة، على سبيل المثال، بيع عدد معين من الأدوات في شهر واحد للحصول على مكافأة. ويمكن لمعظم الموظفين التنبؤ بالنتيجة. ثانيًا، من غير المرجح أن يُحفّز الموظفون ذوي الأداء المنخفض من خلال مثل هذه البرامج لأنهم لا يتوقعون الحصول على الكثير من الأجور على أساس الأداء. ووفقًا لاستبيان التلعيب في العمل لعام 2019، قال 89% من الموظفين إنهم سيكونون أكثر إنتاجية إذا كان عملهم أكثر ميلًا إلى اللعب. وقررنا أن نُخضِع هذه النتيجة للتجربة.

المكافآت الاحتمالية تزيد من التحفيز

في بحث حديث، صغنا برنامج مكافآت احتمالية ل “يانصيب واحد” من خلال الجمع بين عناصر اللعبة المتمثلة في السعي وراء الهدف وإيجاد حل لعدم اليقين، والتي ثبت أن كل منها يؤثر إيجابًا على التحفيز والأداء في الأبحاث السابقة، وإن كان ذلك في سياقات مختلفة تمامًا. وبموجب هذا البرنامج، كان أداء العامل مرتبطًا بتراكم تذاكر اليانصيب في اليانصيب الشخصي الخاص به، الأمر الذي يؤدي إلى الفوز بجائزة كبرى معتدلة كمكافأة. وعلى سبيل المثال، يمكنهم لعب اليانصيب مع فرصة إضافية بنسبة 20% للفوز بمبلغ 100 دولار لإنشاء 10 أدوات. أما في دراستنا، فبدلًا من إنشاء أدوات، مُنِح العمال تذاكر لحل مسائل رياضية أثناء وجودهم تحت ضغط الوقت. كانت إحدى السمات الرئيسية لهذا البرنامج هي أنه يمكن للعمال تجميع جميع تذاكر اليانصيب المتاحة وبالتالي ضمان الفوز بالجائزة الكبرى. وقد نجح بعض أصحاب الأداء العالي في فعل ذلك من خلال إكمال 24 مسألة رياضية من أصل 30 بنجاح.

ثم قارنّا برنامج اليانصيب الفردي ببرامج المكافآت التقليدية وبرامج المكافآت الاحتمالية الأخرى عبر مجموعة من سبع دراسات أُجريت على إجمالي 455 طالبًا جامعيًا مشاركًا في إنجلترا وأستراليا و1,431 عاملًا أمريكيًا عُيّنوا من سوق العمل الجماعي عبر الإنترنت. وقد تضمنت هذه البرامج الأخرى مبلغًا إجماليًا (على سبيل المثال، احصل على 500 دولار أمريكي إذا أنشأت 50 أداة)، ومعدل القِطَع (على سبيل المثال، احصل على 20 دولارًا إضافيًا لإنشاء 10 أدوات)، واليانصيب المتعدد (على سبيل المثال، العب يانصيب جديد، كل منها له فرصة 20% للفوز ب 100 دولار مقابل إنشاء 10 أدوات). لقد وجدنا أن برنامج اليانصيب الفردي أدى إلى زيادة تحفيز العمال وأدائهم مقارنةً بالبرامج الأخرى، وكان فعّالًا خصوصًا للعمال ذوي الأداء المنخفض.

تسخير إمكانات المكافآت الاحتمالية

يجب على المديرين الذين يتطلعون إلى إشراك الموظفين وتحسين الأداء أن يفكروا بجدية في دمج المكافآت الاحتمالية ضمن برنامج حوافز الأجور المرتبطة بالأداء. ولتجنب كارثة يونايتد إيرلاينز، وتقليد النجاح الذي حققته شركة ساوثويست إيرلاينز بطريقة أوثق، يجب تصميم البرنامج بعناية لإدارة التوقعات وتجنب انتهاك الثقة. لذلك نوصي بالإرشادات التالية التي يجب مراعاتها عند تصميم إستراتيجية اللعب الخاصة بك وتنفيذها:

أولًا، إن برنامج المكافآت الاحتمالي الذي لا يستطيع قياس أداء الموظف بدقة محكوم عليه بالفشل. لذا يكون البرنامج أكثر ملاءمة عندما تكون مخرجات الموظف مستقلة، وسهلة التقسيم إلى أهداف فرعية، ورخيصة الثمن وسهلة القياس بطريقة موضوعية.

ثانيًا، إن برنامج المكافآت الاحتمالي الذي يُفسّر على أنه خسارة سيؤدي إلى انتفاضة. لا ينبغي أن يحل البرنامج محل برنامج المكافآت الحالي، لا سيما البرنامج الذي يمكن التنبؤ به لدرجة أن الموظفين يتوقعونه بالفعل، ولكن يجب أن يكون جديدًا تمامًا أو مبنيًا على برنامج موجود.

ثالثًا، إن برنامج المكافآت الاحتمالي الذي يعد مجحفًا سيؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج عكسية. ويجب أن يقدم البرنامج مكافآت فردية متكررة ومتواضعة ويجب أن تكون الإدارة شفافة إلى حد إظهار العلاقة القوية بين الأداء الأفضل والمزيد من المكافآت على المدى الطويل.

إن الاستفادة بفعّالية من اللعب في مكان العمل، ربما من خلال دمج برنامج مكافآت احتمالية مصمم جيدًا، يمكن أن يعزّز مشاركة الموظفين. وهذا النهج، الذي يوفّر الاستقلالية، ويسهّل الكفاءة، ويعزّز المجتمع، يعالج الحاجة الماسة إلى استراتيجيات مشاركة أكثر ديناميكية وشمولية في الإدارة الحديثة.

  • ترجمة: عبير ياسين
  • تدقيق علمي ولغوي: رنا حسن السوقي
  • المصادر: 1