تطور متحور فيروسي جديد عند المصاب بفيروس كورونا
أبلغ العلماء للتو عن أطول فترة عدوى معروفة لكوفيد-19 حسب اعتقادهم، وهذا يحمل تحذيرًا لنا جميعًا.
تصف الحالة التي أبلغ عنها اختصاصيو الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة أمستردام في هولندا رجلًا توفى بعد أن بلغ 72 من العمر، وكان يعاني من نقص المناعة ثم أصيب بكوفيد 19 لمدة 613 يومًا وهي فترة طويلة تطور فيها الفيروس إلى فيروس جديد مقاوم للمناعة داخل الجسم.
تلقى الرجل عدة لقاحات ضد فيروس كورونا لكن جهازه المناعي فشل في تكوين استجابة وقائية كافية وهذا ما يحدث غالبًا عند كبار السن والأفراد الذين يعانون من نقص المناعة.
إنه تذكير جيد لسبب استفادتنا جميعًا من حماية بعضنا البعض من فيروس كورونا وغيره من الالتهابات الفيروسية، وخاصة أولئك الذين يعانون من ضعف المناعة.
يتعرض الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة لخطر الإصابة بمرض شديد بسبب كوفيد-19 كما يزيد احتمال دخولهم المستشفى بما يصل إلى 13 مرة حتى بعد تلقيهم اللقاح الثلاثي.
وكما تُظهر هذه الحالة، فإن الجهاز المناعي الذي أضعفه المرض أو قمعه العلاج يكافح أيضًا للتخلص من العدوى الموجودة.
زرعَ الرجل سابقًا خلايا جذعية، ثم أصيب بسرطان الغدد اللمفاوية فيما بعد مما تطلب علاجًا دمر الخلايا البيضاء المسؤولة عن إنتاج الأجسام المضادة للفيروس.
وقالت ماجدة فيرغوي Magda Vergouwe طالبة الطب في المركز الطبي بجامعة أمستردام وزملاؤها في بيانٍ لهم: «مدة الإصابة ب SARS-CoV-2 في هذه الحالة الموصوفة طويلة، لكن العدوى الطويلة لدى المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة أكثر شيوعًا مقارنة بالعامة».
سوف تقدم فيرغوي وفريقها هذه الحالة في المؤتمر العالمي للجمعية الأوروبية لعلم الأحياء الدقيقة السريرية والأمراض المعدية لعام 2024 في وقت لاحق من هذا الشهر، لكن بتفاصيل أقل مقارنة بالتقارير السابقة عن عدوى فيروس كورونا التي استمرت مئات الأيام نظرًا لأن النتائج التي توصلوا إليها لم تتم مراجعتها بعد.
تمكن الأطباء في تلك الحالات من اختيار العلاج المناسب للمرضى بناءً على المتغير المحدد ل SARS-CoV-2 لديهم والذي أُكِّدَ من خلال التسلسل الجيني المتكرر للفيروس. تجنب الأطباء في بعض أنواع العدوى علاجات الأجسام المضادة التي جعلها المتحور الجديد غير فعالة مما ساعد مرضاهم في نهاية المطاف على التخلص من الفيروس.
لم يكن الرجل في هذه الحالة محظوظًا جدًا إذ توفي في أكتوبر 2023 بعد حوالي 20 شهرًا من إصابته بكوفيد-19، ولكن ليس بسبب الفيروس بل بسبب عودة سرطان الغدد اللمفاوية لديه.
كشفت المراقبة الجينومية الدورية أن الرجل أصيب في البداية في فبراير 2022 بالمتحور Omicron BA. 1.17 ولكن تحور هذا الفيروس في غضون أسابيع من العلاج ليصبح مقاومًا للعلاج بالأجسام المضادة (السوتروفيماب sotrovimab).
عرفنا أن هذا الفيروس يتهرب من الجهاز المناعي ويفشل العلاجات بشكل أبطأ بكثير من الأنفلونزا وذلك منذ أن بدأ العلماء لأول مرة في رسم التسلسل الجيني لمتحورات SARS-CoV-2 المختلفة.
أظهر التسلسل الجينومي ل 27 مسحة من الأنف والحنجرة جُمِعت بين فبراير 2022 وسبتمبر 2023 أن فيروس الرجل راكم 50 طفرة إضافية مقارنة بمتغيرات Omicron BA. 1 المنتشرة في ذلك الوقت. وشمل ذلك حذف أحد طرفي بروتين SARS-CoV-2، مما يشير إلى أن الفيروس يمكن أن يفلت من الجهاز المناعي.
وكتبت فيرغوي في ملخص حالتهم: «تسلط هذه الحالة الضوء على خطر استمرار عدوى SARS-CoV-2 لدى الأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة إذ قد تظهر متحورات فريدة من نوعها بسبب التطور المكثف داخل المضيف. نؤكد على أهمية استمرار المراقبة الجينومية لتطور SARS-CoV-2 لدى الأفراد الذين يعانون ضعف المناعة، وأيضًا ممّن يعانون التهابات مستمرة نظرًا إلى التهديد المحتمل للصحة العامة المتمثل في إدخال المتحورات الفيروسية إلى المجتمع».
وقال الباحثون أنه لم يُوثَّق أو يُلاحَظ أي انتقال للسلالة شديدة التحور من الرجل إلى المجتمع.
حدث انتقال للعدوى المتحورة في عدد قليل من الحالات الأخرى وذلك وفقًا لطبيب الأمراض المعدية جاكوب ليميو الذي يعمل في مستشفى ماساتشوستس العام، والذي نشر دراسة في وقت سابق تبحث في العدوى المستمرة عند أكثر من 50 شخصًا يعانون من ضعف المناعة.
ووجد ليميو وزملاؤه مجموعةً من مخاطر الإصابة بكوفيد-19 بين الأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، إذ يستغرق أولئك الذين يتلقون علاجات مثبطة للمناعة لسرطانات الدم أو زراعة الأعضاء وقتًا أطول للتخلص من الفيروس.
وقال ليميو لأخبار الولاية عندما نُشرت الدراسة في علوم الطب الترجمي في يناير: «من المهم حقًا محاولة تحديد أفضل الطرق لعلاج العدوى عند المرضى المصابين باستمرار لكي يتمكنوا من التحسن، ويُقضى على خطر انتقال العدوى».
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما لا يعرفه الباحثون عن أفضل الطرق لعلاج الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة والمصابين بكوفيد 19 وخاصة المصابين بالعدوى المزمنة.
- ترجمة: مجد علي
- تدقيق علمي ولغوي: روان نيوف
- المصادر: 1